شهد الذهب منذ نهاية العام 2022 وحتى بداية نيسان 2024 ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة تزيد على 33%. وصل السعر إلى أعلى مستوى له عند 2165.50 دولارًا في آذار 2024، وارتفع مرة أخرى إلى 2279.29 دولارًا في نيسان 2024.
في أيّار 2024، سجلت أسعار الذهب ارتفاعًا قياسيًّا وصل إلى 2,454.20 دولار للأونصة. على الرغم من هذا الارتفاع، عادت الأسعار للتراجع قليلًا لكنها ظلت عند مستويات مرتفعة تاريخيًّا. خلال الفترة من أيار إلى آب، تراوحت الأسعار بشكل عام ما بين 2,285 و2,450 دولارًا للأونصة، مع توقعات بأن تستمر الأسعار في هذا النطاق حتى نهاية الصيف.
في تموز 2024، شهدت أسعار الذهب قوة ملحوظة، حيث سجلت أسعارًا قياسية جديدة خلال الشهر. بلغت الأسعار ذروتها في أوائل أغسطس عند 2,522.50 دولار للأونصة (وفقًا لعقد كانون الثاني في كومكس) و2,498.90 دولار للأونصة (وفقًا لعقد تشرين الأول في كومكس). جاءت هذه الارتفاعات استجابةً لتقرير الوظائف في الولايات المتحدة الذي خيب توقعات المستثمرين وأثر بشكل كبير على الأسواق العالمية.
بشكل عام، من المتوقع أن تظل أسعار الذهب مدعومة بالأوضاع الاقتصادية والسياسية المتوترة في الأشهر المقبلة، ما قد يؤدي إلى استمرار التقلبات والارتفاعات في الأسعار. ويتوقع العديد من المحللين استمرار هذا الاتجاه التصاعدي خلال السنة المالية 2024.
دوافع الارتفاع:
من العوامل الأساسية التي أدّت إلى هذا الارتفاع:
*سياسات الابتعاد عن الدولار الأميركي:
تسبب تجميد احتياطيات روسيا من الذهب والعملات الأجنبية في البنوك الأوروبية والأمريكية بعد اندلاع العملية العسكرية في أوكرانيا في اتجاه العديد من الدول النامية إلى الابتعاد عن الدولار الأمريكي. أدى ذلك إلى زيادة الطلب على الذهب بصفته ملاذًا آمنًا، خاصة مع بناء البنوك المركزية لاحتياطياتها من الذهب وارتفاع معدلات التضخم العالمية.
*ازدياد الصراعات والمخاطر الجيوسياسية:
ساهمت الصراعات المستمرة بين أوكرانيا وروسيا، وإسرائيل وفلسطين، في ارتفاع أسعار الذهب. ودفعت هذه المخاطر الجيوسياسية البنوك المركزية في دول الجنوب العالمي وآسيا والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية إلى زيادة احتياطاتها من الذهب.
*الخوف من الركود في الولايات المتحدة وأوروبا:
زادت حالات إفلاس الشركات في أوروبا والولايات المتحدة، مدفوعة بارتفاع أسعار الفائدة وتكاليف الاقتراض، بالإضافة إلى إلغاء الدعم الحكومي بعد جائحة كورونا. كما أن استمرار ارتفاع أسعار الطاقة ساهم في هذه الأزمة.
*التوقعات بخفض المصارف المركزية للفائدة:
قد تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة المتوقعة عالميًّا إلى ارتفاع شهية المستثمرين للمخاطرة وزيادة تدفق الأموال من الأصول الآمنة مثل الذهب والفضة. وقد عزّز من هذه التوقعات تصريحات كلّ من رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول والمتحدثة باسم المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد عن خفض الفائدة والتوجه نحو تخفيف السياسة النقدية.
سعر الذهب اليوم
تجاوز سعر الذهب في 12 آب 2471 دولارًا أميركيًّا للأونصة.
إلا أنّ من العوامل التي قد تؤثر على سعر المعدن الأصفر في المستقبل هي:
- مسار الحرب في أوكرانيا،
- السياسات النقدية للبنوك المركزية،
- اتجاهات التضخم العالمية،
- الأداء الاقتصادي العالمي.
وبشكل عام، يُتوقع أن يظل الذهب ملاذًا آمنًا مرغوبًا فيه خلال الفترة القادمة، ما قد يدعم سعره.
في هذا السياق كان لـ"النشرة" حديث مع الوسيط في الأسواق المالية، جاد شكر، الذي رأى أن أسعار الذهب اليوم عادت وارتفعت إلى مستويات 2400 دولار أميركي للأونصة، في ظل أجواء الحرب الموجودة عالميًّا والتي أثرت على المستثمرين، إضافة إلى التخبط في أسعار الفائدة. علمًا أن الذهب مواجه مباشرة للدولار الأميركي، ويتأثر بارتفاع أسعار النفط وتتبعه الفضة.
أيضًا هذا الشهر ارتفعت الفائدة على الدولار من 5.25 بالمئة إلى 5.50 بالمئة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى خفض سعر الدولار.
إذن فارتفاع أسعار الذهب إلى هذه المستويات هو أمر طبيعي وغير مفاجئ، لأن الأسواق المالية وصلت إلى القمة ثم انخفضت، لذا يلجأ المستثمرون في هذه الحالة إلى شراء الذهب وهذا أمر أساسي.
أما بالنسبة للتوقعات فهي تشير اليوم إلى وصول الذهب إلى ما فوق 2500 دولار أميركي للأونصة وقد تصل إلى 3 آلاف دولار أميركي، بعد أن كان منذ سنتين بأسعار منخفضة. لكن هذا لا يعني أن يشتري المستثمر في مثل هذه الهبة في الأسواق، بكل أمواله الذهب فقط من أجل حماية نفسه، لأن السعر قد يعود إلى التصحيح وهذا ما قد يؤدي إلى خسارة.
أمّا على المدى البعيد فإنّ المعادن مثل الذهب والفضة التي بلغ سعرها 31 دولارًا أميركيًّا للأونصة بعد أن كان في مستوى العشرينات منذ فترة غير بعيدة، هي أساسية عند وجود تخوف في الأسواق ومع التضخم العالمي المسيطر والحرب والتكنولوجيا التي تشكل في هذه الأيام أيضًا ملاذًا آمنًا للمستثمرين في الأسواق المالية.
كذلك، فإنّ ما يدفع الذهب للارتفاع تلقائيًّا في المراحل المقبلة هو التخوف من السياسات الاقتصادية والمالية في الولايات المتحدة الأميركية، حيت هناك اليوم مخاطر اقتصادية لكنها غامضة بالنسبة للمستثمرين باستثناء الكبار منهم. إذن فالارتفاع في الأسعار هو أمر طبيعي وأساسي جدًّا، وهذا ما كان يعمل عليه منذ أشهر ماضية، لأن التخوف هو السائد اليوم في السياسة الاقتصادية الأميركية، بالإضافة إلى إفلاس بعض المصارف الأميركية بشكل غير مباشر وقد تلقت دعمًا من الدولة وهذا إن دلّ على شيء فهو يدل على مخاطر كبيرة قد تشبه أزمة العام 2008، في ما يخص حتى أسعار الخزائن والسندات الأميركية. كل هذا يؤدي إلى ارتفاع أسعار الذهب.