جزم غالبية المحللين والمتابعين للتطورات والأوضاع على الساحة المحلية والإقليمية، ان حزب الله لن يسكت على اغتيال القيادي فؤاد شكر، نظرا ًاولاً الى مكانته في الحزب وقربه من الأمين العام السيد حسن نصر الله، وثانيا ًلان الاستهداف اتى في قلب الضاحية، أي في بيئة حزب الله و"منزله". لا شك ان هذا الاغتيال عمّق الأفكار والاتهامات بأن الحزب "مخروق" بشكل لا مثيل له، على الرغم من كل الاحتياطات التي يتخذها لكبار المسؤولين فيه، وان البصمة البشرية في عمليات الاغتيال لا يمكن تجاهلها، علماً ان ما تم تناقله من معلومات عن طبيعة الاغتيال ومجرى احداث الدقائق الأخيرة قطع الشك حول هذا الامر.

ومن خلال اطلالته بالأمس، كان الرد الاولي على الضربة من خلال كلام نصر الله الذي اكّد ما هو مؤكد، وان الرد آت لا محال انما كالعادة في المكان والزمان المناسبين بالنسبة الى الحزب، وهذا الامر يبدو انه تم الاتفاق عليه خلال الاجتماع الذي عقد في طهران وضم كل محاور المواجهة في فلسطين ولبنان والعراق وسوريا واليمن، لان ايران ايضاً معنية بشكل كبير في حفظ ماء وجهها بعد اغتيال القيادي في "حماس" إسماعيل هنية وهو في "َضيافة طهران"، وهذا ما شدد عليه نصر الله للقول ان ايران ملزمة بالردّ. ولكن المفردات والتعابير والأسلوب الذي تحدث فيه نصر الله كان بادرة فتح أبواب رد الفعل على العمليات الإسرائيلية، وصعّد من الحرب النفسية وحوّل الإسرائيليين الى متلقّين للقلق والخوف بعد ان كان اللبنانيون يعيشون هذا الهاجس قبل الضربة العسكرية في الضاحية، بحيث حوّل مقولة "يضحك كثيراً من يضحك اخيراً"، الى مقولة جديدة وهي: اضحكوا قليلاً وستبكون كثيراً.

وما كشفه امين عام حزب الله في كلمته، كان ان الحديث معهم من قبل دول وشخصيات يدور حول وجوب ان يكون الرد "مقبولاً" وليس عدم الرد، أي ان الجميع اصبح في صورة مفادها ان إسرائيل ستتعرض لضربة، ولكن ما هي ومتى؟ لا يبدو ان الجواب بات جاهزاً بعد، غير ان الكلام في الصالونات السياسية الضيقة، يوحي بأن الرد لن يكون السبب في جرّ المنطقة نحو حرب شاملة، فلا ايران ولا الحزب سيتحملان هذا العبء، وهو ايضاً ما قاله نصر الله حين وضع الكرة في ملعب إسرائيل لناحية ما ستقوم به بعد الرد المتوقع.

اللافت في كل هذه التطورات، هو مصادفتها مع الأول من آب (عيد الجيش اللبناني)، والمحزن في المسألة هو انه لو قدّر للجيش ان يتم تجهيزه على غرار باقي جيوش العالم ليقوم بدوره كما يجب، لكنا في غنى عن كل هذه السيناريوهات ويقيناً ما كنا قد وصلنا الى هذه الحالة، ليس فقط في لبنان، بل في المنطقة ككل. غياب الجيش بسبب عدم امتلاكه الأسلحة والفيتوهات الموضوعة على تسليحه وتجهيزه وفق ما يتلاءم مع مهامه وواجباته الوطنية التي لم يتأخر يوماً عن القيام بها على الرغم من تواضع الإمكانات، هو غصة في قلوب الجميع، والأكثر ايلاماً هو ان منع تسليحه يتأتى من الذين يشيدون به ليل نهار، فإذا بهم وقت الشدة يتخلون عنه ويديرون ظهرهم له، فيما يطالبونه بالحلول محل حزب الله على الحدود ومواجهة التحديات ان في سوريا او في وجه إسرائيل، وهو لا يملك صاروخ ارض جو قادر على الوقوف في وجه طائرة واحدة، بينما يعلم الجميع ان الركيزة الأساسية للجيش الإسرائيلي هي سلاحه الجوي، فكيف سيواجه؟.

فيما تنتظر إسرائيل رد الحزب، وفيما ينتظر العالم الرد على الرد من ايران الى لبنان، تبقى غصة الأول من آب في كل عام ثابتة في القلوب...