أشار العلامة السيّد ​علي فضل الله​، إلى "التوتر الذي يعيشه اللبنانيون، بعد القرار الذي اتخذته المقاومة بحتمية الرد على العدوان الذي حصل على الضاحية الجنوبية، لمنع هذا العدو من تكرار عدوانه والتمادي فيه، للتداعيات التي قد تحصل من ورائه، والرد الذي قد يحصل من بعده، في ما نشهد في الوقت نفسه خوفاً وقلقاً ورعباً لدى هذا الكيان".

ودعا، خلال إلقائه خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، إلى "التنبه والاستعداد لما قد يترتب على أي رد، وأن نأخذ بالاعتبار كل الاحتمالات، لأننا أمام عدو بات يتحرك بدون ضوابط وحسابات، وهو لا يراعي أي قيم ومشاعر إنسانية"، داعيًا أيضًا إلى "الثقة بالحكمة لدى المقاومة، التي أعلنت بكل وضوح أن ردها لن يكون متسرعاً وانفعالياً، بل حكيماً ويأخذ بالاعتبار الظروف الموضوعية التي يعيشها هذا البلد واللبنانيون".

وفي الوقت نفسه، دعا فضل الله إلى "عدم الوقوع في فخ الحرب النفسية التي يقوم بها العدو ومن يقف معه ومن يسانده، التي يسعى من خلالها إلى تعميق الشرخ بين اللبنانيين، ودفعهم إلى تقديم التنازلات لحساب مستوطنيه ولحساب كيانه، ما يدعو إلى أن نستحضر عناصر القوة الروحية والإيمانية والمادية التي نمتلكها، والوعي لنقاط ضعف هذا العدو ومحدودية حركته"، لافتًا إلى "أنّنا إذا كنا نتألم، فإنه يتألم بل هو يتألم أكثر مما نتألم، وإذا كنا نخاف فإنه يخاف وخوفه أكبر من خوفنا، وإذا كنا نعاني من آثار التهجير أو فقدان الأعزاء فإنه يعاني".

وركّز على "أنّنا لا نريد أن نهون من حجم قدرات العدو والتقدم التقني الذي يمتلكه والدعم الواسع وغير المحدود الذي يحظى به، ولكن ذلك لا يدعونا إلى أن نغفل مما لدينا من قدرات وإمكانات ظهر منها البعض وأثبت جدارته، ولم يظهر الكثير، ومن استعداد عال للبذل والتضحية؛ ومن الدعم الذي نجده من الذين يؤمنون بعدالة القضية التي تعمل لها المقاومة سواء من الداخل أو من الخارج".

كما أكّد "أننا في هذه الظروف، أحوج ما نكون إلى رص الصفوف وتوحيد المواقف، والدعوة إلى ضرورة التكاتف والتعاون والتباذل في مواجهة التحديات الراهنة، وخصوصاً أعباء النزوح من المناطق التي تستهدف أو التي يخشى استهدافها".

وشدّد فضل الله على أن "من المؤسف أن نشهد استغلالاً لمعاناة النازحين من أبناء وطنهم، الذي لم يتوقف عند الارتفاع الهائل في قيمة بدلات الإيجارات، بل نجده في إلزام المستأجرين بعدد الأشهر، ويزيد عن حاجاتهم إلى المسكن وحتى إلى تحديد لأفراد العائلة، ما يجعل سبل الأمان لا تتوافر إلا للقادرين والميسورين".

وحيّا "كل الأصوات التي تدعو إلى فتح الأبواب واسعة للنازحين أو من فتحوا أبوابهم لهم"، داعيًا الوزارات المعنية والبلديات والجهات الفاعلة إلى "التدخل والوقوف في وجه من يستثمرون في الأزمات ولو على حساب وطنهم والقيم الإنسانية".

ودعا في الوقت نفسه، القيادات السياسية والحزبية والدينية، ومن لهم حضور في مواقع التواصل إلى "الكف عن إطلاق الكلمات والمواقف والتغريدات التي تسيء إلى الوحدة الوطنية، وتؤدي إلى تأليب اللبنانيين على بعضهم على بعض".

إلى ذلك، أوضح فضل الله "أننا نعي أن هناك خلافاً بين اللبنانيين، وقد يكون جذرياً وعميقاً، لكن ذلك لا ينبغي أن يؤدي إلى مواقف تهدد كيان هذا البلد، ويستفيد منها العدو في معركته التي تجري على كل لبنان، وهو اليوم يهدد البنية التحتية لكل اللبنانيين ويبث الرعب من خلال تصريحاته أو خرقه لجدار الصوت"، مؤكّدًا أنّ "على اللبنانيين أن يخرجوا من هذه المعركة منتصرين، ليكون لهم عزتهم وكرامتهم وأمانهم، ويحجزوا لهم مكاناً في هذا العالم الذي لا يحترم فيه إلا الأقوياء".

وأعرب عن تقديره "الخطوة التي قامت بها المقاومة باختيار رئيس لها، بعد أيام قليلة على عملية الاغتيال التي تعرض لها رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، والتي جاءت رداً عملياً على هذا الاغتيال، وتأكيداً لهذا العدو على مدى تماسكها وقوتها باختيارها رئيس لها ممن هو لا يزال داخل غزة يقاتل هذا العدو".

وأضاف: "في هذا الوقت، لا يزال الشعب الفلسطيني يستمر بتقديم التضحيات، وتحقيق الإنجازات الكفيلة بأن تجعل العدو يعي أن لا خيار له إلا الانسحاب والرضوخ لمطالب الشعب الفلسطيني، التي تدعوه إلى إيقاف الحرب وحرية عودة الناس إلى أماكن سكنهم ورفع الحصار عنهم وإعمار ما تهدم".