أشارت صحيفة "الأخبار" إلى أنّ "حزب الله أظهر بعضاً من مقتضيات المرحلة الجديدة التي دخلتها المعركة بين المقاومة وجيش العدو، إسناداً لغزة ودفاعاً عن لبنان، عبر الكشف عن بعض قدراته الاستراتيجية والصاروخية، من خلال فيديو "جبالنا خزائننا"، موجّهاً الرسائل ذات الأبعاد الاستراتيجية والعملياتية والردعية"، مركّزةً على أنّه "إذا كان ما تضمّنه الفيديو سيخضع لدراسة الخبراء والمختصّين في كيان العدو، على قاعدة أن الرؤية غير السمع، إلا أن توقيت الكشف لا يقلّ دلالة".

وأوضحت أنّ "لذلك، شكّل نشر الإعلام الحربي فيديو "عماد-4"، حدثاً بذاته، لتضمّنه مروحة من الرسائل في كل الاتجاهات. في المضمون، قدَّم "حزب الله" للعدو عينة بسيطة من قدراته الاستراتيجية، ضمن سياق ردع العدو، وهي عينة جاءت لتخلط أوراق العدو، الذي يتصرف على أساس أنه يملك فكرة إجمالية عن هذه القدرات مع بعض التفاصيل هنا أو هناك، إلا أن "حزب الله" أراد أن يوجّه أنظار العدو إلى بعض تفاصيل القدرة بهدف تعميق الردع، ودفعه إلى تقليص أي خطأ في التقدير يورّط نفسه والمنطقة في خيارات عسكرية واسعة".

ولفتت الصحيفة إلى أنّه "بما أن التجارب السابقة والمعطيات المتوفّرة تؤكد وجود اختلافات عميقة بين مؤسسات العدو وداخلها، حول الخيارات الواجب اتّباعها في هذه المرحلة، فإن هذا الكشف سيتحول أيضاً إلى أداة إقناع إضافية لأحد الأطراف، حول محدودية جدوى أيّ خيارات متهوّرة قبل أو بعد ردّ حزب الله القادم على اغتيال القائد العسكري الشهيد فؤاد شكر".

وبيّنت أنّ "على المستوى العملياتي، هدف فيديو الإعلام الحربي إلى إفهام العدو بأن قدرات المقاومة الصاروخية والعسكرية، مُحصَّنة إلى حد أنها تشكّل تحدياً جوهرياً أمام جيش العدو حول كيفية التعامل معها، وتفرض نفسها على مؤسسة القرار في ظل محدودية نتائج أيّ خيار عدواني"، مشدّدةً على أنّ "ضمن الإطار نفسه، يقدّم هذا الفيديو أيضاً معطى ملموساً حول قدرة "حزب الله" على الجمع بين "البقاء والنيران"، بمعنى أن هذه التحصينات توفّر للحزب الحفاظ على قدراته، قبل أو بعد الاستخدام، وفي الوقت نفسه مواصلة النيران في مواجهة التطور الهائل لدى العدو على المستوى التكنولوجي والدقة والتدمير والغزارة من البحر والجو والبر".

كما ذكرت أنّ "من جانب آخر، يأتي هذا الكشف المدروس في مضمونه وتوقيته، ليُحفِّز قادة العدو على إطلاق خيالهم في توقّع ما يخفيه "حزب الله" من مفاجآت، ولتعزيز الشكوك لديهم بما يفترضون أنهم يعلمونه عن قدرات الحزب. ولذلك عليهم أن يذهبوا بعيداً في فرضياتهم".

ماذا وراء توقيت فيديو "عماد 4"؟

في السّياق، رأت أوساط سياسية رفيعة المستوى لصحيفة "الديار"، أن "اختيار "حزب الله" نشر فيديو "عماد 4" تحت عنوان "جبالنا خزائننا" في هذا التوقيت بالذات، هو لان المقاومة ترى ان المنطقة غير ذاهبة الى التهدئة، لان إسرائيل تريد مواصلة الحرب في غزة وتفجير الشرق الاوسط بحرب شاملة".

