على وقع تقديم "نواب قوى المعارضة" أمس، ما سمّوه "رؤيتهم لخريطة طريق الاستحقاق الرئاسي"، وفقًا لاقتراحين يهدفان إلى انتخاب رئيس للجمهورية، أشارت مصادر نيابية معارضة لصحيفة "الجمهورية"، إلى أنّ "ما أُعلن عنه يشكّل حصيلة المشاورات المكثفة التي اجرتها الكتل النيابية المنضوية تحت لواء المعارضة، وما تلقته من عروض مختلفة طيلة الفترة الاخيرة".

ولفتت إلى "أنّها لم تستخف يوماً بأي طرح، لكنها في الوقت عينه تفهمت خلفيات الطروحات التي أُطلقت ودوافعها ومراميها ومن اوحى بها". وذكرت، تعليقًا على الجولة التي سيقوم بها وفد نواب قوى المعارضة لعرض مبادرتهم، أنّ "التحرك لن يطول وسيستغرق في حدّه الاقصى الـ48 ساعة المقبلة، لتظهر النتائج العملية، وخصوصاً لجهة فهم المواقف على حقيقتها وفرز الجدّي من غير الجدّي. وهم لهذه الغاية، سيبدأون التحرّك في الساعات المقبلة على مستوى "لجنة المتابعة" التي تمثل الجميع، وفق برنامج اختار أن يكون المجلس النيابي مسرحاً له، هو يشمل اليوم ابتداء من التاسعة والنصف في قاعة المكتبة، اولاً كتلة "اللقاء الديمقراطي"، ثم كتلة "الاعتدال الوطني"، فكتلة "لبنان القوي"؛ على ان يُعقد بعدها لقاء موسّع مع النواب "التغييريين والمستقلين".

المعارضة "تتسلّى" في الوقت الضائع: مبادرة مستنسخة لحلّ الأزمة الرئاسية

في السّياق، أفادت صحيفة "الأخبار" بأنّ "في "مبادرة" مستنسخة عن "مبادرات الوقت الضائع"، ولا تختلف عنها إلا بتقاطعها مع إحياء عمل اللجنة الخماسية، التقى 31 نائباً من "المعارضة" سفراء الدول الخمس في قصر الصنوبر أمس، لتقديم وجهة نظرهم حول كيفية الخروج من الأزمة الرئاسية. "الحراك" هو الرابع من نوعه بعد مبادرة كل من تكتل "الاعتدال"، والحزب "التقدمي الاشتراكي" و"التيار الوطني الحر"، وكلها متشابهة في مضمونها وتوقيتها وظروفها التي تحكم بانتهائها من دون نتائج تُذكر، إذ إن الجميع، في الداخل والخارج، يتقاطع عند قناعتين: لا حلّ رئاسياً قبل انتهاء الحرب؛ ولا من دون الاتفاق مع حزب الله".

وعلمت "الأخبار" أنّ "النائبين أشرف ريفي ووضاح الصادق طرحا خلال الاجتماعات التحضيرية، أن يتضمّن البيان دعوة للدول المعنية بالمفاوضات والملف الرئاسي، إلى فرض عقوبات على "الجهات المعطّلة للاستحقاق الرئاسي مهما علا شأن المعطّلين"، في إشارة واضحة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، غير أن بقية النواب فضّلوا عدم السير في الاقتراح".

وركّزت مصادر مطّلعة للصحيفة، على أن "نواب المعارضة يدّعون أنهم ضد الأعراف والممارسات غير الدستورية، وضد تكريس الحوار التقليدي بالشكل الذي يدعو إليه رئيس مجلس النواب، مدخلاً لانتخاب رئيس للجمهورية. لكنهم مع حوار فضفاض من دون دعوة رسمية ولا من يترأّس الحوار"، سائلةً: "هل هذا التشاور منصوص عليه في الدستور كمدخلٍ لانتخاب الرئيس؟ ومن حدّد الدورات بأربع؟ وأليس التداعي والتشاور قبل الانتخاب عرفاً جديداً؟".

ووصفت مصادر مطّلعة عبر "الأخبار"، لقاء النّواب مع "الخماسية" بأنه "كان عادياً جداً، عرض خلاله نواب المعارضة مبادرتهم، وشدّدوا على ضرورة العودة إلى بيان الدوحة في تموز 2023، الذي عرف بسقفه العالي ورفض انتخاب رئيس يكرّس غلبة فريق على آخر، وتعمّد بعضهم إيصال رسالة امتعاض من كون السقف الذي ترفعه الخماسية ضد الفريق الآخر في البلد ليس عالياً"، مشيرةً الى أن هؤلاء "لم يسمعوا ما هو استثنائي حيال المبادرة، ولم يحصلوا على وعودٍ معينة".

