على وقع الحراك الدبلوماسي غير العادي الّذي تشهد الساحة اللبنانية والمنطقة، مواكبةً للأجواء التحضيرية للقاء الدوحة غدا، بناء على الدعوة المشتركة الاميركية والمصرية والقطرية لاسرائيل و"حماس" لاستئناف المفاوضات على بعض الخطوات، سعيا الى وقف لإطلاق النار واستئناف البحث في ملف تبادل الاسرى والمعتقلين، أشارت صحيفة "الجمهورية إلى أنّ "السفير الفرنسي هيرفي ماغرو نقل الى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب مساء امس الاول، رسالة عاجلة من الحكومة الفرنسية، تحض الأفرقاء كافة على ضرورة خفض التوتر، وتحقيق وقف ثابت لإطلاق النار يسمح باستكمال المفاوضات الخاصة بوقف النار وتبادل الاسرى والمعتقلين".

وذكرت أنّ "الرّسالة كانت مرفقة بالتحذير من اي عمل عسكري قد يؤدي الى انفلات الأمور من يد الجميع نحو حرب شاملة وقاسية، لن يستفيد منها احد، ولن تنتهي الى اي منتصر في ظل قواعد الاشتباك المعتمدة، لا بل فهي تطيل الأزمة التي يعانيها الفلسطينيون النازحون في قطاع غزة من جهة الى اخرى داخل القطاع المحاصر؛ عدا عن حجم الشهداء والجرحى والمعوقين والتدمير الممنهج للقطاع الصحي والتربوي والأحياء السكنية".

وصول هوكشتاين

ولفتت "الجمهوريّة" إلى أنّ "في هذه الاجواء ومع اعلان زيارة لوزير الخارجية الأميركية انتوني بلينكن لتل أبيب والدوحة والقاهرة، وصل الموفد الرئاسي الاميركي عاموس هوكشتاين الى بيروت مساء امس آتيا من تل أبيب، التي اجرى فيها محادثات ليومين مع المسؤولين الاسرائيليين، وسيجول اليوم على كل من رئيسي مجلس النواب نبيه بري ميقاتي وبوحبيب وقائد الجيش العماد جوزف عون، على ان يتناول الغداء والسفيرة الاميركية ليزا جونسون الى مائدة ميقاتي . وتردد انه قد يلتقي لاحقا عددا من المسؤولين والسياسيين اللبنانيين، قبل ان يجتمع بفريق عمله في بيروت".

وبيّنت أنّ "قبيل وصول هوكشتاين، انجزت رئاسة الحكومة ملفا خاصا بحصيلة العدوان الاسرائيلي على لبنان، وحجم الأضرار التي لحقت بالقطاعات المختلفة، مصحوبا بدعوة عاجلة الى وقف هذا العدوان الذي ألحق بلبنان خسائر بالغة، وخصوصا تلك الناجمة عن استخدام الاسلحة المحظورة الحارقة منها كما الفوسفورية المختلفة؛ واستهداف الأحياء السكنية وقتل المدنيين".

زيارات عدة لمسؤول أميركي إلى بيروت

على صعيد متّصل، أوضح مصدر حكومي لصحيفة "الديار"، أنّ "تحرُّك الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين باتجاه اسرائيل، جاء على خلفية "طروحات" من الحكومة اللبنانية تلقاها خلال اكثر من جولة اتصالات حصلت في الاسبوعين الاخيرين، وعلى اكثر من خط، توصلت الى وضع خطوط عامة لتصور ما بعد وقف اطلاق النار، الذي يمكن ان يسمح بعودة النازحين على جانبَي الحدود، على ان تكون ضمانة التسوية في تعزيز وجود الجيش اللبناني في قطاع جنوب الليطاني، وفقا لمندرجات القرار 1701"، مؤكّدًا أنّ "العقبة الاساسية تبقى في الاصرار الاسرائيلي، بدعم اميركي واضح ، على مسالة تراجع "حزب الله" الى شمال الليطاني، والالية التي تضمن عدم تكرار التجربة الحالية فيما خص القرار 1701".

