نقلت صحيفة "الجمهورية" عن أحد سفراء اللجنة الخماسية، تأكيده أنّ "مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري تشكّل اقرب الطرق الى انتخاب رئيس للجمهورية، ومن خلال لقاءاتنا مع كل الجهات تأكّد للجنة الخماسية انّ نقاط الالتقاء بينها أكثر من نقاط الاختلاف، وفي الإمكان البناء عليها وصولاً الى تفاهم يفضي إلى إنهاء الأزمة الرئاسية".

ورداً على سؤال للصحيفة، لم يؤكّد السفير عينه او ينفي أي دور جديد للجنة الخماسية، الّا انّه قال: "التشاور مستمر في ما بين اعضاء اللجنة، وكما انّ التواصل قائم مع الجهات اللبنانية، وفيها نؤكّد على أنّ عوامل كثيرة، ناشئة عن الظروف الصعبة التي تمرّ فيها المنطقة، نرى ضرورة كبرى في أن تحفّز اللبنانيين على أن يبادروا عاجلاً الى التقاط زمام الامور واعادة انتظام مؤسساتهم الدستورية والسياسية، وكلما عجّلوا في ذلك، ففي ذلك مصلحة اكيدة للبنان".

وعلمت "الجمهورية"، انّ كلاماً بهذا المعنى، تلقّاه مسؤول لبناني من شخصيات سياسية وديبلوماسية غربية التقاها على هامش فعالية دولية في عاصمة اوروبية. وبحسب المعلومات فإنّ النقاش في هذه اللقاءات تمحور حول ملف المنطقة الحدودية بصورة خاصة، وتركّز في جانب منها على الملف الرئاسي.

وبحسب ما نقلت مصادر الصحيفة عن المسؤول اللبناني، فإنّ تلك الشخصيات ترى في خريطة الطريق التي رسمتها اللجنة الخماسية قاعدة ارتكاز لحل رئاسي تتوافق عليه الجهات السياسية في لبنان. والأهم من كل ذلك هو أنّه لا يوجد ايّ عامل خارجي يمنع اللبنانيين من انتخاب رئيس للجمهورية في الوقت الحالي، بل على العكس من ذلك، يرون انّ ظروف المنطقة، وما يعانيه لبنان سواء من صراعاته السياسية، او من المواجهات الخطيرة الدائرة على حدوده الجنوبية، تحتّم عليه المبادرة الى اجراءات إنقاذية، وفي سياقها يندرج اتفاقهم على انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تواكب التطورات وما قد يترتب عليها من تداعيات. فضلاً انّ مستقبل المنطقة ومن ضمنها لبنان، وما قد يرتبط بها من حلول وإجراءات، تفرض ان يكون رئيس جمهورية لبنان على طاولة البحث حول تلك الحلول والاجراءات.

وفي الشأن الرئاسي، أشارت صحيفة "الأخبار"، إلى أنّه "منذ توقّف تحرك اللجنة الخماسية، وتفرملت مهمة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، لم يعد اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون قيد التداول في لائحة المرشحين الذين لا بد منهم. مع التمديد له قبل أشهر، بدا وكأن الصفقة تقف عند حدود مقر قيادة الجيش في اليرزة، من دون أن تصل إلى محيط قصر بعبدا. اليوم، فإن كل ما أحاط بإخراج تسوية امتحانات المدرسة الحربية، يجعل الأمور أكثر مدعاة للتساؤل"، موضحة أنّه "ثمة اقتناع لدى قوى سياسية بأن مشكلة المرسوم المتعلق برئيس الأركان حسان عودة ستُحلّ بالطريقة نفسها التي حُلت فيها مشكلة دورة المدرسة الحربية. ومغزى الموافقة على ذلك معروف، أي سحب التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون من التداول، بعدما كانت ذريعة التمديد له وإبقاؤه في السباق الرئاسي، عدم وجود من يحل محله إذا اضطر إلى الغياب أو السفر".