فرصة أخيرة لانتخاب رئيس للبنان... وإلا سيُرحَّل حتماً

بدورها، شدّدت مصادر مواكبة لتحرُّك سفراء "اللجنة الخماسية"، لصحيفة "الشرق الأوسط"، أن "مهمتها بتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، اصطدمت بعدم استعداد معظم الكتل النيابية للتلاقي في منتصف الطريق، لإحداث خرق يمكنهم التأسيس عليه لوقف التمديد للشغور الرئاسي إلى أمد طويل، لا سيما أنهم على قناعة بأن الخيار الرئاسي الثالث يتقدم على غيره من الخيارات؛ ويشكل قاعدة للتوافق على تسوية رئاسية تمنع البلد من التدحرج نحو المجهول".

ورأت أنّ "عدم تجاوب النواب مع مسعى "الخماسية"، سيدفع معظم سفرائها للسفر إلى بلادهم لتمضية إجازاتهم الصيفية، بانتظار التوصل إلى وقف للنار على جبهتي غزة والجنوب، يكون حافزاً لهم لمعاودة نشاطهم في أوائل آب".

وأكّدت المصادر أن "عضو اللجنة سفير السعودية وليد بخاري، يستعد لمغادرة بيروت إلى الرياض في الساعات المقبلة، للتشاور مع كبار المسؤولين السعوديين المعنيين بالملف اللبناني، فيما آلت إليه الاتصالات التي أجرتها "الخماسية" لإحداث خرق من شأنه أن يفتح كوّة لإخراج انتخاب الرئيس من الحلقة المفرغة التي لا يزال يدور فيها؛ نظراً لانسداد الأفق أمام انتخابه".

ولفتت إلى أنّ "الخماسية" على استعداد في أي لحظة لمعاودة تشغيل محركاتها، في حال تبدّلت المعطيات الداخلية لمصلحة تسهيل انتخاب الرئيس"، موضحةً أنها "أعطت لنفسها إجازة تمتد إلى أوائل الشهر المقبل، لاعتقادها أنها كافية لاختبار ما ستؤدي إليه الضغوط الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، وتلك المصرية والقطرية على قيادة حركة "حماس"، للتوصل إلى وقف للنار على الجبهة الغزاوية التي يُفترض أن تنسحب على جنوب لبنان".

وأضافت: "إن وقف إطلاق النار على الجبهة الغزاوية، وإن كان يشكّل أول محطة لاستقراء طبيعة المرحلة السياسية في اليوم التالي لعودة الهدوء إلى القطاع، فإن المحطة الثانية لا تقل أهمية عن الأولى، وتتعلق بالمحادثات التي سيجريها نتانياهو في زيارته المرتقبة لواشنطن في 24 الحالي".

كما اعتبرت المصادر أنه "لا يمكن عزل انتخاب رئيس للجمهورية عن هاتين المحطتين، لما يمكن أن يترتب عليهما من مفاعيل وتداعيات على مجمل الوضع اللبناني، وتحديداً لجهة تمدُّد وقف النار في غزة إلى جنوب لبنان، ومدى استعداد إسرائيل للدخول في مفاوضات لتهدئة الوضع على امتداد الجبهة الشمالية، بخلاف ما أخذ يعلنه عدد من أركان فريق حزب نتانياهو بأن التهدئة لن تنسحب تلقائياً على الجنوب؛ ما لم تكن مقرونة بالتوصل إلى تسوية شرطاً لعودة المستوطنين إلى أماكن سكنهم الأصلية".

بكلام آخر، أوضحت مصادر دبلوماسية غربية لـ"الشرق الأوسط"، أنّ "إسرائيل ليست في وارد التسليم بأن ينسحب وقف النار في غزة على جنوب لبنان، بالعودة إلى الوضع الذي كان سائداً قبل الثامن من تشرين الأول الماضي، أي عندما قرر "حزب الله" الدخول في مواجهة بمساندته لـ"حماس" في تصدّيها للاجتياح الإسرائيلي للقطاع".

وأكّدت أنّ "الشهر المقبل يشكل فرصة قد لا تتكرر لانتخاب رئيس للجمهورية، يسبق انصراف إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن للتحضير للتجديد له لولاية رئاسية ثانية، هذا في حال أن الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه حسم أمره وقطع الطريق على من يطالب باستبدال مرشح آخر به"، ورأت أن "الإطاحة بهذه الفرصة ستؤدي إلى ترحيل انتخاب الرئيس اللبناني إلى ما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية، هذا في حال نجاح الجهود الدولية والعربية في التوصل إلى هدنة مديدة على الجبهة الغزاوية، امتداداً إلى جنوب لبنان".