وكشف أن "الاسابيع والايام الماضية شهدت اكثر من زيارة لمسؤول اميركي الى بيروت، للاطلاع على الوضع عن كسب، الا انهم امتنعوا عن لقاء أي شخصية رسمية، مكتفين بلقاءات مع شخصيات حزبية ومن المجتمع المدني، مدلين بمعلومات خطيرة ومثيرة حول الاوضاع؛ وعن اهداف الحشود العسكرية البحرية والجوية".

حضور هوكشتاين يوحي برغبة أميركيّة- إسرائيليّة للنقاش... فهل يسبق ردّ المقاومة المفاوضات أم العكس؟!

تساءلت "الديار"، "أيّما سيسبق الآخر: ردّ جبهة المقاومة على العدو الاسرائيلي، أم المفاوضات التي دعت اليها كلّ من الولايات المتحدة الأميركية ومصر وقطر يوم غدٍ الخميس في الدوحة، لمناقشة مسألة وقف إطلاق النار في غزّة، الذي سينعكس على الجبهة الجنوبية؟! سؤال يحيّر جميع الدول المعنية بما يحصل في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما بالحرب الدائرة في قطاع غزّة، والمواجهات العسكرية الحاصلة في جنوب لبنان".

وأشارت إلى أنّ "حركة "حماس" لم تحسم حتى الساعة موقفها النهائي من المشاركة في هذه المفاوضات. ففي حال كانت "جولة عبثية" وبدأت من نقطة الصفر فلن تُشارك، أمّا إذا انطلقت من الورقة التي قدّمتها في 2 تمّوز الفائت، فستجلس الى الطاولة. علماً أنّ هذه الورقة سبق وأن نُقلت الى إسرائيل، ورفضها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو في حينه".

وشدّدت الصّحيفة على أنّ "مساعي الولايات المتحدة تستمر لكيلا يأتي ردّ جبهة المقاومة قويّاً أو قاسياً، الى درجة يدعو إسرائيل الى الهجوم وتوسيع حربها على لبنان والمنطقة، تحت ذريعة "الدفاع عن النفس"، على غرار ما تدّعي في حربها على غزّة، كما الى التهدئة الى ما بعد استئناف المناقشات العاجلة"، لافتةً إلى أنّ "آخر مساعي الولايات المتحدة، إيفاد كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن لأمن الطاقة آموس هوكشتاين الى المنطقة، من أجل الضغط على الأطراف المعنية لعدم التصعيد والذهاب الى حرب موسّعة. فضلاً عن طلب أميركا وساطة تركيا وحلفاء آخرين لها لهم علاقات مع إيران، لإقناعها بخفض التوتّرات في منطقة الشرق الأوسط".

وركّز مصدر دبلوماسي مطّلع لـ"الديار"، على أنّ "المساعي الدولية والإقليمية والعربية، لا سيما من قبل الولايات المتحدة تتواصل، وعلى ما يبدو فهي تفعل فِعلها، خصوصا أنّ هناك نيّة فعلية للتهدئة في المنطقة وليس للتصعيد. أمّا حاملات الطائرات التي استقدمتها أميركا، فستكون كسابقتيها اللتين رستا في البحر المتوسط، ثمّ غادرتا بعد فترة من الحرب في قطاع غزّة وفي جنوب لبنان".

واعتبر أنّ "حضور هوكشتاين اليوم في لبنان والمنطقة، يوحي برغبة أميركية- إسرائيلية للمناقشة، في ظلّ انتظار ردّ جبهة المقاومة على إسرائيل على اغتيالها القائد العسكري في "حزب الله" فؤاد شكر ورئيس المكتب السياسي في "حماس" إسماعيل هنية في طهران، رغم عدم تبنّي العدو هذا الاغتيال الذي هدف من خلاله "اغتيال المفاوضات".

كما ذكر أنّ "قرار عدم استقبال هوكشتاين من قبل المسؤولين اللبنانيين، لم يُتخذ بعد، والأجواء لا توحي بأنّهم سيرفضون استقباله، رغم ما حُكي عن "تضليل دبلوماسي"، سيما أنهّ لا يتحدّث باسمه شخصياً. فمهمته تقضي بتنفيذ ال​سياسة​ الأميركية، ونقل الرسائل التي يُطلب منه نقلها. وهذا يعني أنّه يقوم بدور "ساعي البريد" بين جهات متصارعة. أمّا إذا كان هدفه الخداع "الاستراتيجي"، فهذه مسألة أخرى".

