تعتبر كنيسة سيدة النجاة العجائبية في بلدة الكفور-النبطية من الكنائس الاثرية في المنطقة والقديمة بتاريخها، وهي من الأمكنة المقصودة ولها أمجاد وذكريات لدى أهالي البلدة الذين كانوا يجتمعون فيها قبل بناء الكنيسة الجديدة حيث كانوا يحتفلون بالاعياد والمناسبات، من خلالها تطل على الوجود المسيحي الأول في البلدة، باركها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال زيارته الراعوية للبلدة وللمسيحيين في النبطية والعيشية والجرمق، وقد زارها مؤخرا خلال جولته للاماكن السياحية الدينية في النبطية وزير السياحة وليد نصار، واطلع على معالمها الاثرية والعمرانية والدينية والتاريخية، ووضعها على لائحة المواقع السياحية الاثرية المحلية في لبنان والعالم، وبالرغم من مرورالزمن وبعض الحروب الّتي اجتاحت جنوب لبنان خضعت الكنيسة لبعض الترميم الا انها حافظت على رونقها الديني والعمراني الذي يبدو ظاهرا للزوار من خارج البلدة.

ولالقاء المزيد من الضوء عن كنيسة سيدة النجاة العجائبية في الكفور التقت "النشرة" خادم رعية الكفور الماروني الخوري الدكتور يوسف سمعان، فقال ان "ما هو ثابت ومبرهن ان الوجود المسيحي في القرية يعود الى ما قبل سنة ،1860 وبالتالي كان هنالك كنيسة يجتمع فيها المؤمنون ولكن ليست الحالية او كما نعرفها بهذا الشكل، وسجل الكنيسة يعود بنا الى سنة 1904، لكن رقمه 2 وبالتالي فإنّ السجل السابق رقم 1 المفقود هو البرهان القاطع لتاريخيّة الكنيسة والوجود المسيحي، مشيرا الى وجود رسالة موقعة من بني القليعاني تاريخها الى سنة 1904 يشرحون للبطريرك الماروني آنذاك ولمطران صور وصيدا وقتذاك ان هناك كنيسة في بلدتهم وعدد الذكور اكثر من 30 وعدد النساء والعائلات ويطلبون كاهنا شرعيا لخدمتهم لان كنيستهم بلا كاهن.

وتابع الاب سمعان أنّ تاريخ الكنيسة في البلدة يعود الى العام 1914 مع بداية الحرب الكونية وبداية الاحتلال العثماني، وقد أُنزل الجرس عن القبّة (التي لم تكن كما هي عليه اليوم) ورُكِّب على قاعدة خشبية على الأرض، بعد أنْ فُكِّكَت بالكامل بين عامي 1932 و1942. وقد شيدت الكنيسة بهندستها من أبناء البلدة الذين لهم الفضل في بنيان المداميك والاعتاب، خاصة الباب الكبير في الوسط، وباب النساء عن اليمين، وفي الخلف مدافن لابناء البلدة تعود الى بدايات سنة 1900. تحت مذبح الكنيسة مدافن للكهنة منهم على كَراسٍ ومنهم مع الأرض بحسب الطقوس الّتي كان معمولاً فيها، سقف الكنيسة على الطريقة على التقليدية، صورة العذراء فوق المذبح زيتيّة وصلت الى بلدتنا بين 1948 وبداية 1950، بواسطة الراهبات الانطونيّات في النبطية بمسعى من الراهبة الانطونية مريم عون بو حمد وهي من بلدتنا الكفور.

وأردف الاب سمعان أن لا شك في أثرية الكنيسة، وارتباطها بالوجود المسيحي في البلدة وان البطريركية المارونية أجرت إحصاء لمنطقة بلاد الشقيف في الجنوب اللبناني في 12 كانون الأول سنة 1900، والمعطيات هي ان مزرعة الكفور في بلاد الشقيف فيها كنيسة لها وللمزارع التي من حولها، والعائلات القاطنة فيها هي من آل "سمعان، عيسى، ابي فاضل، ميلان، عون، نصار، ابي سليمان، ابي خرس. ودُوّنت بعض العائلات في خانة أخرى: من آل بيضون، مارون، الحجار، أبو شقرا، ومجموع الإحصاء آنذاك كان 293 شخصًا في البلدة.

من جهته يقول نائب رئيس بلدية الكفور طوني سمعان لـ"النشرة"، أنّه درجت العادة في 15 اب من كل عام الاحتفال بعيد انتقال السيّدة العذراء في هذه الكنيسة عبر المشاركة في القدّاس الالهي، ونقيم مهرجانا للدبكة والرقص، لكن هذه السنة وتضامنا مع المقاومة وأهالي الجنوب نتيجة العدوان الإسرائيلي سنقيم زياحا ومسيرة وقداسا احتفاليا فقط. مشيرا الى أنّه في كنيسة سيدة النجاة العجائبيّة في بلدتنا كانت تقام فيها منذ زمن الاحتفالات الليتورجية والدينية لجميع المناسبات بما فيها الأعياد والاعراس ومناسبات الفرح والزواج والعمادات لابناء البلدة، وهي غنية بالذكريات والامجاد التي تحفظها الذاكرة وتزخر بها البلدة ولا ينساها الآباء الّذين توارثوها عن الأجداد، وهي بيت الجمع والتواصل في بلدة تمتاز بالتعايش المسيحي الإسلامي، وهذه الكنيسة التّي لطالما كانت مرجعا دينيا للمزارع القريبة منها.