وأفادت الصحيفة بأنّه "يُسجل أن قطر لم تعد تخوض معركة قائد الجيش كما كان يُتوقع، خصوصاً بعد مرحلة وقوف الدوحة إلى جانب الجيش ومدّه بالمساعدات المالية. وفي واشنطن الأمر نفسه، إذ لم تقم بأي جهد في معركة التمديد لقائد الجيش لإبقائه مرشحاً. الخيار الأميركي بالحفاظ على المؤسسة العسكرية، كان محصوراً بتأمين الاستمرارية القيادية فيها".

واما في الشأن الجنوبي، فتنقل مصادر صحيفة "الجمهورية" عن مسؤول الى أنّ مقاربات تلك الشخصيات تميل الى المنطق الاسرائيلي، وتتحدث عن "حزب الله" بلغة اتهامية بإشعال المواجهات مع الجيش الاسرائيلي، الّا انّها في الوقت ذاته تعبّر عن مستوى عالٍ من القلق من اتساع وتيرة ودائرة المواجهات، وتتبنّى موقفاً واحداً خلاصته إنهاء المواجهات بحل سياسي يعزز القرار 1701، ويرسّخ الامن والاستقرار على جانبي الحدود.

واللافت في ما يكشفه المسؤول عينه للصحيفة، أن لا أحد على دراية بماهية الحل السياسي لجبهة الجنوب، إلّا انّهم يثقون بمشروع الحل الذي طرحه الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين، وقدرته على تسويق هذا الحل مع الجانبين اللبناني والاسرائيلي.

الى ذلك، كشفت مصادر سياسية رفيعة لـ"الجمهورية"، انّ احتمالات الحل السياسي للمنطقة الجنوبية لا تبدو ممكنة في المدى المنظور، ربطاً بتعثر المفاوضات الجارية لبلوغ صفقة تنهي الحرب بين الجيش الاسرائيلي وحركة "حماس" في قطاع غزة، من شأنها أن تلفح جبهة الجنوب اللبناني.

وبحسب المصادر، فإنّ الوضع كما تشير الوقائع الميدانية يتدرّج من تصعيد الى تصعيد أكبر، وهذا التدرّج من شأنه أن يضع صعوبات اضافية في طريق اي حل سياسي مُقترح للمنطقة الجنوبية. وقالت: "انّ مفاوضات الصفقة متعثرة حتى الآن، الّا انّ أفقها لا يبدو مسدوداً، وبالتالي قد تحصل مفاجآت في اي لحظة. ومن هنا فإنّ الوساطات الخارجية والجهود الاميركية ما زالت ترى انّ الصفقة قد تتولّد خلال الاسابيع المقبلة. ما يعني في الوقت ذاته انّ احتمالات الحل السياسي لجبهة الجنوب تصبح اكبر واسرع".

الى ذلك، علمت "الجمهورية" أنّ مستويات أممية تتحرّك في غير اتجاه داخلي، والغاية من ذلك على ما يقول مطلعون نقل تحذيرات حول أنّ مخاطر اتساع الحرب باتت كبيرة جداً، اسستناداً الى تقارير "اليونيفيل" التي تصرّح عن مستوى عالٍ من القلق من الخروقات العلنية للقرار 1701، ومن التطورات المتسارعة على طول خط الحدود التي تنذر بواقع شديد الخطورة على جانبي الحدود، وخصوصاً انّ ميدان المواجهات مرتبط بخطأ في التقدير او في الحسابات من هذا الطرف او ذاك.

وبحسب المعلومات، فإنّ مسؤولين أممين عكسوا تأييد الامم المتحدة وامينها العام أنطونيو غوتيريس لحل سياسي بين لبنان واسرائيل يجنّبهما حرباً واسعة بينهما، ويشدّدون على إتمام هذا الحل خلال الفترة السابقة لتمديد مجلس الامن الدولي لمهمّة قوات "اليونيفيل" في الجنوب اواخر شهر آب المقبل، لكي يأتي قرار مجلس الأمن متمماً لهذا الحل ومحصناً له.