على وقع حالة من الإرباك تسيطر على المشهدين الإقليمي والدولي، لا سيما بعد قرار الرئيس الأميركي جو بايدن الانسحاب من الاستحقاق الرئاسي في الولايات المتحدة، بالتزامن مع التصعيد الكبير على الجبهات المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تُطرح الكثير من الأسئلة حول الخطوات التي تقوم بها بعض قوى المعارضة، خصوصاً لناحية توقيتها.

في هذا السياق، بات من الواضح أن هذه القوى تسعى إلى اشتباك داخلي مع قوى الثامن من آذار، تحديداً مع "حزب الله" و"حركة أمل"، بالرغم من سعي الفريق الآخر إلى تجنب ذلك، خصوصاً بعد التقدم بعريضة رسمية لعقد جلسة نيابية، هدفها البحث في التطورات على الساحة الجنوبية.

في هذا السياق، تشير مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، إلى أن هذه الخطوات كانت قد بدأت من خلال ما سمي بالمبادرة الرئاسية، التي كان الجميع يدرك مسبقاً أنها لا تتضمن أيّ جديد يذكر، حيث كان الهدف منها إرسال الرسائل إلى الخارج المعني بهذا الاستحقاق، لا الوصول إلى معالجة المشكلة بشكل حقيقي.

بغض النظر عن المضمون، توضح هذه المصادر أن من يريد أن يطرح مبادرة، يسعى إلى تأمين مقومات نجاحها قبل أي أمر آخر، وتسأل: "هل السجالات التي رافقت هذه المبادرة كانت تصب في هذا الاتجاه"، لتجيب: "حكماً لا، لكن الهدف كان القول إن الفريق الآخر هو الذي يرفض المبادرات، بينما هم يسعون إلى الحل، وهو ما ينافي الحقيقة بشكل مطلق".

انطلاقاً من هذا الواقع، تقرأ المصادر نفسها موضوع العريضة النيابية، حيث تلفت إلى أن الجميع يدرك أن ورقة التصعيد هي بيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وحده فقط، وبالتالي أي مناقشة في المجلس النيابي، من الناحية العملية، لا تقدم ولا تؤخر في مسار الحرب القائمة منذ السابع من تشرين الأول الماضي، وبالتالي الهدف ليس إلا افتعال سجالات في توقيت أقل ما يُقال فيه أنه غير مناسب.

بالنسبة إلى المصادر النيابية في قوى الثامن من آذار، الجميع بات يعلم أن "حزب الله" يحرص على عدم توسيع رقعة المواجهات العسكرية، بالرغم من ما تقوم به تل أبيب من استفزازات، لا سيما على مستوى إستهداف المدنيين، إلا أن قوى المعارضة لا تريد أن ترى هذا الأمر، بل تريد أن تخلق وقائع مغايرة لما تسلم به الولايات المتحدة نفسها، رغم أنها شريك أساسي في العدوان على غزة.

وبعيداً عن لغة الحسم في مصير الجلسة، لناحية إمكانية التجاوب مع العريضة، رغم أن هذا الأمر مستبعداً إلى حد كبير، تلفت المصادر نفسها إلى أن المستغرب هو أن ما تُطالب به قوى المعارضة يتخطى ما تطالب به إسرائيل نفسها، وهو ما يجب السؤال عن أسبابه الحقيقية، حيث ترى أن المشكلة تكمن بأن هناك من يعيش قلق حصول تسوية على حسابه، بينما هو يريد الإنتقال إلى مرحلة جديدة من الرهانات.

في المحصّلة، تشدد هذه المصادر على أن كل ذلك لن يفيد، لأن المعادلات معروفة، وأقصر طريق إلى الحل الداخلي، بالنسبة إلى الإستحقاق الرئاسي، هو الحوار، أما بالنسبة إلى الأوضاع على الحدود الجنوبية، فإن الجميع يدرك أن لا تأثير لمثل هذه التحركات، إلا الإستعراض والمزايدة الشعبوية.