تعليقًا على جلسة مجلس الوزراء في السراي الحكومي أمس، لفتت صحيفة "الأخبار" إلى أنّ "رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتمكّن في جلسة مجلس الوزراء أمس، من إطفاء الحريق المشتعل على جبهة وزير الدّفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم- قائد الجيش العماد جوزيف عون، بعدما فشلت خطّته في إرساء صيغة توافقيّة بينهما، تتيح الإعلان عن نتائج 118 تلميذاً ضابطاً ناجحاً في الكلية الحربيّة، وهو مطلب القائد، وفي الوقت نفسه تسمح بإدخال 55 تلميذاً ضابطاً في دورة ثانية للالتحاق بزملائهم؛ وفق مطلب وزير الدفاع".

وأشارت إلى أنّه "لأنّ ميقاتي لا يُريد ترجيح كفّة طرف على آخر، قرّر بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن يقذف "كرة النّار" إلى حضن وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد وسام المرتضى، علّه ينجح في ضبط الخلاف حول "الحربيّة"، على اعتبار أنّ في "CV" الرجل تجربة ناجحة، عندما نجح في حلّ أزمة التعيينات في المحكمة العسكريّة".

وأوضحت أنّ "هكذا، دخلت "الثقافة" بين "الدّفاع" والجيش لإصلاح ذات البيْن، حتّى لا يكسر ميقاتي "الجرة" مع أيٍّ من الجانبين، أو يُمارس مسؤولياته كسلطة عُليا، مكتفياً بالقول أمام الوزراء: "نحن أمام خيارات صعبة، فإمّا أن نغلق المدرسة الحربية أو نكسر قائد الجيش أو نتجاوز وزير الدفاع، فتطوّعوا كل منكم إلى الحل".

وذكرت مصادر متابعة لـ"الأخبار"، أنّ "ميقاتي طلب من سليم حضور جلسة الحكومة، لإقناع الوزراء بصيغة فتح الدورة الثانية، إلا أنّ الأخير رفض حضور الجلسة، ليكون المخرج بعقد اجتماع في مكتب ميقاتي حضره عدد من الوزراء، وتمّ الاستماع خلاله إلى وجهة نظر وزير الدّفاع المتعلقة بتأخير إعلان لائحة الناجحين، بسبب "افتقاد لائحة المرشحين المقبولين للاشتراك في مباراة الدّخول إلى الكلية الحربية، السند القانوني المتمثّل بالقرار الذي كان ينبغي صدوره عن وزير الدّفاع، والاستعاضة عنه بإعلان من قيادة الجيش بُني على وثيقة صلاحية وموافقة المجلس العسكري".

وشدّد سليم على "العيب الجوهري الذي يشوب هذه اللائحة، والبطلان الذي ينسحب على كل ما بُني عليها باعتبارها غير مقرونة بتوقيع وزير الدّفاع"، معتبراً أن هذا "العيب يعطي سنداً قانونياً جدياً لمراجعات قضائيّة ممن تقدم للاشترك بالمباراة ولم يرد اسمه في عداد المقبولين خصوصاً ضمن الناجحين، ومن شأنها أن تفضي إلى الإبطال بعد وقف التنفيذ".

كما بيّنت الصّحيفة أنّ "بعد مغادرة سليم السراي، حضر قائد الجيش جلسة الحكومة، وعرض رأيه الرافض لفتح دورة ثانية، وضرورة توقيع سليم على النتائج بغية إعلانها، كوْنها "ليست معركة تحدّ"، على حد تعبيره. عون الذي تسلّح بأوراقٍ تأبّطها لدى دخوله السراي الحكومي، ومن ضمنها مراسلاته مع سليم، دحض كلام الأخير بعدم علمه بإعلان أسماء المرشحين، بعدما قدّم مستنداً يؤكد توقيع وزير الدّفاع طلب استرحام لأحد المرشحين باعتباره شقيق شهيد".

ورأى عون، بحسب "الأخبار"، أنّ "القانون يتيح لقيادة الجيش عدم الأخذ بكامل العدد (173 تلميذاً ضابطاً) الذي قرّرته الحكومة سابقاً، خصوصاً أنّ 59 فقط اجتازوا الاختبارات، ولا إمكانية للقفز عن العرف المتّبع بـ6 و6 مكرّر، ولذلك اكتفينا بـ118 منهم"، مبرّراً عدم موافقته على فتح دورة ثانية، بسبب "الوقت الذي تأخذه والذي قد يكون نحو 5 أشهر، ما سيؤخّر المرشحين الناجحين سنة إضافية، فيما هم لا يعرفون مصيرهم بعدما سافر بعضهم إلى الخارج"، مضيفاً: "هذا الأمر فيه إجحاف للناجحين في الدّورة الأولى، بسبب فارق السن من جهة وإمكانية اختلاف المعدّل بين الدورتين".

