اتّهم رئيس حزب "القوّات اللّبنانيّة" سمير جعجع، "الجهات نفسها الّتي عطّلت التّحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، بتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية"، مبيّنًا أنّ "هذه الجهات لا تريد انتخابات رئاسيّة حقيقيّة، بل تريد ترتيب الأمور في الغرف المظلمة لاختيار رئيس الجمهوريّة بشكل صوري".
وأشار، في كلمة مصوّرة خلال العشاء السّنوي لمنسقيّة دائرة بيروت الثّانية في "القوّات اللّبنانيّة"، إلى "أنّنا نعيش في الوقت الرّاهن مأساةً كبيرة. صحيح أنّ مأساة انفجار المرفأ هي مأساة كبيرة، إلّا أنّنا نعيش في كلّ يوم مأساةً من قبل الفريق نفسه وهو فريق "الممانعة"، الّذي "اسمه على كَسمه"، هذا فريق ضدّ كلّ شيء ويمانع كلّ شيء إلّا ما يقوم به هو لغاية في نفس يعقوب؛ يعقوب غير اللّبناني".
وأكّد جعجع أنّ "تاريخ 4 آب 2020 لن يُمحى من ذاكرة اللّبنانيّين، حتّى تظهر الحقيقة ويتمّ إحقاق الحق"، مشدّدًا على أنّ "هذه المأساة لا تزال تلقي بظلالها على لبنان بأكمله. حيث أسفر الانفجار عن مقتل أكثر من 200 شخص، وإصابة الآلاف بجروح، وتسبّب في أضرار جسيمة لعشرات الآلاف من سكان العاصمة. ولم يتوقّف الأثر عند هذا الحد، فقد أصاب الاقتصاد اللبناني في الصّميم، لكنّه الأهم من ذلك، أصاب النّفسيّة المجتمعيّة اللّبنانيّة بشكل مباشر". وذكر أنّ "حتّى اللّبنانيّين الّذين يعيشون في أعالي الجبال شعروا بتأثير هذه المأساة".
ولفت إلى أنّ "عبر التّاريخ، مرّت بعض المجتمعات بمآسي، وكان من الممكن أن تمرّ هذه المأساة علينا. لكن المسألة غير المفهومة على الإطلاق هي أنّه، وبعد مرور 4 سنوات على حصول هذه الجريمة المأساة، ليس لأي واحد من بيننا أدنى فكرة عن مجرى التّحقيقات".
كما شجب "عرقلة مسار التّحقيقات المتعلّقة بانفجار مرفأ بيروت"، مركّزًا على أنّ "العديد من المرجعيّات السّياسيّة تدخّلت ومارست الضّغط لعرقلة إصدار القرار الظنّي، أو لاستكمال بعض الإجراءات القضائيّة والقانونيّة المعيّنة". وتساءل: "هل يمكن بعد وقوع مأساة بهذا الحجم، وأنا لا أطلق عليها توصيف جريمة فقط لأنّها جريمة ومأساة بهذا الحجم، أن يتدخّل البعض لعرقلة مسار التّحقيقات؟ الحقيقة أنّ البعض تدخّلوا كي لا تُستكمل التّحقيقات في هذه الجريمة".
وأعرب جعجع عن أمله في أن "يصدر قاضي التّحقيق المولج في هذه القضيّة قراره الظنّي، على الرّغم من كلّ الضّغوطات"، مؤكّدًا أنّه "مهما طال الزمن ومهما حاولوا تعطيل التحّقيقات إذا ليس اليوم بعد شهر، وإذا لم يكن بعد شهر فبعد ستة أشهر، وإن لم يكن بعد ستة أشهر فبعد سنة، سنستمر ونستمر ونستمر بالمطالبة والضّغط إلى حين معرفتنا الحقيقة بما يتعلّق بانفجار مرفأ بيروت؛ وأن يتمّ إحقاق الحق كما يجب".
وشدّد على "الأهميّة القصوى لتحقيق العدالة ومعرفة الحقيقة في قضيّة انفجار مرفأ بيروت"، معبّرًا عن "التزامه الشّخصي وحزبه بمواصلة المطالبة بإحقاق الحق ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة، مهما طال الزّمن ومهما كانت الضّغوطات".
إلى ذلك، تطرّق إلى الوضع الحالي في الجنوب، معتبرًا أنّه "مشابه للوضع الّذي واجهته البلاد عقب انفجار مرفأ بيروت". وأوضح أنّ "الحكومة لم تتّخذ قرارًا بالحرب الدّائرة في الجنوب، وأنّ هناك بعض الجهات الّتي تتصرّف خارج الأطر الشّرعيّة والقانونيّة وبتفرّد، من دون مشاركة بقية اللّبنانيّين في اتخاذ القرارات".
وأضاف رئيس "القوّات": "ليس هناك من أسباب لبنانيّة موجبة لهذه الحرب. وفي هذا الإطار لا يزايدنّ أحد على الآخرين، خصوصًا اليوم في ظلّ هذا الحضور من بيروت، بالقضيّة الفلسطينيّة، فهي القضيّة الأولى في ما يتعلّق بنا جميعًا".
واعتبر أنّ "القضية الفلسطينية بحاجة لتفكير أعمق وطرق أفضل، وقبل كلّ شيء صدق تجاه هذه القضيّة وليس أن تُستعمل لغايات في نفس يعقوب، يعقوب غير اللّبناني، ومرامٍ أخرى مختلفة تمامًا عن جوهر هذه القضيّة"، مبيّنًا أنّ "ممارسات فريق الممانعة تعيق تحقيق العدالة، وتضع لبنان في موقف خطير".
وأشار إلى أنّ "بعض النّواب تقدّموا بعريضة إلى رئيس مجلس النّواب من أجل دعوة لجلسة لمناقشة الحكومة بشأن ما يحدث في الجنوب، ولكن الدلائل تشير إلى أنّ طلبهم سيقابل بالرفض"، وأفاد بأنّ "هذا الرّفض غير قانوني، وأنّ المرجع الوحيد القادر على رفض عريضة نيابيّة موقّعة من 10 نواب لعقد جلسة لمناقشة الحكومة، هي الهيئة العامة لمجلس النواب فقط".
من جهة ثانية، أعلن جعجع أنّ "حتّى الأمس القريب، كان البعض يحاول إبعادنا عن بيروت الثانية، بالرّغم من أنّه في نظري شخصيًّا ليس هناك بيروت أولى وبيروت ثانية، باعتبار أن بيروت هي بيروت. بيروت واحدة بغض النّظر عن أي تقسيمات إداريّة، فالتّقسيم الإداري يبقى في نهاية المطاف تقسيمًا إداريًّا، ونلجأ له لأسباب إداريّة، ولكن المهم هو الروح، وبالرّوح تبقى بيروت واحدة بغضّ النّظر عن التّقسيمات والتّوزيعات الإداريّة الّتي نلجأ لها لأسباب عمليّة؛ لا أكثر ولا أقل".
وتابع: "بيروت هي العاصمة الوحيدة للبنان، وهي بيروت الإشعاع والحقوق والحق والحقيقة"، مشدّدًا على أنّ "بيروت واحدة، وأنّ كلّ محاولات تقسيمها أو تقسيم اللّبنانيّين لن تؤتي ثمارها. بيروت ستظل رمزًا للوحدة والقوّة في وجه الصّعاب".