تستمر التهديدات الاسرائيلية بالحرب على لبنان، وآخرها منذ ساعات عندما نقلت هيئة البث الاسرائيلية عن مصادر قولها أن الحرب على لبنان قريبة، وما هدّد به وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت خلال تفقده لجيشه على الجبهة الشماليّة بإمكانية الانتقال إلى حرب مع حزب الله في لبنان بشكل "سريع ومفاجئ وحاد جداً"، ولكن بين التهديد والواقع هناك فروقات كبيرة.
كثيرة هي التهديدات التي اطلقت بحق لبنان منذ تشرين أول الماضي حتى اليوم، إذ لا يخلو أي أسبوع من موجة تهديد واسعة، ولكن ما كان يمكن تقبله منذ أشهر لا يمكن تقبله اليوم بعد مرور ما يزيد عن 9 أشهر على انطلاق الحرب في غزة واستمرارها الى اليوم، وهنا تدعو مصادر متابعة لوضع الجبهة الجنوبيّة الى مراقبة التصريحات التي تنقلها وسائل اعلام عالميّة عن ضباط وقادة ألوية في الجيش الاسرائيلي، ومفادها أن الأخير الذي أنهكته الحرب في قطاع غزّة، بات ينظر بحذرٍ إلى الحرب في الجبهة الشمالية مع حزب الله.
تؤكّد المصادر أنّه على لسان قادته، يخشى فتح جبهة جديدة مع الحزب في الوقت الراهن، لأن موارد الجيش استنزفت في الحرب ضد قطاع غزة، والجنود الاسرائيليين يشعرون بالتعب والارهاق، وأنهم يحتاجون الى حوالي 15 شهراً لترميم وضعهم هذا بحال توقفت الحرب على غزة بشكل كامل، ولم تتحوّل الى حرب استنزاف مضنية.
كذلك هناك أزمة تجنيد داخل الجيش الاسرائيلي، تنفجر مع ملف الحريديم، أما أزمة الاسلحة فهي بحسب المصادر غير متوافرة، لأنّ الأميركيين يزوّدون الاسرائيليين بما يحتاجونه من السلاح، وغير صحيح أن أميركا ترفض تسليم اسرائيل أسلحة يمكن أن تستعمل في الحرب مع لبنان، وهنا تدعو المصادر الى قراءة المواقف الأميركيّة جيداً وعدم التعويل على هذه الإدارة ولا غيرها، فعندما تتوافر ظروف الحرب، وتوضع اهدافها الاستراتيجيّة لن تقف أميركا في وجهها، وهو لم يتوافر بعد.
في اسرائيل أزمة عسكريّة وسياسيّة فالحكومة غير قادرة على رسم استراتيجيّة الانتهاء من حرب غزة، ومن هنا يبدو أنّ توسّع الحرب في لبنان هو خيار بعيد، لذلك يسعى رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو الى إطالة امد الوضع المتفجّر بالشكل الذي هو عليه، حيث تستفيد اسرائيل قدر الإمكان منه من خلال عمليات الاغتيال التي تنفذها بحق قادة وعناصر الحزب، وبحق من تتهمهم أميركا واسرائيل بتمويل أو بالمساعدة بتمويل حركات المقاومة.
نعم، ترى المصادر أنّ الحرب الواسعة قد لا تكون في مصلحة الادارة الاميركية الحالية على أبواب الانتخابات الرئاسية، ولكن هذا أيضاً لا يجب أن يُعتدّ به لأن تأثير الادارة يضعف شيئاً فشيئاً، لذلك يبقى التعويل على أمرين أساسيين لمنع اتّساع رقعة العمليات العسكرية، الأمر الأول هو قوة الحزب وما يخفيه من مفاجآت، وما تنقله تقارير الاستخبارات الاسرائيلية والاميركية حول قدراته براً وبحراً وجواً، والأمر الثاني هو قدرة الجيش الاسرائيلي حالياً على الدخول في حرب شاملة مع الحزب، واحتمال ان تكون مقدمة لحرب اقليميّة.
خطر توسع الحرب يبقى قائماً رغم كل ما ذكرنا، كما هو احتمال تصعيد المواجهات على الحدود، لذلك فإنّ الحزب يُراقب بشكل مكثف كل ما يجري داخل اسرائيل من نقاشات جدية، وهو يتعامل مع كل التطورات بمنطق وعقل، إنما عندما تقع الحرب، سيسقط الهدوء والتأنّي، وستصبح المواجهة عظيمة لا يتوقّعها كل من يتابع الصراع العربي الاسرائيلي منذ نشأته حتى اليوم.