وأفادت المصادر بأن "الوسيط الأميركي آموس هوكستين، الموجود حالياً في اليونان، ينتظر بفارغ الصبر التوجه إلى بيروت فور التوصل لوقف النار في القطاع، لاستئناف جهوده لتثبيت التهدئة جنوباً بتهيئة الظروف السياسية والأمنية لتطبيق القرار الدولي 1701، مدعوماً بترسيم الحدود البرية بين البلدين، عبر إيجاد الحلول للنقاط المتداخلة التي تحتلها إسرائيل حالياً؛ ويصر لبنان على إعادتها كونها خاضعة لسيادته".

وكشفت أن "لبنان على المستويين الحكومي والنيابي، مرتاح للضغوط الدولية على إسرائيل لمنعها من توسعة الحرب وإبقاء المواجهة بين "حزب الله" وإسرائيل تحت السيطرة"، مبيّنةً أن "ألمانيا تلعب دوراً بتفويض أميركي في هذا الشأن، وأن تواصل نائب مدير المخابرات الألمانية مع نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم ، يس محصوراً بتهدئة الوضع فقط، وإنما يتخطاه للبحث في العناوين الرئيسة للتسوية التي تعيد الاستقرار بصورة نهائية على جانبي الحدود بين البلدين".

جعجع يسدي خدمة لبري!

على صعيد متّصل بالملف الرئاسي، أشارت صحيفة "الجمهورية" إلى أنّ "على الرغم من الخصومة السياسية، يتفادى رئيس مجلس النواب نبيه بري "عزل" رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عن الحوار الرئاسي، ولكن جعجع في المقابل يصرّ على عزل نفسه، رافضاً المشاركة في ما يعتبر انّه حوار استعراضي وغير دستوري".

وذكرت أنّه "ليس خافياً انّ الخلاف بين بري وجعجع تصاعد في هذه المرحلة، ومع ذلك كان لافتاً انّ رئيس المجلس أكّد رفضه دعوة النواب إلى الحوار أو التشاور بمن حضر، لإخراج مسألة انتخاب رئيس الجمهورية من الدوران في حلقة مفرغة، مشدّداً على أنّه "يتطلّع نحو الدعوة إلى حوار جامع لا يتوخّى كسر فريق أو عزله"، وذلك في إشارة واضحة الى حرصه على مشاركة "القوات" في اي لقاء حواري او تشاوري، لمعرفته بأنّ إنجاز الاستحقاق الرئاسي يحتاج إلى محاولة تأمين أوسع توافق ممكن حوله، قبل اللجوء إلى آخر الدواء وهو الكي الانتخابي، وفق آلية الجلسات المتتالية؛ اذا تعذّر التفاهم".

وركّزت الصّحيفة على أنّ "بري يعرف انّ مسألة انتخاب رئيس الجمهورية الماروني تنطوي على حساسية مسيحية، الى جانب حساسيتها الوطنية، ولذلك هو يفضّل ان تكون "القوات"، بما تعكسه من تمثيل نيابي، شريكة في التشاور المفترض بمعزل عن "تخصّصها" المستجد في التصويب السياسي عليه".

وتابعت: "كذلك، يفترض بري انّ وظيفة التشاور المقترح هي حل مشكلة موجودة، وليس اختراع مشكلة اضافية من خلال مقاطعة البعض لهذا التشاور، علماً انّ "التيار الوطني الحر" يعتبر انّ بالإمكان حصوله من دون "القوات" اذا أمكن تأمين حضور 86 نائباً، وهو شجّع رئيس المجلس على سلوك هذا المنحى".

كما لفتت إلى أنّ "بري والى جانب اصراره على أن يستوفي الحوار البعد الوطني الشامل حتى يحقق المراد منه، يدرك أيضاً انّ اي شكل من أشكال إستبعاد "القوات" وعزلها عنه، سيفضي الى نوع من التعاطف معها في الشارع المسيحي، وبالتالي فهو ليس في صدد منح جعجع هدية مجانية".

واعتبرت "الجمهوريّة" أنّ "في المقابل، يبدو جعجع وكأنّه يسدي، عبر اعتراضه على التشاور المقترح، خدمة غير مقصودة لبري، ويساهم في إراحته وتخفيف الحرج عنه، ذلك أنّ رئيس المجلس يعرف انّ التزامه بالذهاب إلى جلسات متتالية، إذا أخفق التشاور المقيّد بمهلة، انما ينطوي على مغامرة سياسية، لأنّه من غير المعروف سلفاً الى ماذا ستؤول تلك الجلسات؛ وماذا سيكون مصير ترشيح حليفه رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية".