في شهر تشرين الاول الماضي، وبعد أيام من اندلاع الحرب في الجنوب اللبناني، اعدت الحكومة خطة طوارئ تحسباً لارتفاع منسوبها، ولكنها بقيت دون تنفيذ، اولا بسبب عدم توسع الحرب، وثانياً بسبب غياب التمويل اللازم لها.
تقول مصادر متابعة أن خطة الطوارئ للحكومة نجت من امتحان صعب للغاية عندما بقيت العمليّات العسكريّة في حدودها المستمرة حالياً، فلو توسّعت لاكتشف اللبنانيون غياب أي خطط للمواجهة، فما قامت به الحكومة لجهة إعداد بضع مراكز إيواء للنازحين، وتقديم بعض المعونات لهم من فرش وغيره، كان أقل بأشواط من المطلوب.
من حسن حظّها أيضاً تعاون أهل الجنوب مع النازحين حيث تم تأمين المنازل المجانية وشبه المجانية لهم، ومن يُضطر لدفع بدلات الإيجار، خاصة لأولئك الذي امتهنوا استثمار الأزمات لصالح تعبئة جيوبهم، يتلقّّى المساعدات من حزب الله الذي بدأ منذ أشهر المساهمة بدفع بدلات الإيجار للعائلات التي لم تجد مسكناً مجانياً، وتحديداً في المدن، لأنّه في القرى الجنوبية فإن النسبة الأكبر من النازحين يسكنون دون مقابل.
كذلك فيما يتعلق بالمساعدات المادّية والعينية للنازحين فإن الاحزاب وبعض الجمعيات يقومون بما يستطيعون، فحزب الله على سبيل المثال يقدّم التغطية الصحّية الشاملة والكاملة للنازحين، بينما الدولة عاجزة عن فعل ذلك، وبالتّالي فإن الحكومة لو خضعت للامتحان الجدّي لكانت رسبت بامتياز.
تُشير المصادر عبر "النشرة" ان الحكومة ورغم كل الصعوبات والإخفاقات، تمكنت بالتعاون المستشفيات الخاصة والعامة من تجهيز القطاع الصحّي بالحدّ الأدنى من المتطلبات لمواجهة أي احتمال صعب على الجبهة الجنوبيّة، ومن هنا يبرز كلام نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون عن "جهوزية" القطاع لتنفيذ خطّة الطّوارئ الّتي تتمّ محاكاتها والتدرّب عليها بشكل دائم" بحال اندلاع حرب واسعة، متحدثاً عن 7000 سرير في المستشفيات الخاصة، ستكون بمعظمها للحالات الحساسة ومصابي الحرب بحال وقعت، أما مخزون الأدوية والمستلزمات الطبية والأوكسجين والمازوت فقد تم تأمين ما يكفي لمدّة شهر تقريبًا.
تكشف المصادر عبر "النشرة" أن الحكومة تعمل منذ أسابيع على تطوير خطة الطوارئ بعد مرور 9 أشهر على الخطة الأولى، حيث تحاول أن تكفيها مع كل المستجدات، ومواكبة لكل التهديدات الإسرائيلية التي تُطلق بحق لبنان كل يوم، مشيرة الى أنّ رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لا يزال عند رؤيته بأنّ الحرب الواسعة على لبنان لا تزال مستبعدة، إلا انه لا يمكنه انتظار حصولها لكي يتحرك، ومن هنا تعمل أجهزة الحكومة على إدخال تعديلات على الخطة.
بالمقابل، هناك خشية بحسب المصادر من إمكانية أن تكون الحرب أكبر من قدرة أجهزة الدولة والقطاعات على التحمل، فعلى سبيل المثال، حذّر القائمون على القطاع الصحي من إمكانية انهياره بحالتين، الأولى بحال استمرارها لفترة طويلة تزيد عن شهر أو ستة أسابيع، والثانية أن يكون عدد الجرحى كبيراً يفوق قدرة القطاع على التحمل، ففي حال تحقق أحد الأمرين فإن القطاع مهدد بالإنهيار.
في حرب تموز عوّلت الحكومة على المساعدات الخارجية لتأمين ما يحتاجه القطاع الصحي، وربما يعوّلون اليوم على نفس المصادر بحال حصل المحظور، ولكن ماذا لو لم تلبّي هذه المصادر حاجات لبنان، كما يحصل في غزة؟.