نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصادر مواكبة لسير المفاوضات بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والمستشار الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين، أن الأخير يبدي تفاؤله، وإن بحذر، ليس لمنع توسعة الحرب، وإنما للتوصل إلى تسوية تعيد الهدوء على جانبي الحدود اللبنانية - الإسرائيلية كمدخل لتطبيق القرار 1701.

ونقلت المصادر المواكبة عن الذين يتواصلون باستمرار مع هوكشتاين ارتياحه لسير المفاوضات التي يجريها مع بري والتي قطعت شوطاً على طريق التوافق على خريطة الطريق لإعادة الهدوء على جانبي الحدود، ويُفترض أن تُستكمل للتوصل إلى اتفاق الإطار، على غرار ما أنجزه بالتواصل معه وكان وراء الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.

وكشفت عن أن هوكشتاين توصل في اجتماعاته المتنقلة ما بين بيروت وتل أبيب إلى تسوية الخلاف حول 7 نقاط كان تحفّظ عنها لبنان؛ كونها تخضع لسيادته الكاملة على أراضيه، وأوضحت أن الخلاف يكمن حالياً حول 3 نقاط ترفض إسرائيل الانسحاب منها، أبرزها "نقطة ب-1" الواقعة في رأس الناقورة الحدودية، وسبق للبنان أن طالب باستعادتها أثناء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين البلدين بوساطة هوكشتاين، مع أن إسرائيل كانت سوّتها بالأرض لموقعها الاستراتيجي المطل على منطقة الشمال الحيوية.

كما كشفت أن إسرائيل ترفض إخلاء نقطتين تقعان في المنطقة الحدودية المتداخلة وتخضعان للسيادة اللبنانية، بذريعة أنهما نقطتان استراتيجيتان وتقترح مبادلتهما بمساحات تقع ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا ما يرفضه لبنان؛ لأنها تعطي ما لا تملكه وتعود ملكيته للسكان الأصليين.

ولفتت المصادر نفسها إلى أن هوكشتاين يعترف بسيادة لبنان على الشق اللبناني من بلدة الغجر المحتلة، لكن المشكلة تتعلق بأن سكانها من اللبنانيين يرفضون إلحاقهم ببلدهم ويتمسكون بضمهم إلى إسرائيل بعد أن استحصلوا على الجنسية الإسرائيلية، وقالت إن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ليستا مدرجتين على جدول أعماله بخلاف إصرار بري على إلحاقهما بلبنان، وهو - أي هوكستين - يتذرّع بأنهما ملحقتان بالقرارين 242 و338، وتقعان ضمن الأراضي السورية المحتلة، وتخضعان لسيطرة قوات الفصل "إندوف" بين إسرائيل وسوريا، ولا يمكن إعادتهما إلا بانتزاع وثيقة من الحكومة السورية تؤكد لبنانيتهما.

من ناحية أخرى، نفى مسؤول رفيع المستوى في "حزب الله"، عبر صحيفة "الديار"، المعلومات التي تحدثت عنها صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية عن ان هوكشتاين طلب من المقاومة تراجع قوة الرضوان الى مسافة 10 كلم من الحدود الجنوبية، اضافة الى دعوته لنزع سلاح الحزب في هذه المسافة، مؤكدا ان هذه المعلومات عارية كليا من الصحة ولا اساس لها.

وكشف أن هوكشتاين قال لبري انه عند حصول وقف اطلاق النار في غزة ويليه وقف العمليات القتالية في جنوب لبنان، سيزور هوكشتاين بيروت لبحث اوضاع الجنوب اللبناني.

ولفت المسؤول الى ان وزير الدفاع الاسرائيلي يؤاف غالانت صرح انه يسعى للحل الديبلوماسي، الا ان بعض القادة الاسرائيليين وهم اصوات باهتة يحبذون التهويل من حين الى اخر بان اسرائيل ستشن حربا شاملة على لبنان، ولكن الواقع على الارض لا يتماشى مع هذه التهويلات.

وشدد على أن "حزب الله" تترقب المفاوضات الحاصلة في الدوحة، وما سينتج عنها من الدخول الى المرحلة الثالثة في قطاع غزة.

من ناحية أخرى، أكدت مصادر رسمية مسؤولة لصحيفة "الجمهورية" انّ "من السابق لأوانه الحديث عن حلّ سياسي للمنطقة الجنوبية طالما أنّ اسرائيل لم توقف عدوانها على قطاع غزة، فضلا عن ان معالم الصفقة التي يُعمَل عليها لم تتوضح بعد، اولاً لناحية حجمها، وثانياً وهنا الاساس لناحية مرتكزها أكان على هدنة موقتة او وقف للعمليات الحربية او وقف نهائي لاطلاق النار. وكما هو واضح حتى الآن لا يبدو ان نتانياهو في وارد الالتزام بوقف نهائي لاطلاق النار، ناهيك عن امور اخرى، مثل الالتزام بانسحاب الجيش الاسرائيلي من قطاع غزة".

