منذ تاريخ السابع من تشرين الأول الماضي، تسعى بعض قوى المعارضة إلى محاولة حجز موقع مفقود لها في المعادلة، حيث لم يكن من السهل عليها تجاهلها من قبل غالبية الجهات الفاعلة، سواء كانت المحلية أو الخارجية، نظراً إلى أن التعامل، في القضايا الكبرى، يكون مع صاحب القدرة على التأثير وإتخاذ القرارات.
من هذا المنطلق، لم يكن من السهل على تلك القوى هضم التحولات القائمة حاليا، بحيث يشهد السعي الأميركي إلى التواصل مع "حزب الله"، لمنع خروج الأمور على الجبهة الجنوبية عن السيطرة، بالتزامن مع الإنفتاح العربي على الحزب، بالرغم من التراجع الذي أعلنت عنه الجامعة العربية، في حين هي كانت قد عبرت عن خشيتها، قبل أشهر، من مقايضة تعطي الحزب أثماناً في الداخل، مقابل إتفاق يتعلق بترتيب الأوضاع على الجبهة الجنوبية.
إنطلاقاً من هذه المعطيات، تقرأ مصادر نيابية، عبر "النشرة"، دعوة بعض نواب المعارضة إلى جلسة نيابية لمناقشة الأوضاع على الجبهة الجنوبيّة، حيث تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول الحاجة إلى ذلك في هذه المرحلة، خصوصاً أن الجميع يدرك أنها لن تكون إلا أداة لترسيخ الإنقسام الداخلي، وبالتالي السعي إلى إطلاق حملة مزايدات شعبوية لن تقدم أو تؤخر في المعادلة القائمة.
وتشير هذه المصادر إلى أن البعض مصر على مواكبة الأوضاع بطريقة لا تمت إلى الواقع بصلة، نظراً إلى أن الجميع يدرك أن قرار توسيع رقعة المواجهات العسكرية، أي ما يطرح بالنسبة إلى الذهاب إلى الحرب الشاملة أو الموسعة، هو بيد الجانب الإسرائيلي فقط، الذي يُصر على التصعيد لجرّ "حزب الله" إلى ذلك، في حين أن الأخير يلتزم بقواعد الإشتباك، التي تحول دون خروج الجبهة عن إطارها العام، أيّ أنها "جبهة مساندة فقط".
وتسأل المصادر نفسها عن قيمة أيّ توصية، قد تصدر عن المجلس النيابي في هذا الصدد، في حال كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في وارد الذهاب إلى أي خطوة تصعيدية، حيث تلفت إلى أن تل أبيب لا تعير أيّ إنتباه لقرار مجلس الأمن الدولي الذي دعا إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، كما أنها لم تلتزم بأيّ من الدعوات التي توجّه إليها للذهاب إلى المفاوضات السياسية أو الدبلوماسية، مؤكدة إستمرارها في إرتكاب المجازر في قطاع غزة.
على الرغم من ذلك، يبقى الأكيد أنه، من الناحية القانونية، هذه المطالبة من المفترض أن تنتظر كيفية تعامل رئيس المجلس النيابي نبيه بري معها، على إعتبار أن النظام الداخلي لمجلس النواب يشير إلى أن دعوة حكومة تصريف الأعمال إلى جلسة مناقشة تتم بناء على طلب خطّي يتقدم به 10 نواب أو أكثر إلى رئاسة المجلس، وبعد موافقة البرلمان يدعو رئيسه إلى جلسة لمناقشة الحكومة.
في هذا السياق، تشدد مصادر نيابية في قوى المعارضة، عبر "النشرة"، على حقها بالتقدم بهذا الطلب، خصوصاً أن المخاوف تزداد يوماً بعد آخر، في حين هي تطالب منذ اليوم الأول بعدم ربط ما يجري في الجنوب بالأوضاع في غزة، لا سيما أن جبهة المساندة لم تنجح في منع تل أبيب عن الإستمرار في عدوانها على القطاع، وتضيف: "من الطبيعي، في ظل كل ذلك، أن نسعى إلى حماية لبنان، ومنع جره إلى حرب شاملة ستقود إلى تدميره خدمة لمشاريع إقليمية لا تعنينا، في حين أن الحل واضح يكمن بتطبيق القرار 1701، بالإضافة إلى تولي الجيش مسؤولية ضبط الحدود".
في المقابل، لا تعطي مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، أهمية لهذه الدعوة، حيث تلفت إلى أن أغلبية الشعب اللبناني تدرك أن المسألة لا تتعلق بقرار "حزب الله"، بل في الطبيعية العدوانية لإسرائيل، وتشير إلى أنه حتى داخل المجلس النيابي ليس هناك من أغلبية مؤيدة لوجهة نظر الفريق الآخر، لكن البعض، على ما يبدو، يسعى إلى المزايدة الشعبوية وإلى إرسال رسائل لمن يعنيهم الأمر في الخارج، بينما المطلوب التضامن لتجاوز المرحلة الصعبة، وتضيف: "في مطلق الأحوال القرار عند برّي لمعرفة كيفية التعامل مع هذه الدعوة، بعد أن يتم تقديمها بشكل رسمي".