رأى عضو كتلة "الاعتدال الوطني" النّائب محمد سليمان، أنّ "التطوّرات الميدانيّة في جنوب لبنان وما يرافقها من تهديدات إسرائيليّة، أرخت بأثقالها على الاستحقاق الرّئاسي، وحالت دون مواصلة اللّقاءات مع الكتل النّيابيّة، في انتظار اللّحظة المناسبة لاستئناف رحلة الألف ميل من حيث توقّفت".
وكشف، في حديث لصحيفة "الأنباء" الكويتيّة، عن أنّ "مبادرة الكتلة مستمرّة بصيغتها التّوفيقيّة، ولا تزال المشاورات مع القنوات الدّبلوماسيّة ممثّلةً بأعضاء اللجنة الخماسية قائمة، إنّما بعيدًا من الأضواء، نظرًا إلى التوتّر العام النّاجم عن احتمال نشوب حرب إقليميّة يصرّ عليها الإسرائيلي". ولفت إلى أنّ كتلة الاعتدال "مشت بملف الرّئاسة بين الألغام السّياسيّة النّاتجة عن الانقسام العمودي بين اللّبنانيّين"، مشيرًا إلى "تمترس كلّ فريق في مواجهة الآخر".
وركّز سليمان على أنّ "الانقسامات ازدادت حدّةً والمتاريس ارتفاعًا، نتيجة الحرب على غزة وفي جنوب لبنان، خصوصًا بعد سلسلة الاغتيالات الّتي نفّذتها إسرائيل في العمق اللّبناني، وكان أكبرها في الضاحية الجنوبية، حيث تمّ استهداف القائد العسكري الأوّل في "حزب الله" فؤاد شكر، علمًا أنّ الجميع مدرك لمخاطر استمرار الشّغور، ولضرورة عودة الانتظام العام إلى المؤسّسات الدّستوريّة؛ لأنّ البديل عن انتخاب رئيس للجمهوريّة هو غرق المركب اللّبناني بكلّ مكوّناته دون استثناء".
وأوضح أنّ "الأفرقاء اللّبنانيّين جميعهم بمن فيهم الثّنائي الشّيعي، يريدون انتخاب رئيس اليوم قبل الغد، إنّما كلّ وفقًا لقناعاته وطريقته ومصالحه. من هنا أهميّة الحوار أو التّشاور أو التّواصل المباشر بين الجميع، لتبديد الهواجس، وبالتّالي إسقاط الشّروط والشّروط المضادّة، لأنّ البقاء خلف المتاريس والتّقنيص عشوائيًّا كلّ باتجاه الآخر، لن يوصل إلى أي مكان؛ ويبقى بالتّالي الاستحقاق الرئاسي في دائرة المراوحة إلى أن يقدّر الله أمرًا كان مفعولًا".
كما اعتبر أنّ "الحوار أو التّشاور أو النّقاش أيًّا تكن مدّته، هو المدخل الوحيد لإنهاء الشّغور الرّئاسي. وعلى الجميع بالتّالي تقديم التّنازلات للولوج إلى جلسة الانتخاب وإنهاء هذه الأزمة، ومصلحة لبنان أهم وأسمى من المصالح الشّخصيّة والحزبيّة".
وعن موقف الكتلة من التطوّرات العسكرية في جنوب لبنان، أعلن سليمان وقوف الكتلة "خلف ما تقتضيه المصلحة اللّبنانيّة لا غير، خصوصًا لجهة تطبيق القرار 1701 على ضفّتَي الحدود مع فلسطين المحتلّة، واحترام المعاهدات والاتفاقيّات الدّوليّة، علمًا أن الجيش اللبناني قادر دون أدنى شك وبمؤازرة قوّات "اليونيفيل" على الإمساك بأمن الجنوب، وترسيخ الاستقرار وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه".
وأضاف: "لكن ما يجري عمليًّا هو أنّ الإسرائيلي لا يريد الالتزام إلّا بمصالحه القاضية بتوسيع الحرب، الأمر الّذي يستوجب تدخّل المجتمع الدولي لإجباره على وقف انتهاكاته وتعدّياته على السّيادة اللّبنانيّة"، مؤكّدًا أنّ "لبنان غير مهيّأ لحرب شاملة في المنطقة، خصوصًا أنّه يعاني ما يعانيه من انهيارات بالجملة، وأخطرها الانهيار الاقتصادي غير المسبوق، ناهيك عن أنّه عضو مؤسّس في الجامعة العربية، ولا يمكنه بالتّالي خوض حروب بمعزل عن توجّهاتها وقراراتها".