أشارت صحيفة "الأخبار" إلى أنّ "زيارة السفير الألماني كورت جورج شتوكل شتيلفريد، يرافقه وفد من السّفارة، إلى الناعمة لتفقّد عمليات إخلاء "الجبهة الشعبيّة- القيادة العامّة" لعقارات في الناعمة وحارتها، خرجت عن سياق الأعراف الدبلوماسيّة، خصوصاً بعدما تقصّدت السفارة تسريب خبر الزيارة الأولى من نوعها إلى أحد المواقع الإلكترونيّة".
ولفتت إلى أنّ "الزيارة طرحت الكثير من علامات الاستفهام حول سببها، والدور الأمني الملتبس للسفارة في هذا الإطار، وكيفيّة موافقة مديريّة المخابرات في الجيش على هذا الأمر، خصوصاً أنّ لهذه المناطق خصوصيتها الأمنية، ويُمنع على أي كان دخولها من دون الاستحصال على موافقة من الجيش".
وعلمت "الأخبار" من مصادر أمنية، أنّ "الزيارة استمرت نحو ساعة، بحجة اطّلاع شتيلفريد على عمل المجموعة الاستشاريّة للألغام "MAG" التي تعمل على مسح المناطق المحيطة بالأنفاق، وتنظيفها من الألغام تحت إشراف المركز اللبناني للأعمال المتعلّقة بالألغام".
وذكرت مصادر الصحيفة، أنّ "قادة من "القيادة العامّة" كانوا حاضرين وقت الزيارة، لكنهم لم يبدوا رفضهم لها لعدم إثارة الاستفزاز، بعدما نجحت السفارة في الاستحصال على موافقة المخابرات. علماً أن لا دور للسفارة الألمانيّة في عمل الشركة الألمانيّة باعتبارها شركة غير حكوميّة، وإن كان تمويل المشروع حكومياً".
وأفادت الصّحيفة بأنّه "بعدما أثار هذا الخبر استياء سياسياً، عادت السفارة الألمانيّة لتصدر بياناً معدّلاً، أشارت فيه إلى أن سبب الزيارة هو تفقّد عمل "MAG"، من دون ذكر تفقّد العقارات التي أخلتها القيادة العامّة".
مواقف الراعي لا تزال "قيد التدقيق" شيعياً... ولا قطيعة مع بكركي
على صعيد منفصل، أكّدت اوساط واسعة الاطلاع على العلاقة بين "حزب الله" وبكركي، أنّ "الموقف الاخير للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال عظة قداس الاحد، التي طالب خلالها برئيس جمهورية يعنى بـ"تطبيق القرار 1559 ونزع السلاح وتنفيذ القرار 1701 وتحييد لبنان، وألّا يعود لبنان منطلقا لأعمال إرهابيّة تزعزع أمن المنطقة واستقرارها"، هو الاقسى على الإطلاق، ومن شأنه ان يترك "ندبة" في جسد العلاقة "الحذرة" اصلاً بين بكركي وحارة حريك".
وبيّنت أن "حزب الله الذي لم يعلّق علناً، ولم يصدر موقفاً من مواقف الراعي، من الطبيعي انه يدرس الموقف بتأن ويدرس خلفياته ومضمونه وتوقيته، خصوصاً ان الراعي ليس شخصية سياسية او شخصية مارونية طامحة الى الرئاسة، وليست في موقع سياسي طامحة الى وظيفة او مقام معين في البلد، فهو بطريرك وله حيثيته وتمثيله ورأس لكنيسة كبيرة ووازنة؛ وتربطها علاقات مع المقاومة و"حزب الله" والطائفة الشيعية. فلماذا يصدر موقفاً مماثلاً؟".
وأشارت الاوساط الى "حصول لقاءات كثيرة في الايام الماضية، ومعظمها من شخصيات مسيحية سياسية ودينية وحزبية التقت "حزب الله"، وناقشت معه مواقف البطريرك الراعي، التي لم تترك ارتياحاً لدى القوى المسيحية التي تربطها علاقات بالحزب الله".
وأوضحت أنّ "مواقف الراعي وفق زوار "حزب الله"، منقسمة بين فريق يؤكد ان مواقف البطريرك ليست موجهة الى "حزب الله" وان لها ابعادا داخلية مسيحية، وفريق آخر يقول انها مواقف موجهة الى الموفد الفاتيكاني، لا سيما ان الراعي ليس على علاقة جيدة حالياً بالفاتيكان، وهناك مطالبات مسيحية بتغييره؛ وبين فريق يرى انها "زلة لسان فاضحة وواضحة".
