أشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في كلمة له لمناسبة رأس السنة الهجرية، الى "أننا أمام طغيانٍ أميركي عالمي يعتاش على الدماء وعلى الخراب، وعلى استعباد الشعوب، وسط إرهابٍ صهيوني يمارس جنونَ طغيانه على الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء، وما يجري الآن في قطاع غزة وجبهة لبنان وباب المندب هي حربٌ تاريخيةٌ بين الحقّ والباطل، والحقُّ حسين ومن ينتمي لقيم الامام الحسين، والباطل أميركا وإسرائيل ومن ينتمي لهذا الطغيان الشيطاني في الأرض".

ورأى أن "الحربُ تطال بنية الميزان الإقليمي، وتضربُ صميمَ أعمدة نظام القوة في الشرق الأوسط، وإسرائيلُ في هذه الحرب مكشوفة وعاجزة ولا تملك مفاتيح الانتصار، وهي بحقيقة الحال قوةٌ تعيش على المصل الأميركي الأطلسي، وسط عالمٍ متغيّر وقوة أمريكية عاجزة عن مواجهة صواريخ صنعاء. وإسرائيل اليوم وإمكاناتُ بقائها أصبحت ضعيفة، وطبيعة التوازنات في المنطقة تتسارع نحو حرب النهاية، وسيرى العالم بأمّ العين هزيمة إسرائيل التاريخية، وهذه اللحظة التاريخية ليست بعيدة، ولندخلنّ المسجد الأقصى ونتبّرُ ما علوا تتبيراً. وكموقفٍ للتاريخ أقول: مقاومة لبنان تملك من الإمكانات القتالية والخطط الصادمة ما تدخل معه الى قلب فلسطين المحتلة مع أي حرب مفتوحة، وأيّ خطأ إسرائيلي في هذا المجال سيكشف إسرائيل عن دمارٍ لا سابق له. وكلّ التحية والمجد للمقاومة في غزة ولبنان والعراق وسوريا واليمن العظيم، ومركز محور المقاومة الحرّ طهران، وكل التحية للشعب اللبناني المساند وللقوى السياسية والشعبية والإعلامية والثقافية والمالية والدينية الشريكة في أهم قتال أخلاقي وسيادي على الإطلاق، والقضية قضية مصالح سيادية إقليمية، ولن نتخلى عن مصالح لبنان الاستراتيجية".

ولفت قبلان الى انه "على مستوى الداخلي اللبناني أقول للإخوة المسيحيين الأحبة: نحن عائلةٌ لبنانية خبزُها محبةُ المسيح ورحمةُ محمد، والكنيسةُ جارة المسجد، ووهب المسيحي عنوانُ المثال التاريخي للفداء الممزوج بدماء الامام الحسين، ولن نفرّط بالمسيحية وثقلِ وجودها وشراكة العمر التاريخية بيننا، قناعتُنا أن لبنان لا يقوم إلا بالمسلم والمسيحي، والتراث الديني والأخلاقي أكبر ثروةٍ للتلاقي الإسلامي المسيحي، وصلاةُ المسيح ومحمد عنوانُ قداستِنا، والقنديل الممسوك بيد السيدة الزهراء والسيدة مريم صراطُ طريقنا، وكذا شراكتنا الوطنية، ولذا كرّسنا القيمة الوطنية للعائلة اللبنانية، وقلنا لا بدّ من تسوية رئاسية تعكس شراكَتَنا التوافقية، بعيداً عن منطق "غالب ومغلوب"، "وأكثرية وأقلية"، لأن هذا البلد يعيش بالمحبة والإلفة لا بالغَلَبة والاستئثار".

وحذر قبلان من "كمائن واشنطن وأبواق فتنتها التي تتربّص بال​سياسة​ والمال والإعلام ومراكز النفوذ في هذا البلد، وتاريخ واشنطن في هذا البلد مرّ وعلقم، وأصابع نيرانها بالحرب الأهلية وما تلاها واضحة للعيان، والأمل معقودٌ على تطهير ما أمكن في هذا البلد من نفوذ واشنطن، وما نريده الآن تسوية رئاسية بحجم عائلتنا اللبنانية فقط، ومجلس النواب يمثّل كل القوى السياسية، والرئيس نبيه بري في هذا المجال فرصة تاريخية في التسويات، فهو الشخصية القادرة على ابتكار حلولٍ بحجم مصالح العائلة اللبنانية، وما يطلبه الثنائي الوطني في هذا المجال عينُ المصلحة الوطنية، وكما تمرّ المصلحة الوطنية بالثنائي الوطني أيضاً تمرّ بباقي القوى اللبنانية، بل يجب أخذ التضحيات السيادية التاريخية للثنائي المقاوم بعين الاعتبار لأنه القوة الوطنية التي ما زالت تقود عقوداً من المقاومة والتضحيات التي هزمت إسرائيل واستردت البلد، ودون أن ننتقص من تضحيات الآخرين".

وشدد على انه "لا يمكن فصل المصالح الوطنية السيادية عن المصالح السياسية السيادية، وحماية القرار السياسي من حماية السيادة الوطنية، لأن العالم غابة تعيش على القوة لا على المبادئ، والحل هنا وليس في الخارج، وتنسيق الجهود وعدم حرق الجسور والجلوس معاً والانتهاء من تسوية رئاسية بحجم مصالح العائلة اللبنانية ضرورة وطنية كبرى، والمواقف الانتقامية عديمة الفائدة، والخلافات الطائفية تزيد من الحريق الوطني، ولا سيادة وطنية بلا ماء وغذاء وطبابة ونفط وكرامة وطنية وأخلاقية".

واكد ان "الشراكة الوطنية ليست صفقة زِواج، والبلد ليس للبيع، والحياد بالمصالح السيادية تضييع للبنان، والمسجد والكنيسة أكبر ضمانات استقرار لبنان ووجوده. عظّم الله أجوركم.. وكل عام ولبنان وأنتم بخير".