رعى وزير الإعلام زياد مكاري "يوم الإعلاميين والفنانين في راشيا الوادي"، في حُضور عضو كُتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب وائل أبو فاعور، بدعوة من "جمعية اللقاء البيئي في قضاء راشيا"، وبالشراكة مع بلدية راشيا، واتحاد بلديات جبل الشيخ، في حفل إطلاق فعاليات لجنة الأنشطة السياحية لعام 2024.

حضر الحفل أيضا، قائمقام راشيا نبيل المصري، وكيل داخلية البقاع الجنوبي في "الحزب التقدمي الاشتراكي" عارف أبو منصور، مُنسق "تيار المردة" في راشيا موسى زغيب، رئيس جمعية "جائزة الأكاديمية العربية" رزق الله الحلو، أمينة سر "نادي الصحافة" ريما خداج مُمثلة النادي، رئيس بلدية راشيا رشراش ناجي، ونائب الرئيس جو سعد، رئيس "جمعية اللقاء البيئي" وليد سيف الدين، وحشد من الفنانين والصحافيين وناشطون بيئيون.

وبعد انتهاء نهار الأحد الطويل في راشيا، وقد قيل كُل ما قيل عن العيش الواحد، ولُغة المحبة، وتنمية القرى والبلدات اللبنانية، والسياحة مع مواسمها ومحطاتها... ماذا عن المردود السياسي لهذه الجَمْهرة الإعلامية الضخمة؟...

بداية، قد يُفسَر حُضور وكيل داخلية البقاع الجنوبي في "الحزب التقدمي الاشتراكي" عارف أبو منصور، ومُنسقا "تيار المردة" في راشيا موسى زغيب، وفي البقاع غابي لبّس، بوجود نقاط تلاق حزبي على أكثر من صعيد، بين "التقدمي" و"المردة"، ما قد يُساهم في حلحلة العقد السياسية!.

كلام اجتماعي اقتصادي

تخلل النهار الطويل في راشيا كلام اجتماعي – اقتصادي. ففيما شدد النائب أبو فاعور، في كلمته التي ألقاها في مطعم "الكنز" في راشيا، على المجتمع والاقتصاد اللُبنانيَيْن، وتحدث عن بدء العمل الجدي، على تحويل راشيا "مقصدا سياحيا دائما"... في حين شدد الوزير المكاري على إيمانه بلُبنان الواحد، الحُر، المُستقِل، والمُساند للقضايا الإنسانية...

وفي تناغُم كلي، أكد الأب ابراهيم سعد، خادم رعية السيدة للروم الأرثوذكس: "... إننا هُنا نتحدث بلُغة واحدة وليس بلغتين اثنتَيْن. فالحديث على الطريقة اللبنانية يختلف بين الصالونات والحلقات الضيقة... وأنا على قناعة بأن العائلة الدرزية في راشيا ضرورة لي كالتنفُس... وإخواننا الدروز يحسون الشعور نفسه. ونسعى معا إلى تعميم هذه النفسية كي نمتنها كي تنتقل، عبر الإعلام إلى كل لبنان".

أبعَد مِن الاقتصاد...

أبعد من الكلام الوطني – السياحي – التنموي، فإن المُبادرة بدعوة أكثر من مئة إعلامي وفنان، إلى يوم تكريمي لهُم في رُبوع راشيا، إنما تحمل في حد ذاتها أكثر من بارقة أمل، في بلدة مُعرضة – وبالأخص في هذه الأيام–لاعتداء إسرائيلي قد يقوم به العدو في أي لحظة...

ولعل بارقة الأمل الأُولى تكمُن في أن يمد الأفرقاء اللُبنانيون الأيدي، فتتشابك تنمَويا ووطنيا واجتماعيا، للحد من تأثير بلد نمت كالفطر فيه الكيدية السياسية حتى استفحلَت!...