واشنطن تكرّر طلب ترتيبات تضمن "عودة آمنة ومستدامة للمستوطنين"

في السّياق، أفادت صحيفة "الأخبار" بأنّ "كما في كل الجولات السابقة، أشاع الأميركيون، بمساعدة الوسطاء العرب وجهات أخرى، بأن الصفقة لوقف إطلاق النار في غزة باتت جاهزة، وأن الجهود هذه المرة تختلف عن كل ما جرى سابقاً، وسيُعلن قريباً عن "النهاية السعيدة". وبناءً على ذلك، سيستقبل لبنان الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين، الذي لم يجرؤ المتواصلون معه، حتى ليل أمس، على إبداء أي رأي حول ما يمكن أن يحمله من معطيات أو مطالب".

ولفتت إلى أنّ "مع استمرار الأسئلة حول ما قد ينقله الرجل، تقاطعت المصادر عند تفسير واحد، يربط الزيارة بارتفاع درجة الاستنفار بسبب توقّع العدو ضربة من إيران و"حزب الله"، رداً على الاغتيالات في طهران وبيروت".

وعلمت "الأخبار" أن "هوكشتاين سيلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري ثم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب معاً، فقائد الجيش العماد جوزف عون، قبل أن يلتقي ممثلي القوى المعارضة لـ"حزب الله" في مجلس النواب".

وقالت مصادر قريبة من هذه القوى للصحيفة، إن "هوكشتاين هو من طلب اللقاء من دون تحديد عنوان، لكن واضح من توقيت اللقاء أن الكلام سيكون حول وقف إطلاق النار ومساعي التهدئة في المنطقة"، مؤكّدةً أن "المعارضة يجب أن تكون جزءاً من النقاشات الدائرة، على عكس ما يقال بأن لا دور لها، خصوصاً أنها تمثّل شريحة كبيرة من اللبنانيين، ولها موقفها الثابت وثقلها السياسي وكلمتها المسموعة في عواصم القرار".

في المقابل، توقّعت أوساط مطّلعة لـ"الأخبار"، أن "يؤكد هوكشتاين المعلومات التي تشيعها إدارته وبعض العواصم المعنية بعملية التفاوض عن قرب إنجاز الاتفاق، وبأن على لبنان أن يكون جاهزاً للترتيبات على جبهته فور حصول هدنة، على أن يستكمل وساطته بشأن عدد من النقاط العالقة، خصوصاً في ما يتعلق بدور الجيش وقوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفل) وترسيم الحدود البرية".

وحذّرت من أن "تقديرات هوكشتاين ليست مضمونة بالضرورة، خصوصاً أنه سبق أن نقل مثل هذه الرسالة في إحدى مراحل التفاوض قبل أشهر، مؤكّداً حينها أن الاتفاق شبه منجز، قبل أن يتبيّن أن رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو يحاول كسب الوقت مع إطالة أمد الحرب. واليوم، قد يكون الهدف الترويج لاتفاق مزعوم للتخفيف من حدة الرد الإيراني وردّ حزب الله أو تأجيلهما أطول فترة ممكنة للانتهاء من بعض الخطوات التي تضمن عدم تكبيد الكيان خسائر كبيرة".

كما كشفت معلومات "الأخبار"، عن أن "الأرضية التي يستند إليها الموفد الأميركي لا تزال متصلة بالبحث المسبق عن تسوية كاملة تتعلق بالجبهة اللبنانية، انطلاقاً من تسريبات تولّتها جهات أميركية وأخرى قريبة من الأميركيين، تقول إن الاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة، قد لا تعتبره إسرائيل سارياً على الجبهة اللبنانية، وإن تل أبيب طالبت الوسطاء الدوليين بعقد اتفاق يشتمل على ترتيبات "إجرائية تسمح بعودة آمنة ومستدامة للمستوطنين" إلى المستعمرات الشمالية".