إنّه عيد إنتقال العذراء بالنفس والجسد إلى السماء. الجسد الذي أعطى جسد يسوع ومصيره مصير جسد يسوع.

تعيّد الشبانية بحبّ وإيمان وفخر يوبيل 200 سنة على بنائها وارتفاع الصورة الجميلة للسيّدة العذراء الفريدة المنمّشة الوجه.

عندما كنتُ طفلاً كان أهلي يأتون بي إلى كنيسة السيدة القريبة من منزلنا، وكنت أمام "الدرابزين" أنظر إليها وأصلّي، وانطبعت صورتها في مخيّلتي وقلبي، وتردّد إسمها على شفتي.

يوم تركت الشبانية بقيت صورتها ترافقني وهي تحرسني وتحميني وتستجيب كل طلباتي لها. لكن أهمّ حادثة لي معها، كانت يوم كنت عميد كلّية الفنون في جامعة الروح القدس في الكسليك. جلبوا لي الصورة لكي نرمّمها، وعندما انتهينا من ترميمها في معهد الفن المقدّس، أتى بعض شباب الشبانية لإعادتها إلى ضيعة الشبانية. نظرت إلى وجهها الجميل فرأيته مليئاً بالنّمش، وكنت طوال عمري أبحث عن هذا الوجه.

في تاريخ الأيقونات والصور للسيّدة العذراء، وجه العذراء إمّا هو أبيض، أو مرمري أو أسود. أمّا الوجه االمنمّش فهو فريد في تاريخ الفنّ الإيكونغرافي وتتميّز به سيّدة الشبانية التي هي سيّدة العرش، لأنّها تحمل إبنها على أحشائها وكأنّ أحشاءها عرشاً له.

وأقيمت لصورة السيدة زفّة عرس قبل أن تترك الكسليك وتعود إلى الشبانية.

واليوم بمناسبة عيد انتقال السيدة العذراء في 15 آب، تعيد رعية السيدة في الشبانية يوبيل 200 سنة على بناء الكنيسة بعد أن كان في الشبانية كنائس ثلاثة.

عيد مبارك للشبانية وأهلها وعيد مبارك لجميع من يحمل إسم سيدة أو مريم أو ماري أو مي أو نجمة أو وردة أو جميلة أو نجوى

أو سواها من الألقاب.

وأتمنّى بهذه المناسبة المباركة أن يذكرني كهنة الشبانية وأهلها ورهبانها وراهباتها بصلواتهم أمام صورة السيدة المنمّشة الوجه، سيدة الشبانية.

تضرّعي لأجلنا يا سيدة الشبانية، تشفعي بمرضانا، واحفظي كبارنا وصغارنا، باركي أعمالنا وذهابناوإيابنا واعيدي منتشرينا بالسلامة،

وليرحم إبنك يسوع أنفس موتانا.

وإنّني بهذه المناسبة أذكر خاصة القدّيسة رفقا، التي جلست في كنيسة السيدة وأمام صورتها، وأتمنّى أن يُقام لها تمثالاً في ربوع الشبانية.

وأذكر خاصة صديقي الرئيس الياس سركيس الذي صلّى أمام صورة السيدة في القرية، وكان يطلب منّي دوماً أن أذكره بصلاتي أمامها.

في النهاية أنّها عقيدة إنتقال السيّدة العذراء بالنفس والجسد إلى السماء، هذا هو المعنى اللاهوتي للعيد.

هنا تتوحّد التيولوجيا والأنتربولوجيا، فالجسد الذي أعطى يسوع جسده، مصيره مصير جسد يسوع الصاعد إلى السماء. يسوع يصعد للسماء ، أمّا العذراء فتنتقل .

هذه العقيدة مع عقيدة أمّ الله وعقيدة الحبل بلا دنس هي من أهم عقائد الكنيسة .

فيا سيّدة الإنتقال أنقلينا من المرض إلى الصحّة وانقلي لبنان من هذه الضيقة والشدّة إلى السلام.