أشار رئيس حزب "القوّات اللّبنانيّة" ​سمير جعجع​، إلى أنّ "هناك 22 دولة عربيّة في جامعة الدول العربية، لماذا ​لبنان​ بمفرده -ما عدا فلسطين- يدفع ثمن ما يحصل في المنطقة اليوم؟ هناك 57 دولة في "منظمة التعاون الإسلامي" الّتي لبنان عضو فيها، لماذا لبنان بمفرده في عين العاصفة؟ لأنّ البلد قراره مخطوف، و"​حزب الله​" يصادر قرارات الدّولة اللّبنانيّة و"إجريه بلبنان بس قلبًا وقالبًا في إيران".

وتساءل، في حديث تلفزيوني، "ما هي المشكلة إذا استلم ​الجيش اللبناني​ مهمّة الأمن على الحدود الجنوبيّة؟"، مبيّنًا أنّ "الجيش يتواجد بشكل رمزي في الجنوب، بينما ينبغي أن يكون موجودًا بقوّة، علمًا بأنّ الجيش اللّبناني لم يتولّى مسؤوليّة الأمن في الجنوب حتّى الآن". وأوضح "أنّنا في بلد حيث يبدو أنّ قرارنا مخطوف، والأولويّة في لبنان تبدو لصالح الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، من دون أدنى اهتمام بمصلحة الشعب اللبناني".

وسأل جعجع: "هل يجب علينا الآن ربط مصير لبنان وشعبه فقط بالدّور الّذي يريد "حزب الله" أن يلعبه اليوم، لتقوية أوضاعه الدّاخليّة؟ ما يحدث هو جريمة تُرتكب بحقّ أهالي الجنوب أوّلًا وبحقّ كلّ لبناني ثانيًا. ولماذا علينا تحمّل كلّ الخسائر، في الوقت الّذي نملك كلّ الحلول لحلّ المشاكل، وأوّلها انتشار الجيش اللبناني في الجنوب؟".

وركّز على أنّ "الوضع في الشرق الأوسط مجنون وهناك حكومة مجنونة في إسرائيل، ووحده الله يعلم إلى أين قد تتّجه الأمور"، معتبرًا أنّ "الحكومة في لبنان هي "حكومة العوض بسلامتك"، وتُعتبر حكومة محور الممانعة من جهة، وحكومة "التيار الوطني الحر" من جهة أخرى، وطالما "ما بينعسوا الحراس، الحزب ما فيه يلعب. ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يتصرّف تبعًا لأجواء حكومته، ولو كنتُ مكانه لما قبلت بتولّي هذه المهمّة".

كما أكّد أنّ "مشروع "حزب الله" لا علاقة له بلبنان، وفي حال وقوع حرب شاملة مع لبنان، فسنكون بالطبع إلى جانب الدّولة اللّبنانيّة"، لافتًا إلى أنّ "في 8 أشهر من القتال، تكبّدنا خسائر مادّيّة كبيرة، بالإضافة إلى ما بين 400 و500 قتيل، مع عدم وجود أرقام دقيقة و"ما بيسوى الواحد يغشّ شعبو". وأعلن أنّه "بغضّ النّظر عن المصيبة الّتي نحن واقعون فيها، لكن في حال وقوع حرب شاملة مع لبنان، فسنكون بالطبع إلى جانب الدولة اللبنانية".

ورأى جعجع أنّه "لا يوجد أي توازن رعب برأينا بين "حزب الله" وإسرائيل، وأنا لا أراهن على خسارة "حزب الله" ولا حتّى على حرب تخوضها إسرائيل لإضعاف قدرات الحزب. لا يمكنني المراهنة إلّا على القوّة الّتي بين يديّ، وليست بين أيادي غيري"، مشيرًا إلى أنّه "حتّى لو انتهت الحرب في غزة، سيبقى "حزب الله" بالقوّة البرلمانيّة نفسها، ورهاني اليوم على تحرّك نوّابه لفتح مجلس النّواب المعطّل".

وذكر أنّ "كلام البطريرك الماروني الكاردينال ​مار بشارة بطرس الراعي​ عن الإرهاب لم يكن موجّهًا ضدّ "حزب الله"، ولا نقبل الحملة الّتي تعرّض لها. الرّاعي والكنيسة كلّها تتصرّف من منطلقاتها القائمة على المحبّة وجمع الشّمل"، مبيّنًا "أنّنا نعمل على عريضة يوقّعها عدد من النّواب وسنقدّمها لرئيس المجلس ​نبيه بري​، من أجل الدّعوة إلى جلسة نيابيّة لمُناقشة الوضع في الجنوب. ليست لدينا طريقة أخرى في هذا الظّرف".

على صعيد آخر، كشف "أنّني عقدت اجتماعًا مطوّلًا مع أمين سرّ دولة الفاتيكان الكاردينال ​بييترو بارولين​ وكان جيّدًا وتداولنا بمواضيع كثيرة، وهذا العمل الجدّي، ونحن وحزب "الكتائب اللّبنانيّة" قد تفاهمنا على حجم حضورنا في اجتماع بكركي"، موضحًا "أنّنا لم نقاطع اللّقاء الّذي عُقد في بكركي مع بارولين، بل أرسلنا ممثّلًا عنّا. وليس بالضّرورة أن نكون في كلّ المناسبات، خصوصًا إذا كانت المناسبة بروتوكوليّة".

