وجّه الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد ​حسن نصرالله​، في كلمته خلال إحياء ذكرى العاشر من المحرّم في الضاحية الجنوبية لبيروت، سلامًا إلى "شهدائكم وعوائل شهدائكم وعلى جرحاكم وعوائل جرحاكم، وعلى الصّامدين في بلدات الجنوب والنّازحين من بيوتهم، وعلى المجاهدين المقاتلين المرابطين وعائلاتهم المنتظرة".

ولفت إلى أنّ "في ذكرى عاشوراء، تتّجه العيون والقلوب إلى غزة وأهلها ومقاوميها، لنقول لهم: السّلام على غزة وأهلها الصّابرين، أمثولة هذا الزّمان في الصّبر والصّمود، على نسائها ورجالها وأطفالها، على شهدائها وجرحاها ومقاتليها الشّجعان، على جوعها وعطشها، على دمائها وأشلائها، وعلى شموخها وإبائها، وعلى بطولاتها وإنجازاتها وكرامتها".

وتوجّه السيّد نصرالله إلى "الّذين يريدون منّا الاعتراف بهذا الكيان الغاصب المحتلّ المجرم العنصري، وأن نعترف به ونطبّع معه"، قائلًا: "نردّد ما قاله الإمام الحسين وسط الحصار: لا أعطيكم بيدي إعطاء الذّليل، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد".

وخاطب "الّذين يهدّدون بالموت والقتل والحرب، ويريدون منّا أن نستسلم ونخضع ونسكت أمام الظّلم الرّهيب الّذي يرتكبه العدو الصّهيونيي، خشية الذّهاب إلى حرب، والّذين يطلبون منّا أن نتوقّف عن إسناد المظلومين والمُعتدى عليهم في غزّة وفي الدّاخل اللّبناني، ويهوّلون علينا بالحرب، قائلًا "ألا إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلّة والذلّة... وهيهات منّا الذلّة".

كما ركّز على "أنّنا هنا لننتصر لفلسطين ول​قطاع غزة​ المظلوم،وللضفة الغربية ولشعب ​لبنان​، ولكلّ شعوب منطقتنا الّتي اعتدى عليها هذا الكيان الغاصب، بالاحتال والمجازر والعدوان والتّهديد، وما يزال"، مبيّنًا أنّ "ثلاث دول عربيّة ما زالت تعاني مباشرةً من العدوان، هي فلسطين ولبنان وسوريا، فيما تعاني أمّة المليارَي مسلم من الإهانة والإذلال بسبب جرائم العدو ومجازره اليوميّة بحقّ أهلنا في غزة، من دون أن تحرّك أغلبيّة هذه الأمّة ساكنًا".

وذكر نصرالله "أنّنا في لبنان ومنذ 8 تشرين الأوّل الماضي، دخلنا معركةً مختلفةً ونخوض معركةً مختلفةً، وأعلنّا بوضوح أنّنا فتحنا جبهة الإسناد اللّبنانيّة لمعركة "طوفان الأقصى" الفلسطينيّة، لأنّها معركة الأمّة كلّها، إضافةً إلى جبهات الإسناد في اليمن والعراق ومعنا سوريا وإيران الدّاعمتان".

واعتبر أنّ "ما قامت به المقاومة في غزة في 7 تشرين الأوّل الماضي، هو حقّ كامل لها، وللأسف هناك من ما زال يندّد بما قامت به. أمام معاناة آلاف الأسرى الفلسطينيّين في السّجون، والتّعذيب والتّرهيب، وأمام حصار أكثر من مليونَي إنسان في قطاع غزة، وأمام التّهديدات الّتي يتعرّض لها المسجد الأقصى، وأمام سكوت العالم وتجاهله لقضيّة فلسطين وقضيّة شعب يعيش نصفه تحت الاحتلال والنّصف الآخر في الشّتات، نجد أنفسنا منسجمين تمامًا في جبهة إسنادنا مع انتمائنا للحسين، في معركتنا التّي من الطّبيعي أن نقدّم فيها التّضحيات".

وأوضح أنّ "للمرّة الأولى في تاريخه، يعيش الكيان الصّهيوني أسوأ حالاته وأيّامه وعلى كلّ صعيد، كما يعترف قادته. وللمرّة الأولى يتحدّث قادته ونخبه عن خراب الهيكل الثّالث، والمقصود هذه الدّولة الثّالثة، بعد خراب الهيكلَين السّابقين عبر التّاريخ".

وأشار نصرالله إلى أنّ "للمرّة الأولى، تجد إسرائيل نفسها عاجزة عن تحقيق أهدافها، وتغطّي فشلها بارتكاب المجازر وقتل المدنيّين، وتعاني في جيشها وأجهزتها الأمنيّة وحكومتها وأحزابها وهجرتها المعاكسة وثقتها بنفسها وثقة شعبها بالبقاء فيها ونظرة العالم كلّه لها؛ وهذا حصيلة القتال والصّمود".

