"من منطلق الحرص والمسؤولية تجاه شعبنا ومصالحه، فإن حركة حماس تطالب الوسطاء بتقديم خطة لتنفيذ ما قاموا بعرضه على الحركة ووافقت عليه بتاريخ 2/7/2024، استنادًا لرؤية بايدن وقرار مجلس الأمن، وإلزام الاحتلال بذلك، بدلاً من الذهاب إلى مزيد من جولات المفاوضات أو مقترحات جديدة توفر الغطاء لعدوان الاحتلال، وتمنحه مزيداً من الوقت لإدامة حرب الإبادة الجماعية بحق شعبنا"، هذا الجزء الأساسي من بيان حركة حماس بخصوص جولة التفاوض المقبلة، فماذا يعني هذا الموقف؟.

كان لافتاً بداية اعتبار بعض الجهات والمحلّلين أن بيان حماس هو إعلان رفض للمشاركة في جولة الخميس التفاوضية، ولكن بالأصل فإن الحركة لا تشارك في هذه الجلسات بل تتواجد في مكان انعقاد اللقاء وتتبادل الرسائل عبر الوسطاء، وهي لم تعلن رفض التفاوض، بل أن أساس موقف الحركة يدل بحسب مصادر متابعة على أمر أساسي وهو رفض العودة بالتفاوض الى نقطة الصفر.

خلال الأيام والأسابيع الماضية نفذ الإسرائيلي عمليات اغتيال قاسية لمحور المقاومة، من بيروت الى طهران، ومع اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية تظنّ اسرائيل أنها قادرة على استثمار هذا الاغتيال وغيره من العمليات في سياق التفاوض، لذلك جاء بيان الحركة واضحاً ليقول بحسب المصادر أن حماس لن تقبل بأن يتمكن العدو من استثمار عملياته في المفاوضات، وما قدّمته الحركة من تنازلات ووافقت عليه في الثاني من تموز هو أقصى ما يمكنها تقديمه، وبالتالي على الراغبين بوقف الحرب بحال صدقوا أن يضعوا الخطة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، لا الدخول في مفاوضات جديدة ستحمل بكل تأكيد لعدد من الشروط الجديدة لرئيس وزارء الحرب الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.

تؤكد المصادر أن بيان الحركة كان حاسماً لجهة عدم السماح لعدوّها بكسب الوقت خلال التفاوض، مشيرة الى أن هذا البيان منسقاً بالكامل مع باقي أطراف المحور، خاصة أن كل الاطراف تكرّر نفس الحديث عن أن الإرادة الأميركية بالوصول الى صفقة ووقف الحرب غير صادقة إطلاقاً.

حاول نتنياهو من خلال ارتكابه المجزرة المروعة نهار السبت الماضي أن يزيد الضغوط على حركة حماس لدفعها الى وقف المفاوضات وإعلان الخروج منها، وهذا ما كان يهدف إليه أيضاً عندما قرر اغتيال المفاوض الأساسي اسماعيل هنية، ولكن مرة جديدة تتحرك حماس بحسب المصادر بذكاء سياسي، فهي رمت الكرة مجدداً في ملعب الأميركيين من خلال إعلانها الموافقة على ما قدمه الرئيس الاميركي جو بايدن، وتحاول حشر المفاوضين من خلال عدم السماح لنتنياهو بإدخال التفاوض في متاهات جديدة.

وعليه، من الواضح أن حماس غير متفائلة من إمكانية حصول تطورات إيجابية في مسار التفاوض، رغم أنها أصدرت بيانها قبل أيام من موعد الجولة التفاوضية في 15 الجاري، رغم أنه كان بإمكانها ترك البيان لنهار الأربعاء، إلا أنها بحسب المصادر تقصّدت منح هذا الوقت للأميركيين بشكل أساسي بين موقفها والموعد المفترض.

يرى الإسرائيليون أن موقف حماس هو تكتيك للضغط على الوسطاء وإسرائيل حتى تتخلى عن المطالب الأساسيّة، ولكن في الحقيقة هو تأكيد على رفض حماس لأيّ تنازلات إضافيّة، وجهوزيّتها والمحور لدخول الحرب بحال تطلب الأمر ذلك في النهاية.