مع استمرار تأرجُح الوضع في جنوب لبنان بين خيار توسع الحرب او استمرارها في اطار المواجهات القائمة، الى حين بلورة الحل على جبهتي غزة ولبنان، علمت صحيفة "الديار" من مصادر دبلوماسية مطلعة، أنّ "الموفد الاميركي آموس هوكشتاين، بعد فشل جولته الاخيرة بين بيروت وتل ابيب، يولي اهتماما للزيارة التي سيقوم بها لباريس الاسبوع المقبل، وان هناك تركيزا من الجانبين على التنسيق فيما بينهما، لبلورة اطار مشترك لحل سياسي للوضع المتفجر بين لبنان وإسرائيل".

وأشارت المصادر إلى أنّ "هناك تعديلا جديدا لمبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن، وان ما عرضه هوكشتاين في زيارته الاخيرة مرشح لهذا التعديل، وان هناك محاولة لمقاربة فرنسية- اميركية مشتركة لمشروع الحل، لكن عودته الى المنطقة تعتمد بالدرجة الاولى على تغيير ايجابي في شأن مصير الحلول المطروحة في غزة". ووصفت الاسبوعين او الثلاثة المقبلة بانها "مهمة على صعيد بلورة المشهد المتعلق بالوضع في غزة والجنوب، لا سيما بعد فشل محاولة فصل المسارين".

الملف الرئاسي: "الخماسية" تتحرّك قريباً

أمّا في شأن الملف الرئاسي، فقد علمت "الديار" من مصادر مطلعة، أن "اللجنة الخماسية في صدد استئناف تحركها ومسعاها قريبا خلال اسبوع او عشرة ايام على الاكثر، بعد انتهاء المهلة التي كانت حددتها (نهاية حزيران) لتحقيق تقدم حاسم باتجاه انتخاب رئيس الجمهورية"، ولا تتأمل المصادر "اي نتائج مُرتقبة".

ولفتت إلى أن "تصريح السفير السعودي وليد البخاري بعد زيارة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، وتأكيده ان عمل اللجنة لم يتوقف، جاء تمهيدا لهذا التحرك"، مبيّنةً أنّ "هناك رغبة لدى كل اعضاء اللجنة بالحضور بقوة مجددا لتحريك الملف الرئاسي، خصوصا في ضوء التحركات المحلية الاخيرة، لا سيما مسعى كتلة "اللقاء الديمقراطي" ومسعى رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل".

واعتبرت المصادر أنّ "من السابق لاوانه القول ان تحرك اللجنة هذه المرة سيكون مقرونا بطروحات جديدة، لكنها ستنطلق من النقطة التي انتهت اليها في السابق، ومن بيانها الاخير وردود الافعال عليه، خصوصا ان بعض ما ورد فيه حمل التباسات معينة؛ مع الاخذ بالاعتبار مبدأ التشاور الذي يساعد في العبور الى جلسة انتخاب الرئيس".

السفير الفرنسي: حسم الملف الرئاسي ضروري جدا

في هذا المجال، علمت "الديار" أن "السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو اكد خلال لقائه مع لجنة الشؤون الخارجية النيابية يوم الخميس الماضي، "أننا نرى ان حسم ملف رئاسة الجمهورية امر ضروري جدا ولا يجب ربطه بحرب غزة، وان على اللبنانيين ان يعملوا لحل هذه الازمة وكيف يمكن انتخاب الرئيس، ونحن من جهتنا في اللجنة الخماسية اكدنا ونؤكد استعدادنا للمساعدة في هذا المجال؛ لكن الحل هو بايدي اللبنانيين".

وأفادت بأنّه "كرر القول للنواب، إن انتخاب رئيس الجمهورية امر ملح وضروري جدا. ولفت الى "اننا لا نريد ان يتطور الوضع في الجنوب اللبناني، وان فرنسا مهتمة جدا بهذا الموضوع، ونحن نقوم بحركة ناشطة ومكثفة في هذا الاتجاه".

ابو فهد قريباً في بيروت

إلى ذلك، علمت "الديار" ان "الموفد القطري ابو فهد سيزور بيروت قريبا وربما الاسبوع المقبل، وانه في صدد التحرك على مسألتين: الملف الرئاسي وما يمكن القيام به لاحداث خرق جدي باتجاه انتخاب رئيس الجمهورية، والوضع في الجنوب وسبل تفادي اتساع رقعة الحرب".