وأضافت الصحيفة: "اقترح عون الإعلان عن نتائج هذه الدورة، والقيام بفتح دورة ثانية للعام المقبل. وتساءل عن سبب "رفض سليم إعلان النتائج بحجّة عدم قانونيتها، في حين وافق على التوقيع عليها شرط فتح دورة ثانية استلحاقيّة؟".

ولفتت إلى أنّه "بعدما استمع الوزراء إلى الجهتين، كانت المحصّلة "صفراً"، ورأى هؤلاء أنّ كل جانب متمسّك بوجهة نظره البعيدة عن الأُخرى، فيما يُحكى أنّ جهات سياسيّة غير متحمّسة أصلاً للضغط على الجهتين من أجل إعلان النتائج، باعتبار أنّ المباراة لم تراع المحاصصة التي كانت متّبعة سابقاً، وأفضت إلى تراكم الملفات القضائية التي تحدّثت عن "تسعيرات" للضبّاط في الأجهزة الأمنية".

انفصام وتخبّط في التعاطي

على صعيد متّصل، شدّدت مصادر مطّلعة لصحيفة "الجمهوريّة"، على أنّ "الخلافات عادت تطغى على اجواء الحكومة، وخصوصا في ملفات تخص وزراء "التيار الوطني الحر" المقاطعين لجلسات الحكومة، لكنهم غير مقاطعين للسراي الحكومي ولا لرئيس الحكومة"، في اداء وصفه مصدر حكومي لـ"الجمهورية" بانّه "انفصام واضح، وتخبّط في التعاطي مع الملفات بين المرجعية والعمل الحكومي".

تحضيرات مستقبلية للأرض والجمهور: سعد "راجع" في 2025؟

من جهة ثانية، أفادت صحيفة "الأخبار" بأنّ "أكثر من عامين من الاعتكاف، لم يخفّفا من حصة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري المحفوظة من الجمهور السني، حتى وإن قرّر "الظهور" مرة واحدة سنوياً. في فترة "التغييب"، لا يكفّ "تيّار المستقبل" عن المحاولة: انتخابات نقابيّة هُنا، لقاءات شعبيّة هناك، تواصل دائم مع "المفاتيح" الانتخابيّة في المناطق، ومتابعات حثيثة للمنسّقين... وكلّ هذا من "عرق جبين" الأمين العام لـ"التيّار الأزرق" أحمد الحريري، الذي يُلبي الإشارات الآتية من أبو ظبي، مع اجتهادات طفيفة".

وأشارت إلى أنّ "في اعتقاد "الحريريّين" أنّ الاعتكاف لن يطول كثيراً. بعدما بدأوا حملة بعنوان "تعوا ننزل تيرجع" في شباط الماضي، بدأوا يشيعون أن عودة رئيس "المستقبل" صارت مرجّحة عام 2025. لا يملك هؤلاء دليلاً ملموساً، ولا يُراهنون على فك القيود السعوديّة، لكنهم يربطون العودة بتسوية تعيد إنتاج الحكم الذي لن يقوم من دون الضلع السني، وممثله الأبرز سعد الحريري، ولو "من بعيد لبعيد" في مرحلة أولى؛ قبل أن يعود إلى ممارسة العمل السياسي".

وأوضحت الصحيفة أنّ "هذه العودة تعني حُكماً الاستعداد للانتخابات النيابيّة المقبلة عام 2026، أو ربما حتّى الذهاب إلى انتخابات مبكرة في حال رست التسوية على ذلك"، مبيّنةً أنّ "لذلك، وفي إطار التمهيد للعودة، بدأت شخصيّات قياديّة تستعدّ للترشّح، وانعقد المكتب التنفيذي لـ"التيار" منذ نحو أسبوعين بعيداً عن الإعلام، بعد سنواتٍ من توقّف هذه الاجتماعات. وفي هذا السياق أيضاً، توحي زيارات أحمد الحريري إلى المناطق بأنّها لتحضير أرضيّة العودة شعبياً وسياسياً، وإعادة وصل ما انقطع مع "الجمهور الأزرق"، علماً أنه بدأها منذ أشهر قبل أن يجمّدها أخيراً إلى ما بعد انتهاء جولات رجل الأعمال بهاء الحريري، بفعل قرار من رئيس "التيّار" الذي طلب عدم القيام بأي ردّة فعل على الزيارة".

كما ذكرت أنّ "خارج التيار، تمكن أحمد الحريري من ترميم "العلاقات السنيّة- السنيّة"، حتّى مع الخصوم- الصقور، كما هي الحال مع النائب جهاد الصمد، من دون أن يترك النواب الجدد "يغرّدون خارج سربه"، إذ يتابعهم بعناية حتى باتوا كأنّهم في كتلة "المستقبل". وبالتوازي، يضع على جدول أعماله ترتيب العلاقات مع القوى المسيحيّة الوسطيّة البعيدة عن "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية"، التي لطالما كانت محسوبة على "الحريرية السياسية".