في الوقت الذي تنشغل فيه مختلف الأوساط المحلية والخارجية الفاعلة، بمصير العمليات العسكرية على الجبهة الجنوبية بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي، التي تشهد كل يوم تصعيد إضافي في وتيرتها، قررت قوى المعارضة الذهاب إلى مبادرة رئاسية جديدة، من المرجح أن تنضم إلى المبادرات السابقة التي لم تنجح في كسر الجليد القائم، لا سيما أنها لم تقدم أي جديد يذكر، من الممكن الرهان عليه للوصول إلى نتائج عملية، بل على العكس من ذلك هي تعيد الأمور إلى المربع الأول.

في هذا السياق، تشير مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، إلى أن الفريق الآخر، على ما يبدو، "يتسلى" لا أكثر، نظراً إلى أنه ذهب إلى تقديم مبادرة يعلم مسبقاً الموقف منها، وبالتالي لم يكن هناك ما كان يستدعي القيام بهذه الخطوة، على إعتبار أن المطلوب البحث عن حلول، لا إعادة تأكيد المواقف المعروفة، لكن من ضمن صياغة جديدة تضعها في سياق مبادرة رئاسية.

بالنسبة إلى هذه المصادر، هذه المبادرة تعيد التأكيد على المعادلة المعروفة، وهي أن هناك فريقاً لا يريد إنتخاب رئيس للجمهورية في الوقت الراهن، حيث تستمر الرهانات على تطورات الأوضاع في المنطقة، وإلا ما كان ليُصر على رفض الحوار والتشاور، بينما الجميع يعلم أن من المستحيل إنتخاب رئيس جديد من دون إتفاق مسبق، لا سيما أن هذا الفريق نفسه لا يملك الأكثرية النيابية اللازمة التي تمنحه هذه القدرة.

وتلفت المصادر نفسها إلى أن ما يرفض الفريق الآخر التسليم به، بالرغم من كل الدعوات التي توجه له سواء من قبل جهات داخلية أو خارجية، هو أن إنجاز هذا الإستحقاق لا يمكن أن يتم إلا بتوافق بين غالبية الأفرقاء، وترى أنه عند وصوله إلى هذه القناعة من الممكن إنتخاب الرئيس خلال أيام قليلة، وتضيف: "نحن كفريق سياسي نسلم بهذا الأمر، على عكس كل ما يقال، بدليل رفضنا مبدأ الحوار أو التشاور بمن حضر، لأن المطلوب الوصول إلى حلول، لا خلق مشاكل إضافية".

إنطلاقاً من هذا الواقع، قد يكون من المفيد البحث عن الأسباب التي دفعت قوى المعارضة إلى هذا الطرح، من جديد، طالما أنها تدرك مسبقاً الرد عليه، وهو ما قد لا ينفصل عن دعوته، قبل أيام، إلى جلسة نيابية، هدفها مناقشة ملف الأوضاع على الجبهة الجنوبية.

على هذا الصعيد، ترى مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، أن ليس هناك من مبرر لهذه الخطوة إلا الإيحاء بأن مسؤولية التعطيل تقع على الفريق الآخر، على قاعدة أن قوى المعارضة إنضمت إلى الأفرقاء الذين يقدمون مبادرات، بينما قوى الثامن من آذار لا تزال تمتنع عن ذلك، لكنها تشير إلى أن هذه الخطوة لن تقدم أو تؤخر، على إعتبار أن القوى الخارجية المعنية بالإستحقاق الرئاسي تسلم بمعادلة الحاجة إلى الحوار مع "حزب الله"، أو الوصول إلى إتفاق مسبق معه.

وتلفت هذه المصادر إلى أن على قوى المعارضة أن تراقب التطورات التي تحصل بشكل جيد، حيث تسعى غالبية الجهات الدولية والإقليمية إلى الحوار مع الحزب، تحديداً حول ملف الأوضاع على الجبهة الجنوبية، من منطلق حتمية أن يكون جزءاً من الحل المنتظر بعد الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتسأل: "هل تظن قوى المعارضة أن تلك الجهات ستقف على خاطرها، عندما تجد أن مصلحتها الذهاب إلى تسوية مع الحزب، من المرجح أن تشمل الأوضاع الداخلية"؟.

في المحصلة، تعتبر المصادر نفسها أن المعطى الوحيد، الذي من الممكن أن يبرر هذه الخطوة، من الناحية المنطقية، هو إنضمام قوى المعارضة اللبنانية إلى الجهات التي تراهن على عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، على أساس أنه لن يذهب إلى "التساهل" في التعامل مع إيران وحلفائها في المنطقة، ما يعني التسليم بمعادلة يجري التداول بها، منذ أشهر، بأن إنتخاب الرئيس المقبل لن يكون قبل الإنتهاء من الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وحكماً معرفة مصير العدوان على غزة.