عملا بمقولة "الضربة التي لا تقتُلك تُقويك"، تسلح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، برصاصة لامسَت قرموشة أُذنه، فقلبت الموازين الانتِخابية في حملته الرئاسية الجديدة، ونقلت بعض الناخبين الأميركيين المُترددين من ضفة إلى أُخرى... ولكي يُجهِز أكثر على مُنافسه "الديمقراطي" جو بايدن، راح ترامب يُوزع "الشوكولاته الانتخابية"، مُستوحِيا من الشرق، مَقولة شعبية أُخرى مشهورة في الشارع العربي ومفادها: "وَزِّع (وعودًا) وطَعْمينا"!.

السلام في العالَم!

على خط الحرب الروسية – الأُوكرانية، أكد ترامب أنه تحدث هاتفيا مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ووعده "بإنهاء الحرب" إذا عاد إلى البيت الأبيض. وتجليا لكرَمه الفائق، لم يكتف المُرشح "الجُمهوري" بوقف الحرب في أُوكرانيا، بل وفي العالم بأسره... فقد كتب عبر حسابه على منصته "تروث سوشال": "إذا أصبحتُ الرئيس المُقبل للولايات المُتحدة، سأجلب السلام إلى العالم، وأُنهي الحرب التي كلفت كثيرا من الأرواح". وكثيرا ما يدّعي ترامب، أنه سيكون قادرا على إنهاء الصراع في أوكرانيا سريعا جدا، عندما يعود إلى السلطة. ولكنه لا يُقدم تفاصيل عن سبل تحقيق ذلك.

الملف اللُبناني

بيد أن "شوكولاتة وعود" ترامب، لا تشمُل الملف اللُبناني، فيما الحريق الإقليمي يقترب… ولُبنان يحبس أنفاسه!. لقد بُتنا مُجددا في عين العاصفة أكثر من غزة، كما وأن لُبنان ينزف قبل حرب أُوكرانيا بكثير... ولُبنان يترقّب العد العكسي لما ستُفضي إليه التطورات بعد زيارة نتنياهو واشنطن التي توجه إليها الأحد الماضي. ولذا، فإن ما يفصل لبنان عن نهاية تموز الجاري، سيتسم بـ "ترقُب ثقيل وحذر وخطر"، من دون أن ننسى العُدوان الإسرائيلي على مدينة الحديدة في اليمن ومُنشآت تكرير النفط في مينائها، وقد بات الوضع معه داخل نفق نُشوب المُواجهة الإقليمية الشاملة!. وفي هذا الإطار، لا بُد من التوقُف أيضا عند ما يُحكى عن تحذير "حزب الله" من أن الهُجوم الإسرائيلي على اليمن إنما هو "إيذان بمرحلة جديدة وخطِرة"... فهل "عصا ترامب السحرية" كفيلة باجتراح المُعجزات؟... أم أن الأمر لا يتعدى توزيع الوعود؟. وقد خرج ترامب من المُؤتمر العام للحزب الجُمهوري، في مدينة "ميلووكي" (ولاية ويسكونسن)، وهو أكثر قوة مما كان عليه في الأشهُر الأخيرة، مُحكِما سطوته على الحزب، الذي صار محوره عبادة الشخص، وليس السياسات.

الاستثمار بمُحاولة الاغتيال

وسط هذه المشهدية المكتنفة بالضبابية من أكثر من اتجاه... يبدو ترامب ماضيا في الاستثمار في محاولة اغتياله. وقد أعلن السبت في 20 تموز 2024، أمام أول تجمُع انتخابي له مُنذ نجاته من محاولة الاغتيال: "تلقيتُ رصاصة من أجل الديمقراطية". بيد أن خطاب ترامب الناري، على ما جرت العادة، يبقى دوما غير مُترابط الأجزاء. شأنه في ذلك شأن التقاطُعات والتناقُضات السياسية على امتداد عالم، يدعي ترامب إنه سيُعيد السلام إليه بالقِطعة، بدءا من أُوكرانيا!.

إنسحاب بايدن

بعد وقت قصير من إعلان الرئيس بايدن قراره، الأحد الماضي، بالانسحاب من الترشح إلى ولاية رئاسية ثانية، لمصلحة نائبته كامالا هاريس، قال ترامب في تصريح إلى شبكة (سي – إن - إن)، إنه يعتقد أن هزيمة نائبة الرئيس في انتخابات الخامس من تشرين الثاني، "ستكون أسهل" من هزيمة الرئيس الديمقراطي جو بايدن!. ولا شك أن ترامب، سيستثمر في الأيام المُقبلة، في حال التردد السائدة في أوساط الديمقراطيين، والتي دفعت ببايدن أخيرا، إلى الخُروج من السباق الرئاسي، بعد ضُغوط هائلة عليه، من "أهل بيته الانتخابي".