على وقع الزيارة الأخيرة لأمين سرّ دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين إلى لبنان، لفتت صحيفة "الجمهوريّة" إلى أنّ "الاوساط تترقب مساعي الفاتيكان لدى عواصم القرار لمساعدة لبنان على الخروج من ازمته، وذلك في ضوء زيارة بارولين للبنان. وكان قد التقى قبل مغادرته علناً او بعيداً من الأضواء، عدداً من الشخصيات السياسية في السفارة البابوية من بينها، رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، النائب ميشال معوض، والنائب السابق فارس سعيد. كذلك التقى رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة على رأس وفد من "لجنة متابعة تنفيذ إعلانات الأزهر ووثيقة الأخوة الإنسانية".

وأوضح السنيورة لـ"الجمهورية"، أنّ "الوفد سلّم الكاردينال وثيقة عرضت رؤيتنا لكيفية استمرار لبنان بلداً للعيش المشترك، في وقت تخلّت دول كثيرة عن هذه الفكرة وذهبت نحو التشدّد، ولكيفية عدم انحراف لبنان نحو دعوات الفيدرالية والتقسيم والانقسام وما الى ذلك".

وأشار إلى "أنّنا ركّزنا على انّ على البعض ينبغي الّا يكون مهجوساً بالعدد، فمشكلة العدد في لبنان ديموغرافية لا حل لها، انما يجب ان يكون مهجوساً بالدور الاساسي والفعّال في البلد، والاخوة المسيحيون قادرون على ذلك"، مبيّنًا أنّ "الكاردينال بارولين استمع بإنصات وتركيز، وأيّد ما قلناه لجهة الحفاظ على لبنان بلد التنوع والعيش الواحد، واكّد لنا انّ الفاتيكان يواصل العمل والضغط من اجل عدم انجرار لبنان الى حرب واسعة ليبقى بلداً متماسكاً موحّداً قائماً على مبدأ العيش المشترك".

وركّز السنيورة على انّه استشف من الحديث أنّ "موضوع رئاسة الجمهورية غير ناضج وغير جاهز بعد، بسبب الانقسامات القائمة، وان لا حلول سريعة للمواجهات في جبهة الجنوب".

الجامعة العربية: حزب الله ليس منظّمة إرهابية

في السّياق، علمت صحيفة "الأخبار" أنّ "هدف زيارة بارولين في أساسها تتعلق بالملف الرئاسي وبالخلاف المسيحي- المسيحي، وصولاً إلى غياب المسيحيين عن المشهد في لبنان، وهو دعا في الدرجة الأولى إلى "حوار بين المكوّنات المسيحية"، كما دعا هؤلاء إلى "الحوار مع كل الجهات الأخرى في البلد، وتحديداً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وعدم اتخاذ مواقف تدميرية لمستقبل المسيحيين، خصوصاً أن الخطر كبير في ظل ما يحصل في المنطقة". ورأى بارولين أن "المسيحيين غير مقدّرين لحجم الخطر، ولا يجب أن يُقصوا أنفسهم وينعزلوا عن الآخرين".

من جهة ثانية، شدّدت مصادر مطّلعة للصّحيفة، تعليقًا على لقاء الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكي مع رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، على أنّ "للقاء أهمية كبيرة في الشكل، باعتبار أن زكي يتحدّث باسم الجامعة المعروف من هي الدول الأكثر نفوذاً فيها، وهذا تقدّم مهم".

أما في المضمون، فقد كشفت المصادر أن "زكي أبلغ "حزب الله" أن الجامعة قرّرت إزالة التصنيف الإرهابي عنه، وهي تعتقد أن له دوره الكبير في مستقبل لبنان". كما دعا إلى تعجيل الانتخابات الرئاسية، مشيراً إلى صعوبة انتخاب أيّ من المرشحين المعروفين، ومعتبراً أن "الحل هو في الاتفاق على الحل الثالث".

وأفادت بأنّه "بينما لم يعلّق النائب رعد على مسألة تصنيف الحزب، كرّر في الملف الرئاسي الموقف الداعم لرئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، مع التأكيد على الانفتاح على أي بحث، لكنّ الفريق الآخر يرفض الحوار".

وفي السياق، علمت "الأخبار" أن "رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل سيزور عين التينة الإثنين، حاملاً معه مقترحاً حول مبدأ التشاور والحوار حول الرئاسة".

الجامعة عند حزب الله

بدورها، رأت مصادر مطلعة أنّ "زيارة زكي لرعد تعكس انفراج العلاقات بين "حزب الله" والجامعة العربية، كانعكاس طبيعي للتقارب السعودي- السوري والخليجي- الايراني، وهي تؤسس لمرحلة جديدة".