ومن ثم فإن لإطلاق المُبادرة في راشيا، معاني إيجابية من حيث الشكل، كما ومن حيث مضمون الكلمات، والحقل المُعجمي المُستخدَم من الرجُلَين، حيث غلب عليه الكلام الجامع المُرتكز على القيم والأعراف والمزدان بلُغة المحبة... وهذا ما كان أشار إليه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط قبل يومَيْن اثنَيْن من الحدث في راشيا، حين كان حاضرا في بيصور، خلال مصالحة عائلية لآل ملاعب، إذ شدد على القيم والأعراف كأسس تقوم عليها العلاقات بيت أفراد النسيج الاجتماعي اللبناني...

إنه وجه آخر من وجوه التعاطي الإيجابي البنَّاء، في مُواجهة التحديات الداهمة، وما أكثرها...

الأب سعد

حين انتقل الوفد الإعلامي–الفني الكبير، ليجول في سوق راشيا الأثري، ومن ثم يزور كنيسة السيدة في راشيا، كان في استقباله هُناك كاهن الرعية الأب ابراهيم سعد وحشد من أبناء الرعية. وقد غص صالون الكنيسة بالمدعوين.

الأب سعد رحّب بزيارة وزير الإعلام إلى الكنيسة. وقال: "نعيش في إطار عيش واحد ونتنفس هواء واحدا، ولدينا حلم أن تكثر من هذه البيئة الفكرية"...

وتابع: "... نحن هُنا في هذه المنطقة نتحدث بلُغة واحدة وليس بلغتين اثنتَيْن. فالحديث على الطريقة اللبنانية يختلف بين الصالونات والحلقات الضيقة... ولكننا هنا، لنا لُغة واحدة فاهلا بكم في داركم".

واستطرد: "أنا على قناعة بأن العائلة الدرزية في راشيا ضرورة لي كالتنفُس... وإخواننا الدُروز يحسون الشُعور نفسه. ونسعى معا إلى تعميم هذه النفسية كي نمتنها كي تنتقل، عبر الإعلام إلى كُل لبنان".

قلعة الاستقلال

كان لافتا أيضا، تخصيص زيارة للوفد الإعلامي – الفني الكبير، إلى قلعة الاستقلال في راشيا.

ولقد زار الوفد "درج قلعة الاستقلال" الذي سيُدشَن قريبا، ومن ثم انتقل إلى قلعة الاستقلال. جال الوفد في كل الأرجاء، زائرا أيضا معرض الأسلحة وغرف الاستقلال. وعلى مدرج القلعة كانت الصورة التذكارية...

هُناك أيضا انسحب الكلام الوطني الجامع، ومحوره العَوْدة إلى الأصالة والأصول...

وقال الوزير المكاري، داعيا إلى الاعتبار: "إن تاريخ لبنان المُشرف، إنما كتبه رجال الاستقلال من هذا السجن!"...

لقد كانت مُرسلة أخرى، رغب الوزير في إطلاقها عبر السُلطة الرابعة!.

تُليَت الكلمتان الرئيسيتان على مسامع الإعلاميين والفنانين في مطعم "الكنز" – راشيا. البداية للنائب وائل أبو فاعور، ومن ثم كلمة الوزير المكاري.

أبو فاعور

شكر أبو فاعور للوزير المكاري تشريفه وتلبية دعوة "جمعية اللقاء البيئي في قضاء راشيا"، وزيارته البلدة. وقال أبو فاعور: "... الشكر (موصول) لكل الإعلاميات والإعلاميين، ووسائل الإعلام الذين لبوا الدعوة في هذه الزيارة".

أضاف: "على رغم المأساة والمُعاناة التي نشهدها في فلسطين، وفي جنوب لبنان، جراء الاعتداءات الإسرائيلية، تبقى إرادة الحياة والبقاء والاستمرار وإرادة التحدي أقوى، لأن ما نقوم به اليوم هو فعل تحد بأن أبناء هذه المناطق، باقون في أرضهم. إننا في منطقة قريبة إلى الجنوب، وما يشهده من اعتداءات، وبالتالي فإن صُمود الناس في هذه الأرض هو في حد ذاته مقاومة وإرادة حياة، وإرادة استمرار".