وتساءل رئيس "القوّات": "ما الفائدة من اجتماع القادّة المسيحييّن الأربعة سويًّا مع الكاردينال بارولين؟ سيجتمع معنا لبضع ساعات، ثمّ يغادر إلى الفاتيكان، ولكن ماذا سيحدث بعد ذلك؟ هل سيصبح رئيس "التيّار" النّائب ​جبران باسيل​ قديسًا، وأصبح أنا شيطانًا؟"، مركّزًا على أنّ "الفاتيكان مؤسّسة روحيّة بامتياز ومرجع ديني، وبعض الأشخاص يحاولون تحميله أكثر ممّا يتحمّل، ومجيء بارولين إلى لبنان كانت بدعوة من "فرسان مالطا"، ولم يحمل مبادرة".

ووجد أنّ "التيّار" هو واحد من مصائب لبنان الثّلاثة، وبعد عهد رئيس الجمهوريّة السّابق ​ميشال عون​، هم ينطلقون من جديد، من دون أن يعيدوا النّظر في الحسابات"، لافتًا إلى "أنّني لو كنت أنا فعلًا من استطعت عرقلة عهد عون على مدى سنواته الست، فذلك يعني أنّ عليهم الذّهاب إلى البيت. أنا حاولت جدًّا مع عون لكن الجواب كان دائمًا، وقلته سابقًا، "روح بوس تيريز".

وجزم "أنّنا لم نرفض الحوار أبدًا، ونحن نجري حوارات يوميّة مع جميع الأفرقاء، حتّى أنّنا تشاورنا مع باسيل لنتوصل إلى التّقاطع على ترشيح الوزير الأسبق جهاد أزعور، لكنّنا ضدّ أن تقوم رئاسة مجلس النواب بمصادرة انتخابات رئاسة الجمهوريّة".

وتابع جعجع: "في آخر لقاء عقدناه مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان و"اللجنة الخماسية"، طرحت عليهم ثلاثة مقاربات للحوار الجدّي، وحتّى الآن لم يدع برّي إلى جلسة انتخاب جديّة"، متسائلًا: "إذا كنّا أمام تسمية رئيس للحكومة، هل يدعو رئيس الجمهوريّة إلى الحوار؟ أنا لا أقبل ذلك، وعلى برّي الدّعوة إلى جلسة انتخاب، وإذا لم يُنتخب رئيس فعليه تعليق الجلسة لبضع ساعات، وليس إقفال المجلس النّيابي".​​​​ وأشار إلى أنّ "المعارضة بمختلف فرقائها قالت لجميع الموفدين إنّها مستعدّة للخيار الثالث، وفي حال دعانا برّي الإثنين الى جلسة انتخابيّة فنحن كمعارضة جاهزون".

وشدّد على أنّ "محور الممانعة لا يريد الحوار، فلماذا لم يتحاوروا معنا عندما فتح "حزب الله" جبهة الجنوب؟ وبرأيي لو كان الأمر متروكًا إلى برّي بعيدًا عن "حزب الله"، لكان لدينا رئيس للجمهوريّة حتّى قبل انتهاء المهلة الدّستوريّة"، معتبرًا أنّ "لا قيام لدولة فعّالة في لبنان، ما دام محور الممانعة مستمرًّا في السّيطرة على السّلطة".

إلى ذلك، ردّ على كلام باسيل واتهاماته له، بالقول: "إِذا أتتكَ مذمّتي مِن ناقصٍ، فهي الشّهادة لي بأنِي كامل"، لا داعي لأردّ على أيّ شيء، كلّه تخبيص بتخبيص، مثل عمل باسيل". وعن سبب عدم ابرام اتفاق مع رئيس تيّار "المردة" ​سليمان فرنجية​، على غرار اتفاق معراب، أجاب: "طالما محور الممانعة موجود بهذا الشّكل في السّلطة، لا يفكرنَّ احد بإمكان قيام دولة في لبنان، وإذا وصل فرنجيّة فسيتصرّف محور الممانعة في الدّولة وفق ما يريد، لأنّه القوّة السّياسيّة الفعليّة خلفه. إذا أخطأنا في اتفاق معراب، هل هذا يعني أن نخطئ مرّة ثانية؟".

وأكّد جعجع "أنّنا نريد رئيسًا مستقلًّا للجمهوريّة، وفرنجيّة لا يمكنه أن يكون مستقلًّا، فهو منذ نشأته ليس كذلك بل يجاهر بانتمائه لخط الممانعة"، ورأى أنّ "محور الممانعة لن يتحرّك قبل انتهاء الحرب في المنطقة، وهو يلعب في الوقت الضّائع ويستمرّ بتعطيل رئاسة الجمهوريّة عبر رئاسة مجلس النواب. البلد "منّه ماشي ومستحيل يمشي بلا رئيس،" لكنّ الممانعة لا تريد رئيسًا في الوقت الحاضر أو تريده "على إيدها".

أمّا بالنّسبة لجريمة مقتل منسّق "القوّات" في جبيل باسكال سليمان، فكشف أنّه "تبيّن أنّ عصابة قامت بالعمليّة، ورئيس العصابة في سوريا ولم يتمّ تسليمه بعد. و"أكيد ما قطعت وما رح تقطع"، وبانتظار تحديد المسؤول الفعلي، لن نطلق التّهم جزافًا، وننتظر الوصول إلى معطيات جديدة".

وفي موضوع النزوح السوري، ذكر أنّ "الأمن العام اللبناني منذ 3 أو 4 أشهر لم يتوقّف للحظة، ويعمل على تطبيق القانون اللبناني، وأوجّه تحيّة له على كلّ ما يقوم به في هذا الملف"، مناشدًا رئيس الحكومة بـ"صرف مستحقّات الأمن العام، ليتمكّن عناصره من متابعة الملف وتجميع الـ"داتا" المطلوبة، وإذا استمرينا على هذا النحو فيفترض أن ننتهي بعد سنة من الآن، من مشكلة النزوح".