كما لفتت إلى أنّ "اسئلة كثيرة تدور بين "حزب الله" وحلفائه المسيحيين حول مواقف الراعي وتوقيت صدورها والهدف منها، لا سيما ان البطريرك لم يوضح موقفه اعلامياً، ومن هو الفريق الذي يقوم باعمال ارهابية في لبنان؟ وهل يقصد حزب الله او فريق آخر؟ كما لم يرسل اي توضيحات لـ"حزب الله"، رغم وجود تواصل دائم بين الحزب وبكركي".
وشدّد الاوساط على ان "رغم المطبات الكثيرة التي مرت بها العلاقة بين "حزب الله" والبطريرك، لم تمنع من استكمال العلاقة الشيعية مع بكركي ومرجعيتها، حيث لم يكن هناك يوماً قطيعة بين الحزب وبكركي او المكون الشيعي وبكركي. وهو الامر الذي ينسحب اليوم على العلاقة بين "حزب الله" والراعي، حيث كان هناك تحضير لخطوة منذ ايام فرملتها مواقف عظة الاحد، وقد تعود لتبصر النور في مرحلة لاحقة، بعد ان تهدأ الامور وتتوضح الملابسات".
تركيا تتحرّى "التعاطف السنّي" مع حزب الله
من جهة ثانية، أكّدت أوساط متابعة لصيحفة "الأخبار"، أن "هناك متابعة تركية حثيثة للمزاج الشعبي في الشارع السني في لبنان، بعد التحوّل الكبير الذي شهده عقب "طوفان الأقصى" وفتح "حزب الله" جبهة إسناد لقطاع غزة، انطلاقاً من تخوّفٍ تركي بأن تزعزع الحرب الجهود التركية التي بُذلت في السنوات الماضية، على صعيد الاستثمار في الجماعات والتيارات الإسلامية في لبنان".
وأفادت الصّحيفة بأنّ "ذلك يترافق مع استياء في الأوساط الشعبية السنية، تحديداً في مناطق شمال لبنان، من المواقف التركية الاستعراضية من الحرب على غزة، بعدما كانت التوقّعات بإقدامِ أنقرة على قطع العلاقات مع إسرائيل أو وقف التبادل التجاري معها، ما هشّم صورة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كـ"قائد للسنّة وكراعٍ إقليمي لهم".
وأوضحت المصادر أن "وزارة الخارجية التركية وجهاز الاستخبارات يتابعان هذه التحولات عن كثب، ويجمعان المعطيات حول ما إذا كان هذا التحوّل مرحلياً، أم ستكون له تداعيات مستقبلية"، مركّزةً على أنّ "المسؤولين في الخارجية التركية لا يفوّتون فرصة لطرح أسئلة عن أحوال الشارع السني، ربطاً بانخراط "حزب الله" في المعركة إلى جانب الفلسطينيين، ومشاركة "قوات الفجر" في القتال إلى جانبه".
وذكرت أنّ "في اللقاءات التي يعقدونها في لبنان أو في إسطنبول مع فاعلين على الساحة السنية، يحضر النقاش حول ما إذا كان الدعم السني الشعبي لـ"حزب الله" في معركته الراهنة، يمهّد لنوع من التقارب المستقبلي، أو يؤسّس لحضور أكبر للحزب في المناطق ذات الأغلبية السنية"، بخلاف ما كان عليه الوضع قبل "طوفان الأقصى".
كشفت المعطيات، بحسب "الأخبار"، أنّ "الأتراك بدأوا النقاش في الأمر في نيسان الفائت مع شخصيات، مثل النائب عن "الجماعة الإسلامية" عماد الحوت، على هامش مشاركته في مؤتمر "رابطة: برلمانيون لأجل القدس"، حيث دار نقاش مطوّل معه حول تموضع "الجماعة" والعلاقة مع الحزب، واحتمالات تطوّرها في المستقبل إلى تحالف سياسي".
وأضافت: "تكرّر الأمر مع الأمين العام السابق للجماعة عزّام الأيوبي، الذي شارك في اجتماعات "ملتقى العدالة والديمقراطية" في إسطنبول. وعلى هامش اجتماعات "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" في أيار، التقى مسؤولون أتراك مجموعة من رجال الدين السنّة، في محاولةٍ لاستشراف طبيعة العلاقة التي قد تنشأ مع الحزب، وهل التماهي الحالي مرحلي أم استراتيجي".