بعد أسبوع على إستشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنية، الذي قضى إثر استهداف مقر إقامته في طهران إبان حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، تبدل المشهد، فمن شهادة الى رئاسة في ايران، الى شهادة ثم رئاسة في فلسطين بقيادة حركة المقاومة الاسلامية (حماس)، فبعد شهادة هنية إختارت حماس يحيى السنوار(ابو ابراهيم) رئيساً لها.

جاء هذا الاختيار باتحاد سلطة القرار الحمساوي، وان كان مفاجئاً بعض الشيء بسبب تحييد خالد مشعل الدبلوماسي الحمساوي المخضرم، وكذلك خليل الحيّة الذي كان نائباً لهنية، والبعض يعتبر ان هناك تحييداً لأسامة حمدان ممثل الحركة في لبنان الذي كان بإستطاعته لعب الدور الدبلوماسي كمخضرم في عاصمة الدبلوماسية بيروت، وغيرهم من الاسماء العريقة، إلا ان اهم المستبعدين قبل التعيين كان اول الفائزين بالاختيار وهو يحيى السنوار.

لم يكن السنوار مستبعداً لنقص او خلل ما بشخصه، انما لظروفه الأمنيّة التي تعجِّزه عن القيام على الأقل بخطاب القسم الرئاسي او حتى ارسال رسالة صوتية لجماهير حركته، وذلك بسبب الحصار المفروض عليه ورأسه المطلوب هو ومحمد الضيف كمهندسين لعملية طوفان الاقصى واول المطلوبين للتصفية من جهة اسرائيل.

كما ان إختيار يحيى السنوار جاء لملمة للقضية الفلسطينية ضمن الإطار الغزاوي بعيداً عن السفارات والمحاور، فالمحورية في القضية الفلسطينية هي ارض فلسطين ورؤسائها هم من المجاهدين تحت انفاق فلسطين، كذلك شكلت صدمة قاضية بشّرت بأولى حالات الندم عند إسرائيل باغتيال هنية، فهي خسرت خصماً مفاوضاً منفتحاً وتوقعت ان تأتي بمن هو اكثر مرونة، الا انها اصبحت امام حماس بلا مرونة تفاوضيّة، امام حماس تقودها رئاسة عسكرية قد تصدر اوامر وتقفل الخطوط دون السّماع لأيّ طلبات من رئيس وزراء الحرب الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الا وقف اطلاق النار والانسحاب الفوري من غزة، وأما التفاوض على الأسرى فيأتي بعد وقف اطلاق النار، هذه العقليّة المتوقّعة من قائد جهادي مثل السنوار.

فهل تكون اسرائيل قد وقعت في الخطأ التكتيكي الأكبر في مسار المفاوضات؟ فإذا ما

أرغمت على الإنسحاب دون قيد او شرط، فهذا يعني عودة حماس لإستلام السلطة في قطاع غزّة ولكن هذه المرة برئاسة السنوار وليس بعيداً ان يكون محمد الضيف ذو منصب رفيع في حكومته.

هذه احدى السيناريوهات المتوقعة، إلا ان نتانياهو يعتبر بإغتياله لاسماعيل هنية في قلب طهران يكون قد ضرب عصفورين بحجر واحد، الاول انه تخلص منه كمفاوض مرن، ولكن في نفس الوقت مفاوض محنك يكاد ان ياخذ بالاسرائيليين الى حيث تريد حماس وليس العكس، والثاني ضربة ايران التي تعطي دفعة معنويّة سياسيّة لنتانياهو لتسجيل انجاز على طهران خاصة بعد تخبطه مع حزب الله في قضية مجدل شمس وهجومه على الضاحية.

ولكن في "العصفورين" سيعود نتانياهو خائباً بسبب مجيء السنوار كعسكري، وخسارة المفاوض المرن وبالتالي التفاوض يكون بالميدان الذي يكبّد الاسرائيلي بمعدل 3 قتلى يومياً واعطاب اليات عدة، واما بالنسبة للجمهورية الاسلامية فهو ايضاً خائب لانّها لا تزال تتلاعب بأعصاب كافة الكيان والمستوطنين بانتظار رد قاس كما وعدت.

في الختام اصبح الاسرائيليون قاب قوسين او ادنى من انفجار داخلي ونفاذ صبرهم على نتانياهو الذي لم يعد بعد بالأسرى، وكذلك ان المستوطنين ضاقوا ذرعاً من ضربات حزب الله وتهديداته الدائمة وتعطيل حياتهم المعيشية، وادخال القلق والرعب لصفوفهم الذين فقدوا الثقة بالردع العسكري وسيفقدون الثقة بالحكومة، فهل نكون بالنهاية امام السنوار وطريق مفتوحة لحكم غزة؟.