الأميركيون لا يمانعون انتخابات رئاسية محلية

على صعيد متّصل، ركّزت "الأخبار" على أنّ "في موازاة الانصراف الى مواكبة احتمالات التصعيد الإسرائيلي، لا يزال هناك مكان للكلام عن الملف الرئاسي في لبنان، استناداً الى تقاطع معلومات لبنانية وأميركية. ففي ظل انشغال الولايات المتحدة بالعمل على منع امتداد الحرب الى لبنان، تبدو مقاربة ملف الرئاسة في لبنان جدّية ليس لناحية الفراغ فحسب، وإنما ضمن مقاربة شاملة لوضع لبنان ومستقبله".

وأوضحت أنّ "بحسب معلومات على صلة بمسؤولين عن ملف لبنان في واشنطن، فإن الأميركيين يكررون أنهم لا يمانعون لبننة الاستحقاق الرئاسي مهما كانت الظروف الحالية. وهذا الكلام سبق أن قيل قبل حرب غزة، حين كان هناك إصرار لبناني على إدخال ملف الرئاسة في بازار فرنسي- أوروبي- سعودي- أميركي- قطري، من خلال اتصالات ولقاءات وطروحات متشابكة ساهمت في نهاية الأمر في استمرار الفراغ الرئاسي".

قراءة أمنية ودبلوماسية

في هذه الاجواء، وتزامناً مع الحراك الدبلوماسي في اتجاه لبنان على اكثر من مستوى وزاري او الموفدين الرئاسيين، أكّدت مراجع امنية ودبلوماسية لبنانية عبر "الجمهورية"، أنّ "معظم البيانات التي صدرت لا تعطي أي انطباع بأنّ هناك مخاطر امنية غير عادية في لبنان، وان الالتزام بقواعد الاشتباك القائمة ما زالت سارية المفعول، وليس هناك من معلومات دقيقة لدى أصحاب هذه البيانات".

وذكرت أنّ "بعضاً من هذه الدول لفتت الى ضرورة ان يغادر مواطنوها او عدم السفر الى لبنان، فيما كان المسؤولون الكبار منهم في بيروت قبل ايام، يتحدثون عن اقتناع اسرائيلي ولبناني بعدم القيام بأي عمل عسكري خارج ما هو قائم منذ السابع والثامن من تشرين الأول الماضي على سبيل المثال".

وأضافت المراجع: "هذا عدا عن التأكيد الذي دأب عليه المسؤولون الأميركيون من أنّ الخيارات الدبلوماسية والسياسية ما زالت متقدّمة على اي خيار عسكري آخر، وعدا عن الشروط المفروضة على إسرائيل بعدم تسليمها انواعاً متعددة من الاسلحة الصاروخية الثقيلة؛ التي يمكن ان تستخدمها إسرائيل في مناطق سكنية ومدنية سواءً في غزة والضفة أو في لبنان".

وعبّرت عن اقتناعها بأنّ "الاتصالات المكثفة التي أُجريت في الساعات القليلة الماضية، اظهرت انّ هناك فوارق كبيرة بين شكل التحذيرات الدولية ومضمونها"، لافتةً الى انّ "اولى الدعوات التي أُطلقت من الكويت مثلاً ليست جديدة، فهي الدولة الخليجية التي ما زالت تنصح مواطنيها بعدم زيارة لبنان ما لم يكن في مهمّة محدّدة لا يمكن تأجيلها، بعدما ظهر واضحاً انّ هناك دولاً خليجية اخرى تحرم على مواطنيها التوجّه الى لبنان".

وأفادت بأنّ "السعودية والإمارات من هذه الدول التي تتعاون مع الكويت ودول مجلس التعاون، منذ ان فرضت اشكالاً من العقوبات المحدودة على التجارة اللبنانية والصناعات الزراعية، بعد اكتشاف انّ مصدر شبكات تهريب الكبتاغون والممنوعات الأخرى مصدرها الموانئ البحرية والجوية والبرية اللبنانية، التي شكّلت معبراً سهلاً للمخدرات المصنّعة في سوريا".

كما رأت المراجع أنّ بيان السفير الروسي الذي جاء رداً على تسريب "التحذير الروسي الجديد"، "جاء اقسى من مضمون البيان التحذيري لمواطنيه، وانّ اشارته الى انّ هذا البيان قديم وعمره أكثر من سنة، وهو ما زال ساري المفعول، وهو ما يمكن ترجمته بأنّه التحذير الأقسى من نظرائه، لأنّه سابق للتطورات الاخيرة وما زال ساري المفعول. وانّ ما خفّف من وطأته قوله حرفياً: "نقول لمواطنينا أن لا يأتوا إلى لبنان قبل هدوء الساحة الجنوبية، وإلى الرعايا الموجودين تركنا لهم الخيار بالبقاء أو المغادرة".