يواجه لبنان اليوم إضافة الى الأزمة الاقتصادية والاوضاع المتوتّرة التي يمرّ بها نتيجة الحرب على الجنوب أزمة من نوع آخر، وكأنّه مكتوب على هذا البلد ألاّ ينعم بالاستقرار والهدوء، هي عملياً أزمة إشاعات تُطلق فتصبح "تراند" وقد تتسبّب بضرر كبير على الصحة النفسية للناس.

نعم، قد يكون ما حصل مع صحيفة "التلغراف" مثلا أو غيرها مجرّد أخبار كاذبة وإشاعات، ولكن من يدري إذا كان المقصود منها إعطاء مبرّر لهجوم أو إخافة الناس وزرع التوتّر بغية القضاء على الموسم السياحي، الذي ولولا الحرب لكان يفترض أن يكون واعداً وواعدا جدا الى حدّ أن البعض إعتبر أنه قد يكون شبيهاً بالعام 2009.

"التأثير النفسي للاشاعات كبير وهو يزيد القلق عند الناس لأن غالبا من يتلقاها هم الذين يواجهون صعوبة بالتمييز بين الحقيقة والمعلومات المغلوطة". هذا ما تؤكده المعالجة النفسية نضال صادق، لافتة عبر "النشرة" الى أنه "من هنا عندما تنشر اشاعات عن اوضاع اقتصاديّة وأمنيّة قد يزيد هذا الأمر من مشاعر الاحباط واليأس بين الناس".

وأعطت نضال صادق مثالا عن ذلك أنه "إذا قالوا أنه لن نجد الطحين يتهافت الجميع على الافران لشراء الخبز وهكذا تحدث أزمة فعليّة، بمعنى آخر هناك أغراض اقتصاديّة خلف نشر هذه الاشاعات"، ذهبت صادق أبعد من ذلك، لتشير الى أننا "عندما نسمع عن وجود مثلا تهديدات في المطار هذا كله يزيد الرعب والتوتر ويدفع المواطن الى أن يكون عاجزا ولا يدري كيف يتصرف"، مؤكدة أنه "يخفف الوعي لديه ويصبح مرتبكاً، من هنا مهم جدا أن نعزّز الوعي وان يكون لدينا الاعلام الواضح والصريح، لا ان يساعد على نشر الاشاعات، ويجب أن يكون لدينا توعية حول كيفية تأثير الاشاعات على الصحة النفسيّة وكيفية التعامل معها".

إذا، نعرف كمّ أنّ الاشاعات تنتشر بسرعة، خصوصا بوجود "السوشال ميديا". وتلفت صادق الى أن "الاخبار تنتقل من "الغروب" عبر "الواتساب" أو من شخص الى آخر ويمكن أن تكون صحيحة أو كاذبة ويمكن أن تكون عن الأوضاع الامنية أو الاقتصادية أو الازمات الصحية"، معتبرة أنه "وبمكان ما هي استغلال للناس خصوصا عندما لا نكون متأكدين منها، والهدف كلّه هو زرع الخوف بين بعضنا البعض".

الكلام عن وجود أسلحة في المطار ليس بخبر سهل على اللبنانيين، خصوصا في ظل الاعتداءات الاسرائيلية والموسم السياحي الّذي لا يزال في بدايته. والسؤال الأهمّ "كيف تأثرت الحجوزات بهذه الاخبار"؟ الحقيقة هي حتى الساعة وبالارقام لم تتأثّر. هذا ما يؤكده رئيس جهاز المطار فادي الحسن لـ"النشرة"، مشيرا الى أنّه "يومياً يحضر الى لبنان ما بين 13 الى 14 ألف راكب وعادةً في هذا الوقت لا تكون أكثر من ذلك"، لافتًا الى أنه "إذا قارنّا مع السنة الماضية نجدها ذاتها"، وتوقّع "قدوم مغتربين من مختلف الدول".

في المحصّلة حرب الاشاعات خطرة وهي مقصودة والمطلوب من الجميع أن يكونوا على قدر من المسؤوليّة عند بث الأخبار وألاّ ينساقوا خلفها...