الأسبوع الماضي وعلى وقع التصعيد العسكري في الحرب، لاحت في أفق الصالونات السياسية أخبار عن إمكانية حصول صفقة تؤدّي الى انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية الخريف المقبل، وبحسب مصادر سياسية فإن مصدر الأخبار المتفائلة هذه المرة هو سفراء في الخماسيّة التي تُعنى بالملف اللبناني.

بحسب المصادر فإنّ أجواء بعض سفراء الخماسية توحي وكأن احتمال انتخاب الرئيس خلال الأشهر الثلاثة المقبلة هو كبير، مشيرة الى أن أحداً لا يستطيع الجزم بذلك، إنما كان من اللافت وجود تفاؤل كهذا في هذا التوقيت الذي يتحدث فيه الجميع عن أن ملف الرئاسة طُوي الى ما بعد الانتخابات الاميركية، ووضوح صورة الحرب التي تشتد يوماً بعد يوم. من هنا لا بد من البحث عن خلفيات هذا التفاؤل.

بحسب المصادر فإن "التفاؤل يعود إلى قراءة ترى إمكانية تكرار ما حصل مع الرئيس السابق ميشال عون في العام 2016، مع الرئيس المقبل، على قاعدة أن هناك إمكانية للوصول إلى تسوية مع إيران في الفترة الفاصلة عن موعد انتخاب الرئيس الأميركي المقبل، وتُشير المصادر الى أن المتفائلين يعتبرون أن إيران وحزب الله يعتقدان أن دونالد ترامب هو الأوفر حظاً للوصول الى البيت الأبيض، وبالتالي قد يكون من المفيد التوصل الى تسوية رئاسية في لبنان قبل ذلك، تؤدي الى وصول مرشح الخيار الثالث، فيستفيد بموجبها الحزب في لبنان، وإيران في ملفات أخرى.

ولكن تسود هذه النظرية تساؤلات عديدة، فهذه القراءة قد تفتقد إلى المنطق بسبب اختلاف الظروف بين العام 2016 والعام الجاري، مع الحرب الجارية في المنطقة وقد اشتدت بشكل كبير جداً خلال الساعات الماضية، بالإضافة إلى أن العديد من اللاعبين الآخرين، أبرزهم السعودية، لن يقبلوا بتسوية من هذا النوع، وهم الذي فضّلوا ألاّ يكونوا جزءاً منها في العام 2016، كذلك هناك امر أخر أساسي وهو أن تسوية العام 2016 اوصلت ميشال عون، مرشح حزب الله الى بعبدا، فلماذا يتخلّى الحزب عن مرشحه سليمان فرنجية لأجل مرشح آخر قبل وصول ترامب، إذ من المنطقي أن تقود التسوية، قبل الانتخابات الاميركية، بحال حصلت، سليمان فرنجية الى بعبدا، عندها يمكن لحزب الله أن يسير بالتسوية.

كذلك بحسب المصادر هناك مسألة الحرب، والخطر الكبير المحيط بلبنان اليوم، فمن حيث المبدأ، ليس هناك من تسوية لبنانيا قبل وضوح الصورة التي ستكون عليها المنطقة، الأمر الذي يتوقف على نتائج العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجنوب لبنان والضاحية الجنوبية، والنتائج التي ستظهر بعد ذلك.

بالإضافة إلى ما تقدم، هناك معادلة ينبغي التنبّه لها أيضاً، تكمن بأنّ غالبيّة القوى المؤثّرة على الساحة اللبنانية لديها رهانات مختلفة، منها ما يفضل عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ومنها ما يفضل فوز المرشح الديمقراطي، وكل ذلك يصب في إطار أن الاستحقاق الرئاسي مؤجل، وكل كلام آخر يأتي في سياق التمنيات لا اكثر، علماً أن الذين ساروا في تسوية عام 2016، يؤكدون في كل المناسبات أنهم لن يكرروا الخطأ مرتين.

اليوم بعد استهداف الضاحية تصبح صورة كل ملفات البلد الداخلية مبهمة للغاية، فالواضح أن لا صوت يعلو فوق صوت الحرب.