في خضمّ التوتر بعد حادثة مجدل شمس وارتفاع وتيرة التهديد والتصعيد، وفي لحظة انتظار العمل العسكري الذي قد يغيّر مسار الحرب في الجنوب اللبناني، وفي منتصف ليل السبت الأحد، تشتعل سماء لبنان بالمفرقعات الضخمة والرصاص، احتفالاً بنجاح طلاب الشهادات الرسمية.

منذ بدء الحرب في المنطقة في تشرين الأول الماضي، شهدنا في لبنان كل أنواع الصدمات التي تؤكد أن هناك فئة من الشعب لا يمكن أن تكون على قدر مسؤولية المرحلة الصعبة التي نمر بها، ومع كل حدث مهم ومؤثر، تنتشر الإشاعات، والأخبار الكاذبة، كما التحليلات لمحللين سياسيين تحولوا الى منجّمين، ومن يدفع الثمن بطبيعة الحال هو المواطن اللبناني الذي تعرضت صحته النفسية خلال كل هذه المرحلة الى صدمات وضربات.

تبنّت اسرائيل مزاعم رواية اتّهام حزب الله بضربة مجدل شمس، حتى قبل إجراء التحقيقات، وانطلقت حملة إعلاميّة واسعة لتعميم الاتهام على كل الدول في العالم، ولذلك أسباب قد نكتب عنها لاحقاً، ولكن اللافت لم يكن فقط بالحملة الاسرائيليّة الواسعة التي انطلقت منذ اللحظات الأولى للضربة، ولا حتى بحجم الكذب والنفاق الاسرائيلي بخصوص الضحايا والأطفال، وهم الذين اعتادوا على إبادة الاطفال وارتكاب المجازر، إنما اللافت كان تبنّي فئة من اللبنانيين الرواية الاسرائيليّة والتسويق لها، واتهام الحزب، وتبرير كل ما تقوله اسرائيل عن ردّ وغير ذلك.

هذه المرحلة من عمر الحرب أثبتت مرّة جديدة، بحسب مصادر سيّاسية، أن هناك فئة في لبنان تُراهن وتطالب وتدعو لشنّ حرب اسرائيلية واسعة على البلد بحجة ضرب حزب الله، وكأن الحرب إن حصلت ستؤذي الحزب فقط، وبالتالي لم تعد المسألة متعلقة بخلاف سياسي أو عقائدي، بل أبعد من ذلك بكثير، وهنا نعود بالذاكرة الى عام 2006 يوم كان هناك رهان مماثل من فئة سيّاسية واسعة، كانت ترى بالحرب عام 2006 فرصة للقضاء على حزب الله، وهذا ما تؤكّده المصادر السياسية التي عايشت تلك الحقبة، مشيرة عبر "النشرة" الى أنّ الكثير من أسرار مرحلة حرب تموز لم تُكشف، لأنها لو كُشفت ستزلزل الاستقرار في لبنان.

ترى المصادر أنّ أكبر خطيئة بحق لبنان هي الرهان على الحروب، لأنّ التجارب أثبتت خسارة المراهنين على الحروب الخارجية لأهداف داخليّة، فهناك من راهن على حرب طويلة عريضة في العام 1975، وكان الخاسر الاكبر بعد الوصول الى التسوية التي أنهت الحرب، فدفع ثمنها، وفي حرب تموز خسر المراهنون على الحرب لضرب الحزب وكانت النتيجة ازدياد قوته في الدولة والسلطة، واليوم سيخسر المراهنون مرة جديدة، أولا لأن الاسرائيلي الذي عجز عن هزيمة حركة حماس خلال 10 أشهر، لن يستطيع هزيمة الحزب المجهّز أكثر منها بعشرات المرات، وثانياً لانّ التسويات لا تُعقد سوى مع الاقوياء.

بحسب المصادر، لا يتعاطى كل اللبنانيين بمسؤولية مع الحرب، فالمجتمع اللبناني منقسم على نفسه، حتى في الإعلام، تجد من يتعاطى بمسؤوليّة وتجد من ينشر الذعر والخوف والقلق في صفوف اللبنانيين، وتُشير المصادر الى أنّ هذه التجربة المريرة التي نمرّ بها يجب أن تشكّل درساً لنا للمستقبل، مع ضرورة معاقبة كل من يساهم بترويج دعاية العدو، ويضرّ مؤسسات بلده كالمطار على سبيل المثال وكثرة الشائعات حوله في الساعات الماضية، وكل من يساهم بنشر الخوف في المجتمع.