في زيارة هي الثانية له الى الولايات المتحدة الأميركية منذ بدء الحرب على غزة، كان لوزير الحرب الاسرائيلي يوآف غالانت لقاءات عديدة تركزت بمجملها على امرين اثنين، الأول يتعلق بضرورة وجود خطة عمل لليوم التالي للحرب على غزة، والثاني يتعلق بالجبهة الشمالية لإسرائيل، أي الجبهة المشتعلة مع حزب الله.

في الشق الأول يبدو أن الإدارة الأميركية باتت تعوّل على غالانت لكفّ يد رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو، كونه من نفس الحزب الذي ينتمي اليه وهو حزب الليكود، فبعد أن وصلت العلاقات بين نتانياهو والرئيس الأميركي جو بايدن الى أسوأ أحوالها، أصبحت الإدارة الاميركية في وضع حرج للغاية على أبواب انتخابات رئاسية ستكون صعبة للغاية، لذلك يبدو بحسب مصادر متابعة أن الاميركيين أصبحوا بحاجة الى التخلص من رئيس حكومة العدو بعد أن اتخذ الأخير خياره بالوقوف الى جانب دونالد ترامب، بوجه جو بايدن.

كذلك هناك خشية لدى إدارة بايدن من موعد الخطاب المفترض لنتانياهو أمام الكونغرس الاميركي في 24 تموز المقبل، حيث تخشى أن يستغل رئيس حكومة اسرائيل هذا الخطاب ليشن حملة بوجه بايدن وإدارته على خلفية التباطؤ في تسليم الأسلحة، وهي الحملة التي بدأها نتانياهو منذ فترة وتسببت بخلافات كبيرة بينه وبين بايدن، على أن يكون الخطاب دعماً انتخابياً أو جزءاً من الحملة الانتخابية لترامب، وهو ما سيترك بايدن بموقع سيء للغاية، لذلك تُشير المصادر الى أن الاميركيين يعلمون أن أمامهم أسابيع حاسمة لتحقيق واحدا من هذه الحلول، فإما يتمكنوا من إسقاط حكومة نتانياهو من الداخل، وإما يُقنعوه بضرورة وقف الحرب والانتقال الى عملية سياسية.

بالمقابل يُدرك ريس الحكومة الاسرائيلي هذا الواقع ويسعى لعكسه، فهو يحاول تمرير شهر تموز والوصول الى مرحلة ما بعد الخطاب ليخفّف قدر الإمكان من الضغط الأميركي عليه، على أن يستمر بحربه ولو بوتيرة أخفّ في غزة وأعلى بعض الشيء في لبنان الى حين موعد الانتخابات الاميركية في تشرين الثاني المقبل.

من هذا المنطلق تؤكد الإدارة الأميركيّة أنّها غير راغبة بتصعيد الصراع في لبنان، وهو الأمر الثاني الذي تم بحثه مع وزير الحرب الاسرائيلي في الولايات المتحدة الاميركية، حيث تُشير المصادر الى أن غالانت كان واقعياً خلال مقاربته لأي حرب مقبلة مع لبنان، على عكس كل الاحاديث الصحافية التي تُوجه الى الجمهور، فالوزير يُدرك أنها ستكون كارثية على بلاده، وانها ستتحول الى حرب إقليمية، وهو الأمر الذي كان وزير الدفاع الاميركي جاداً بإبلاغه الى غالانت.

كل الوقائع تُشير الى أن نيّة الإدارة الأميركيّة إنهاء الحرب، ولكنها بالطبع غير راغبة بأن تنتهي بهزيمة اسرائيل، بل بهزيمة نتانياهو، وهناك فارق كبير بين الأمرين، بينما الأخير لا يُريد لها أن تنتهي لضمان مستقبله السياسي، ومن هنا كان الحديث عن شهر حساس في تموز، حيث هناك عمليّة شدّ حبال كبيرة بين الاميركيين والاسرائيليين من جهة، وحزب الله من جهة أخرى، فلمن ستكون الغلبة؟.