أكد مصدر وزاري سابق لصحيفة "الأنباء" أن "الاستحقاق الرئاسي أسير معضلات ثلاث، اثنتان منها على علاقة مباشرة بالحرب في غزة، وهي التالية عدم قدرة المعارضة اولا على اختيار مرشح توافقي حقيقي يرضي الجميع، وثانيا على فرض المسار الدستوري لانتخاب رئيس، وعدم استعداد حزب الله لانتخاب رئيس قبل انتهاء الحرب في غزة والجنوب، لفرض شروطه وما يريده من مكتسبات سياسية كمنتصر في الحرب، بدليل رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري اقتراح حزب القوات اللبنانية بإقامة حوار بمعزل عن المعارضة، رغم تأكيد الأخيرة على حتمية مشاركتها في جلسة انتخاب الرئيس التي ستلي الحوار السباعي، ما يعني من وجهة نظر المصدر أن بري يحتج برفض القوات للحوار لتبرير عدم الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس، والسبب الثالث هو عدم وجود ضوء أخضر غربي وتحديدا أميركي قبل معرفة ما تريده إيران كثمن لعودة الاستقرار إلى المنطقة".

وأضاف المصدر: "هذا هو الواقع اللبناني في ظل الحرب على غزة وفي جنوب لبنان، وبالتالي لا انتخابات رئاسية في لبنان إلا بحصول عجيبة تسبق الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، بدليل أن كل المبادرات والمساعي الخارجية أطفأت محركاتها ليقين أقطابها بأن الوضع في لبنان عصي على الحلول. فمن المبادرة الفرنسية إلى مساعي اللجنة الخماسية إلى الوساطات العربية وما رافقها من تدخلات خارجية بالجملة، كلها محاولات تحلت بالعزيمة والجدية، لكنها لم تتمكن أمام تداعيات الحرب في غزة من اختراق جدار الشغور الرئاسي".

وتابع المصدر قائلا: "بري يعيش أفضل أيامه السياسية، فهو في موقع المسؤول الأول بالبلاد في ظل غياب رئيس الدولة وحكومة تصريف أعمال برئاسة نجيب الميقاتي، وهذا قد يستمر إلى العام 2026 موعد الانتخابات النيابية، التي من المتوقع أن تواجه تمديد ولاية المجلس الحالي، ما يعني أننا أمام ستاتيكو طويل الأمد".

وفي سياق منفصل وعن قراءته لأزمة رئاسة أركان الجيش بالتوازي مع اقتراب موعد انتهاء السنة الممددة للعماد جوزف عون على رأس المؤسسة العسكرية، أكد المصدر أن "البحث يدور حاليا حول إيجاد صيغة تخلص إلى تشريع تعيين اللواء حسان عودة في موقعه رئيسا لأركان الجيش، مقابل إما أن يتولى الأخير زمام الإمرة العسكرية إلى جانب المجلس العسكري بكامل أعضائه، وهذا احتمال ضعيف، وإما ان يصار إلى تمديد سنة جديدة لعون مع تمديد سن التقاعد لكل الضباط من رتبة ملازم إلى لواء، وهذا أيضا احتمال ضعيف، وإما انعقاد مجلس الوزراء بأكثرية الثلثين وتعيين قائد جديد للجيش على أن يترك لرئيس الجمهورية بعد انتخابه القرار بإبقائه في موقعه او إقالته وتعيين آخر، وهذا الاحتمال الأقرب إلى المنطق، علما انه في الحالات الثلاث حقيقة واحدة هي أنه من رئاسة الجمهورية إلى حاكمية مصرف لبنان إلى قيادة الجيش، وحدها المواقع المارونية معرضة للتجاذب والسقوط في أزمات حادة".

وحذر مرجع سياسي مسيحي كبير في تصريح لـ"الأنباء" من "تشجيع البعض الشغور في منصب العماد قائد الجيش، في مرحلة حساسة تمر بها البلاد".

ودعا إلى "تثبيت الحضور المسيحي في مراكز أساسية في الدولة اللبنانية، بعد الشغور في مركز رئاسة الجمهورية، وعدم تعيين حاكم أصيل لمصرف لبنان بعد نهاية الولاية الطويلة للحاكم السابق رياض سلامة". وميز المرجع بين "الفارق في وضعي سلامة والقائد عون، ذلك ان الأول رحل تحت ثقل الملفات التي تسبب بها، فيما يقوم الثاني بدور مفصلي في فترتي الشغور الرئاسي والحرب في جنوب لبنان".

وأبدى المرجع خشية من تمكين حكومة تصريف الأعمال إجراء تعيينات كبرى في غياب رئيس الجمهورية. وتساءل: "عندها ماذا يبقى من دور رئيس البلاد؟ علما ان الحكومة الحالية تختلف عن تلك التي أدارت البلاد في فترة الشغور الرئاسي التي تلت نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان (بين 2014 و2016)، حيث كانت القرارات توقع بإمضاء الوزراء جميهم، ولا تصدر فقط بتوقيع رئيس الحكومة كما يحصل حاليا".

إلى ذلك، شدد مصدر محلي لـ"الأنباء" على ان "التفاوض حول الحدود يمكن ان ينجز في فترة قياسية فور التوصل إلى وقف النار، الأمر الذي يفتح الباب أمام تحريك ملف الرئاسة ووضعه على سكة الحل، سواء بالحوار او من خلال مسعى إقليمي".