ولفتت المصادر عينها الى "أن كل تلك الحالات، سواء الهدنة الموقتة او وقف العمليات الحربية او وقف نهائي لاطلاق النار، ستنعكس كل بحجمها ومفاعيلها تلقائياً على لبنان، الّا انّ الحل السياسي النهائي لجبهة الجنوب، مرتبط بإنهاء الحرب، وهو ما بات يؤكّد عليه الاميركيون، حيث صدر كلام مباشر بهذا المعنى من البيت الابيض والبنتاغون ووزارة الخارجية الاميركية وصولاً الى الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين. وتبعاً لذلك، فإنّ الصفقة التي يُعمل عليها إن كانت ضمن سياق يؤدي الى انهاء الحرب، فإنّها بالتأكيد تعزز فرص بلوغ الحل السياسي في جنوب لبنان".

وأوضح مرجع مسؤول لـ"الجمهورية" ان الاتفاق على هدنة او على وقف لاطلاق النار في غزة سينعكس فوراً على لبنان، والمحادثات التي لم تنقطع مع هوكشتاين، عكست جهوزيته للسفر الى المنطقة في اللحظة التي يتمّ فيها التوصل الى اتفاق بين اسرائيل وحركة "حماس"، وبمعنى أدق، لنفرض أنه تمّ التوصل الى الاتفاق اليوم، فغداً يكون هوكشتاين في المنطقة، ولكن إنْ لم يتمّ التوصل الى الإتفاق، فحتى ولو حضر هوكشتاين مرّات ومرّات الى لبنان واسرائيل فلن يتمكن من أن يحقق شيئاً وهو يعلم ذلك.

على صعيد متصل، أوضحت مصادر مطلعة على طروحات الحل المقترح سواء التي حملتها الورقتان الفرنسيتان، او التي حملها آموس هوكشتاين، أنّ مسار هذا الحلّ ستعتريه صعوبات كبرى، ومدى التفاوض حوله لن يكون قصيراً بل طويلاً جدًا ومن دون افق، إن تمّ التمسك بتلك الطروحات التي تصبّ في معظمها في مصلحة اسرائيل ولا تلزمها بأي إجراءات او خطوات من جانبها، ما يعني انّ الحل السياسي ليجد طريقه الى التفاهم عليه، ينبغي أن يقوم على افكار جديدة متوازنة تحاكي الواقع غير تلك الافكار التي تحاكي مصلحة اسرائيل فقط، والتي رفضها لبنان بشكل قاطع.

ولفتت المصادر الى انّ المطلب الاسرائيلي بانسحاب "حزب الله" الى ما بعد نهر الليطاني او بضعة كيلومترات عن الحدود يستحيل القبول به من الجانب اللبناني. كونه من جهة يمكّن اسرائيل بال​سياسة​ من تحقيق انتصار على "حزب الله" لم تتمكن من تحقيقه في الميدان العسكري. ومن جهة اخرى لأنّ افراد "حزب الله" هم ابناء تلك المنطقة، فكيف يمكن الركون لطلب سحب لبنانيين من قراهم وبلداتهم. ومعلوم أن "حزب الله" ابلغ كل الوسطاء برفضه اي بحث في اي ترتيبات متصلة بجبهة الجنوب قبل وقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة. واما بالنسبة الى الطلب الاسرائيلي بانسحاب "حزب الله"، فهو طلب غير قابل للبحث في اي زمان ومكان.

وتؤكّد ذلك قراءة لمسؤول كبير اممي غير مدني، حيث ابلغ الى مجموعة من النواب اللبنانيين زاروا مقر قيادة "اليونيفيل" في الناقورة في الساعات الاخيرة، انّ الوضع بالغ الدقة والحساسية واحتمالات تصاعده الى مخاطر اكبر قائمة، رغم اننا حتى الآن نلحظ محاذرة الجانبين من الدخول في حرب واسعة، وتجنّب استهداف المدنيين وعدم توسيع نطاق المواجهات، مشيراً الى انّ قيادة "اليونيفيل" تقوم بواجبها في التواصل مع جميع الاطراف لخفض التصعيد ومنع تفاقمه، ومؤكّدا انّ اساس الحل هو احترام القرار 1701.

وبحسب ما نقل هؤلاء النواب فإنّ المسؤول الاممي غير المدني وصل في ختام قراءته الى تأكيد ضرورة بلوغ حل سياسي يحسم نقاط الخلاف، ولاسيما النقاط الـ13 المختلف عليها، الّا انّه اشار في هذا الصدد الى أنّ مطلب سحب "حزب الله" من المنطقة الى ما بعد الليطاني او الى اي مكان آخر، هو مطلب صعب جداً وغير منطقي.