لا يزال يترقب اللبنانيون الردّ المنتظر من "حزب الله" على مقتل المسؤول العسكري في الحزب فؤاد شكر، على اثر عمليّة اغتيال قامت بها اسرائيل من خلال هجوم لها على مبنى في الضاحية الجنوبية، وهذا الانتظار يترافق مع انتظار الرد الإيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة "حماس" اسماعيل هنية. الرد حتماً سيكون موجعاً لكنه لن يؤدّي إلى اندلاع واسع للحرب، هذا في الاجمال، ولكن في الحقيقة لا أحد يمكن أن يتكهّن ما سيكون عليه الرد، ولا كيف ستكون ردة الفعل الإسرائيلية.

إزاء هذا المشهد وصل الموفد الأميركي هاموس هوكستين، يوم أمس، إلى بيروت، حيث كانت له سلسلة لقاءات مع كبار المسؤولين اللبنانيين، من قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري وغيرهم. وفي هذا الاطار، رأى الكاتب والمحلل السياسي جوني منير أن "هوكشتين استعرض عدة نقاط أبرزها نقطة التهويل بالحرب، والأرجح أنه سيقدم مقابلها طروحات".

ورُغم كلّ ما يحصل، تشير استاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية ليلى نقولا إلى أن "ردّ حزب الله على استهداف الضاحية الجنوبية مختلف تماماً عن ايران، وهو مرتبط بمعادلات متراكمة من العام 1967"، معتبرة أنه "في السنوات السابقة ارسلت اسرائيل مسيّرة إلى الضاحية وكان "حزب الله" معنيًّا بالردّ، ونقول هذا لنؤكد أنّ الضاحية هي بالنسبة للحزب خط أحمر".

وتعود نقولا لتشير إلى أن "الغموض في الردّ جزء من المعركة والحرب النفسية وتحضير الميدان، في طريقة لا تؤدّي إلى أي حرب كبرى ولكن توجع الاسرائيلي"، مشددة على أن "رد الحزب حتمي لأنه اذا لم يفعل سوف تقوم اسرائيل وفي كل مرة بالخرق نفسه، ولكن الأكيد أن لا احد من مصلحته الحرب الكبرى، وبالتالي سيكون الرد لتحقيق الردع دون الوصول إلى حرب أوسع، ورد الحزب سيكون بين هذين الهدفين".

صحيح أن الجميع يربط بين رد الحزب والرد الايراني، إلا أنه وبحسب نقولا فإن "حسابات حزب الله مختلفة عن حسابات الايرانيين، اسرائيل لم تعترف باغتيال اسماعيل هنيّة، والبعثة الايرانيّة في الامم المتحدة قالت انها سترد على تل أبيب بشكل ستحترم فيه القانون الدولي، أي أنها لن تقصف أهدافا مدنية لأسباب متعددة"، لافتة إلى أن "ايران لن تعطي فرصة لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو لتوسيع الحرب وجر الولايات المتحدة اليها"، مضيفة: "اذا كان الأميركي يطرح على المحور مكاسب في السياسة ستكون أكبر مما سيحقّقه الرد. ايران معنية بالموافقة على صفقة تضع حداً للحرب في غزة، وفي المرحلة الأخرى سيتم الحوار حولها، وبالتالي سيكون هناك تفاوض حول الاخراج الشكلي للرد الايراني الذي يحفظ هيبة طهران في المنطقة، وخطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله كان واضحاً ألاّ حرب في المنطقة".

على صعيد متصل، تفيد مصادر متابعة، عبر "النشرة"، أن الأساس يبقى مصير الأوضاع في قطاع غزة، نظراً إلى أن وقف إطلاق النار في القطاع سيكون له بالتأكيد تداعيات على الواقع في جبهة جنوب لبنان، وعلى نوعية وحجم الردود المنتظرة على الإعتداءات الإسرائيلية، ولذلك ترى من الضروري مراقبة تطور الجهود الدبلوماسيّة الهادفة إلى تحقيق ذلك، بالإَضافة إلى جولة المفاوضات التي من المقرر أن تعقد اليوم.

الواضح أن الردّ سيأتي، ولكن السؤال هل سينجح الأميركي في التوصّل إلى اتفاق يسمح بوقف الحرب وفتح باب التفاوض وبالتالي يكون الرد شكلياً؟.