إلى ذلك، لفت إلى أنّ "كلّ محاولات الكيان إخفاء خسائره البشريّة والمادّيّة سواء في قطاع غزة أو الضفّة أو ​جنوب لبنان​، بدأت تظهر. وقد أعلن رئيس حكومة العدو السّابق يائير لابيد أنّ 9254 فردًا بين ضابط وجندي أُصيبوا وخرجوا كليًّا من الخدمة، بينهم 3 آلاف بُترت أطرافهم، 650 يعانون من شلل، 185 أُصيبوا بالعمى الكامل، آلاف عدّة يعانون من صدمات نفسيّة حادّة".

وأفاد بأنّ "للمرّة الأولى، اعترف الجيش الإسرائيلي أنّه كما يعاني من نقص في المقاتلين والقادة، الّذين أُصيبوا أو قتلوا في المعارك، أنّه يعاني من نقص في الدبّابات بسبب تضرّرها في جبهات القتال في قطاع غزة والشّمال، وخروجها من الخدمة، إضافة إلى نقص الذّخيرة؛ وأنّ كميّة الدبّابات المتوفّرة حاليًّا ليست كافية للمجهود الحربي الحالي في غزة وفي جبهة الشّمال"، مضيفًا: "إذا جاءت دبّاباتكم إلى لبنان وجنوبه، فلن تعانوا من نقص في الدبّابات، لأنّه لن تبقى لكم دبّابات".

وجزم الأمين العام لـ"حزب الله" أنّ "أميركا تتحمّل مسؤوليّةً كاملةً عن الجرائم والمجازر الّتي يرتكبها العدو الإسرائيلي، من خلال الدّعم المادّي والعسكري الكامل وتزويده بالسّلاح والصّواريخ"، داعيًا ​الشعب الفلسطيني​ إلى أن "لا يصغي إلى الأصوات القبيحة الّتي تحاول الطّعن في المقاومة وتحميلها مسؤوليّة المعركة، فالمقاومة لم يُترك لها خيار، والفلسطينيّون جرّبوا كلّ الخيارات، ومطلوب من الشّعب الفلسطيني بكلّ حركاته وقواه وأحزابه إلى التوحّد اليوم في معركة المقاومة الّتي ستصنع مصير فلسطين والمنطقة بأكملها لا بل الأمّة".

وشدّد على أنّ "جبهتنا لن تتوقّف ما دام العدوان مستمرًّا على غزة وأهلها ومقاومتها، والتّهديد بالحرب لم يخيفنا منذ 10 أشهر، عندما كانت إسرائيل في غزّ قوّتها كما يُقال، ولا تعاني من نقص في القادة والجنود والدبّابات والذّخيرة"، مؤكّدًا أنّ "جهدو إسنادنا ستستمرّ، ما دام العدون مستمرًّا على غزة، ولن نتوقّف على الإطلاق".

كما كشف أنّ "تمادي العدو باستهداف المدنيّين في الأيّام القليلة الماضية، ردّت عليه المقاومة أمس بما يقارب 120 صاروخًا استهدف كريات شمونة والعديد من المستعمرات. والتّمادي في استهداف المدنيّين، سيدفع المقاومة إلى إطلاق الصّواريخ واستهداف مستعمرات جديدة لم يتمّ استهدافها في السّابق".

وأعلن نصرالله أنّه "في حال توقُّف العدوان، سيأتي عدد من الوفود للتّفاوض. ونؤكّد أنّ الجهة الّتي تفاوض باسم لبنان هي الدولة اللبنانية، وقد أبلغنا كلّ من اتصل بنا بذلك"، مؤكّدًا أنّ "كلّ ما يُشاع عن اتفاق جاهز للوضع عند الحدود الجنوبيّة، هو غير صحيح، ولم يتمّ حتّى الآن أي اتفاق". وأشار إلى أنّ "مستقبل الوضع في جنوب لبنان، سيتقرّر على ضوء نتائج هذه المعركة، الّتي ستنتصر فيها جبهات المقاومة إن شاء الله".

وختم: "أياً يكن الدّعم الّذي ستقدّمه الدّولة لأهلنا في المناطق الحدوديّة الجنوبيّة، نحن نؤكّد لأهلنا الّذين هُدّمت بيوتهم، أنّنا سنعمل وإيّاكم يدًا بيد وكتفًا بكتف، وبكلّ وضوح سنعيد إعمار بيوتنا وسنشيّد قرارنا الأماميّة كما كانت وأجمل، لأنّها رمز شرفنا ومقاومتنا وصمودنا".