تحرك باسيل لتوسيع الضغط للتشاور وانتخاب الرئيس

في السياق، علمت "الديار" أن "باسيل سيستأنف حراكه ومسعاه الاسبوع المقبل"، وذكرت مصادر مطلعة انه "سيزور رئيس مجلس النواب نبيه بري مطلع الاسبوع المقبل".

وأوضح مصدر نيابي في "التيار الوطني الحر" للصحيفة، أن "ما يقوم به باسيل كما هو معلوم ليس مبادرة، وانما هو مسعى لتكوين ضغط واسع من اجل التشاور، ثم عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية"، مركّزًا على أنّ "هذا المسعى والضغط يأخذ بالاعتبار التواصل مع "اللجنة الخماسية"، والعمل مع القوى والكتل الاخرى: "اللقاء الديمقراطي"، "الاعتدال الوطني"، ونواب مستقلين ومن "التغييريين" والمعارضين. وطبعا اولا واخيرا مع بري الذي يبقى المحور الاساسي في هذا الموضوع".

تراجع الاهتمام الدولي بلبنان يُدخل انتخاب الرئيس في "غيبوبة"

على صعيد متّصل، أكّد مصدر بارز في "اللجنة الخماسية" لصحيفة "الشرق الأوسط"، أن "كل المبادرات لن تحقق الأهداف المرجوة منها، ما لم يتعاون اللبنانيون لإنقاذ الاستحقاق الرئاسي"، محذّرًا من "تراجع الاهتمام الدولي بلبنان، لانشغال عدد من الدول المعنية بمساعدته باستحقاقاتها وهمومها الداخلية، ما يرفع المخاوف من دخول انتخاب الرئيس في "غيبوبة" سياسية".

ولفت إلى أنّ "السفراء لم يقرروا حتى الساعة طبيعة الخطوة التالية لمعاودة تحركهم، وإن لم يكن هناك ما يمنع لقاءاتهم بالقوى السياسية"، نافياً ما يتردد عن "وجود تباين بين السفراء الأعضاء في اللجنة"، مشدّدًا على أن "التنسيق بينهم هو الآن على أكمل وجه، وأن كل ما يشاع بخلاف ذلك من قبل البعض، يأتي في سياق ترويج الشائعات لرمي المسؤولية على السفراء، لتبرئة ذمتهم من تهمة تأخير إنجاز الاستحقاق الرئاسي، رغم أن أصحاب هذه الشائعات يعرفون جيداً أن السفراء لم يتدخّلوا في أسماء المرشحين؛ لأن القرار يعود للنواب بتسهيل انتخاب الرئيس الذي هو في صلب صلاحياتهم".

ورأى المصدر نفسه أن "هناك صعوبة في استقدام الدعم الدولي والعربي لإخراج الاستحقاق الرئاسي من الدوران في حلقة مفرغة، ما لم يبادر النواب إلى مساعدة أنفسهم بتلاقيهم في منتصف الطريق، وإلا فإن تقطيع الوقت لملء الفراغ الرئاسي سيرتد سلباً على الوضع الداخلي، الذي يكفيه تراكم الأزمات الذي ما زالت مستعصية على الحل، والمفتوحة على الوضع المشتعل في جنوب لبنان، في ظل تصاعد المواجهة بين "حزب الله" وإسرائيل التي تنذر بتوسعة الحرب، ما لم تنجح الوساطات الدولية والضغوط الأميركية في السيطرة على الوضع ومنعه من التفلُّت؛ شرط وقف النار على الجبهة الغزاوية لينسحب فوراً على جنوب لبنان".

وكرر تحذيره من "التكلفة المترتبة على لبنان، مع انشغال الولايات المتحدة الأميركية في انتخاباتها الرئاسية أسوة بانشغال فرنسا وبريطانيا في انتخاباتها النيابية، واحتمال تبدل المشهد السياسي في إيران، في ضوء ما ستسفر عنه انتخاباتها الرئاسية في دورتها الثانية، لتعذُّر فوز أحد المرشحين في دورة الانتخاب الأولى".

كما جزم أنّ "الكرة الآن في مرمى الكتل النيابية، المدعوة للتخلي عن شروطها والدخول في تسوية تؤدي لتسهيل انتخاب الرئيس، وإلا فإن "الخماسية" عبثاً تحاول دون جدوى، مع أن سفراءها يحثون باستمرار على ضرورة وقف تعطيل انتخاب الرئيس، لأن لبنان لم يعد يحتمل الإبقاء على انتخابه في الثلاجة فيما يعاني من الانهيار الشامل؛ ويترقب ما سيؤول إليه الوضع على الجبهة الجنوبية".