وتابع أبو فاعور: "الهدف من هذا اللقاء أولا لقاء الصديق الوزير، والإعلاميات والإعلاميين في هذه الزيارة إلى راشيا، والإطلاع على جمالية البلدة. نحن نشكركم، ونتمنى نقل هذه الصورة، آملين في أن تكون صورة جميلة عن راشيا التُراث والمخزون الروحي التاريخي، راشيا البيئة والعيش الواحد، راشيا الاجتماع الذي في أعلى مراتبه في محبة الناس واحترامهم لبعضهم بعضا".

وقال: "آمل في نقل هذه الصورة إلى الإعلام اللبناني والرأي العام، وفي أن نكون أحسنا الضيافة، وأحسنا نقل صورة راشيا، لأن لدينا طموحا بتحويل هذه المنطقة الى مقصد سياحي دائم. أنتُم زرتُم المنطقة وقلعتها، وسوقها الأثري، وجبل الشيخ، ومحمية جبل حرمون، وكل هذه المعالم التي تستحق أن تكون مقصدا لكُل السُياح، على رغم أن ليس لدينا الكثير من البهارج الموجودة في أماكن أخرى... ولكن لدينا شعب مضياف ومنطقة جميلة".

وتمنى أبو فاعور على اللبنانيين أن "يضعوا في قائمة اعتباراتهم زيارة هذه المنطقة".

المكاري

الوزير مكاري قال في كلمته: "جئتُ من إهدن إلى راشيا، فشعرتُ أنني في بلدتي: لأننا نُشبه بعضنا في الكثير من الأمور، على رُغم البُعد الجغرافي. ولكننا مؤمنون بلُبنان الواحد، لُبنان الحُر، المُستقِل، والمُسانِد للقضايا الإنسانية مثل قضية فلسطين. مؤمنون بالعيش المُشترك. ونحن عندنا جيران كما عندكم، ونعيش معا في سلام ووئام وقناعة، وهذا موضوع نوَرِّثه لأبنائنا".

أضاف: "القُدوم إلى راشيا بهذه الظروف ليست مسألة عابرة، بل على العكس، فيها عودة الى جُذور التاريخ، حيث إن الاستقلال انطلق من هُنا. ولُبنان تأسس من هُنا، من سجن راشيا، من سجن بعيد عن راشيا ما يُقارب 100 كلم. واللُبنانيون في وقت الصعوبات مدعوون الى الجُذور المُتأصلة بأهل هذه المنطقة وتاريخها وتقاليدها وعاداتها".

وأكد أن على الشباب في شكل خاص، زيارة راشيا وقلعتها، كي يعرفوا أن لُبنان الجميل تأسس من هذه المنطقة".

وختم شاكرا للإعلاميين والفنانين حُضورهم. كما ودعاهم إلى "بذل الجُهود من أجل تقديم صورة أفضل عن لُبنان، وعن الموسم السياحي الصيفي".

ودعا أيضا "مئات آلاف المغتربين من لُبنانيين وعرب وسياح، إلى زيارة لبنان. وهذا هو دور الإعلام الإيجابي. وكلنا عائلة واحدة".

وأكد: "إنه يوم تاريخي في الاعلام اللبناني".

وخُتم اللقاء بتقديم درع تكريمية إلى الوزير المكاري والنائب وائل أبو فاعور، وإلى الزملاء الإعلاميين المُشاركين في تنظيم هذا اليوم: غابي مخلوف، جان دارك أبي ياغي، عارف مغامس ونادر حجاز.

دور البلديات ومسؤولياتها

لقد ثبتت مبادرة راشيا البلدية –الجمعية– الأهلية، الدور المحوري والمهم الذيي قد تؤديه البلديات بهدف النُهوض بالبلدات والقرى... فهل تكون راشيا عبرة يُحتذى بها؟ أو أنها تبقى – لا سمح الله – تجربة يتيمة؟... هذه المرة يكون دور المُجتمعات الأهلية على المحك!.