دخلت المنطقة، منذ نهاية الأسبوع المنصرم، مرحلة جديدة من التصعيد، إنطلاقاً من تطورات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجنوب لبنان، لا سيما بعد أن بادرت إسرائيل إلى الرد على عملية "أنصار الله" في تل أبيب بسلسلة غارات داخل الأراضي اليمنية، الأمر الذي أوحى بأن الأمور من الممكن أن تخرج عن السيطرة في أي لحظة.

في ظل هذه الأجواء، كانت تتضارب المعلومات حول إمكانية الوصول إلى تسوية جديدة، حيث عاد بعض المسؤوليين إلى بث أجواء إيجابية، بينما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، طوال الفترة الماضية، يناور لمنع حصول ذلك، خوفاً من التداعيات التي قد تترتب على مستقبله السياسي، لكن ما هي السيناريوهات المحتملة اليوم؟.

في هذا السياق، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن تنحي الرئيس الأميركي جو بايدن عن السباق الرئاسي زاد الأمور تعقيداً، نظراً إلى أنّ الإدارة الحالية، في الفترة الفاصلة عن موعد تسلّم الرئيس المقبل، لن تكون قادرة على فرض أيّة ضغوط على إسرائيل، في حين هي قبل ذلك لم تنجح في دفع نتانياهو للذهاب إلى تسوية مع حركة "حماس"، الأمر الذي يشير إلى أنه قد يسهل من مهمة رئيس الوزراء الإسرائيلي في الولايات المتحدة.

بالتزامن، تشير المصادر نفسها إلى أن نتانياهو يستطيع، من الناحية العملية، الإستمرار في رهانه على عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، خصوصاً بعد الإشارات التي كان قد بعث بها الأخير في الأيام الماضية، والتي توحي بأنه لن يكون متساهلاً في التعامل مع إيران وحلفائها في الشرق الأوسط، على إعتبار أن كل المعطيات الحالية تصب في إطار أن ترامب يستطيع الفوز على أي مرشح من الحزب الديمقراطي.

هذه الأجواء، توحي بصعوبة الوصول إلى تسوية في قطاع غزة، في الفترة الفاصلة عن الإنتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، بما يعنيه ذلك من إستمرار المعارك على جبهة جنوب لبنان، لا بل مع إمكانية تصاعدها أو تمدّدها نحو ساحات أخرى، قد تكون الساحة اليمنيّة أبرزها، لناحية الرد والرد المقابل من الجانبين.

في قراءة مصادر أخرى، هذا الواقع، تحديداً داخل الولايات المتحدة، لا يعطي رئيس الوزراء الإسرائيلي هامشاً كبيراً للتحرك، على عكس ما يحاول البعض الإيحاء، نظراً إلى أنّ تل أبيب غير قادرة على الذهاب إلى مواجهة أوسع من دون دعم واشنطن لها، لا بل حتى الشراكة الكاملة معها على المستوى العسكري، الأمر الذي تستبعد حصوله في الفترة الحالية، نظراً إلى أن إدارة بايدن باتت بحكم تصريف الأعمال، والولايات المتحدة بأكملها منشغلة في الصراع الداخلي، الذي من المتوقع أن يشتد أكثر.

هنا، تلفت المصادر نفسها إلى أن نتانياهو قد يجد نفسه مضطراً إلى التراجع، حتى ولو كان ذلك بحدود منع الذهاب إلى المزيد من التصعيد لا وقف العدوان بشكل كامل، خصوصاً أن المحور المقابل لم يتردد في الرد على التصعيد، سواء من جبهة جنوب لبنان أو من اليمن، في رسالة واضحة بأن التداعيات التي من الممكن أن تترتب على ذلك ستكون كبيرة، ومن ضمن مسعى هدفه وضع خطوط حمراء على أي خطوة من الممكن أن يقدم عليها.

في المحصّلة، تشدّد هذه المصادر على أنّ الأمور لا تتوقّف فقط على الموقف الأميركي، بل هناك العديد من المعطيات الأخرى التي يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار، لكنها توضح أن ما يمكن التأكيد عليه هو أن الواقع الأميركي المستجد، تحديداً في الفترة الفاصلة عن إنتهاء الإنتخابات، ليس عاملاً مساعداً لنتانياهو، بل على العكس من ذلك قد يكون سلبياً، إلا بحال قرر تجاوز كل ذلك والذهاب لخطوة غير محسوبة النتائج.