وأكّدت أنّ "عليه، اراد "حزب الله" توجيه رسالة واضحة لاسرائيل بانه في اعلى جهوزية لخوض الحرب ضدها، اذا بادرت الى شن هجوم على لبنان. وعليه، استعرض قوته العسكرية، ليقول لها انها ستدفع اثمانا باهظة في مواجهة مقاتليه".

واعتبرت الأوساط أنّ "المقاومة حذّرت الكيان الصهيوني من الدخول في رهانات وحسابات خاطئة بشن حرب كبرى على لبنان، لان المقاومة ستكون لها بالمرصاد، وستكبد جيش الكيان العبري خسائر لا تحصى، بخاصة ان "حزب الله" هو الاقوى بين جميع فصائل المقاومة التي تقاتل اسرائيل".

"حزب الله" وإيران يتمهلان في الرد وحدوده تقررها محادثات الدوحة

على صعيد متّصل، كشفت مصادر سياسية مواكبة للقاءات التي عقدها مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة أموس هوكستين في لبنان، وشملت رئيسَي المجلس النيابي نبيه بري، وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وقائد الجيش العماد جوزاف عون، ووفداً نيابياً يمثل قوى المعارضة، لصحيفة "الشّرق الأوسط"، أنّ "حزب الله كان الغائب الحاضر الأبرز فيها، باعتبار أنه المعني الأول بالمهمة التي حضر من أجلها هوكستين إلى بيروت، وتدور حول بند وحيد يتعلق بدعوة الحزب للامتناع عن القيام برد على إسرائيل لاغتيالها أحد أبرز قادته العسكريين فؤاد شكر، طوال مدة انعقاد المحادثات في الدوحة للتوصل لوقف النار في غزة؛ لأن هناك ضرورةً لتوفير الفرصة للمتفاوضين لإنهاء الحرب في القطاع".

وأشارت إلى أنّ "الحزب استعاض عن مشاركته المباشرة في اللقاءات بتفويضه بري، كونه أوكل إليه سابقاً التفاوض مع هوكستين، للتوصل إلى تهدئة في جنوب لبنان ترتبط بوقف النار في غزة"، مؤكّدةً أن "الحزب تجاوب مع ضرورة إعطاء فرصة للمتفاوضين في الدوحة لعلهم يتوصلون لوقف النار، ما يعني أنه يحتفظ لنفسه بحق الرد لاحقاً، ويعود له تقدير طبيعة الرد وحدوده ومكانه، في ضوء النتائج التي ستتوصل إليها محادثات الدوحة، سواء أكانت إيجابية أو سلبية؛ وإن كانت تنصح بأن يبقى الرد في مطلق الأحوال تحت سقف السيطرة".

ولفتت المصادر إلى أن "حزب الله أُعلم بتفاصيل ما بحث فيه هوكستين، خصوصاً مع بري وميقاتي"، مبيّنةً أنّ "التواصل بين قيادتي حركة "أمل" والحزب يكاد يكون يومياً، ليكون في وسع الثنائي الشيعي أن يبني على الشيء مقتضاه".

وأفادت بأنّ "بري، كعادته، أوكل هذه المهمة إلى معاونه السياسي النائب علي حسن خليل، الذي يلتقي على الدوام المعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" حسين خليل، الذي التقى ميقاتي مساء الأربعاء الماضي، لهذه الغاية، رغم أن رئيسي المجلس والحكومة يقرآن في كتاب واحد في لقاءاتهما بالوسيط الأميركي بالتوافق مع قيادة الحزب".

كما أكّدت أنّ "هوكستين لم يحمل معه أي أفكار محددةـ سوى دعوته لإعطاء فرصة لمحادثات الدوحة، التي تنعقد في ظل ارتفاع منسوب الضغط الأميركي على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو لدفعه لتسهيل التوصل لوقف النار في غزة، الذي يلقى دعماً غير مسبوق من المجتمع الدولي؛ وبالتالي لا مصلحة لتوفير الذرائع له للتفلّت من هذه الضغوط".

ورأت المصادر أن "لا صحة لكل ما أشيع ونُسب إلى الحزب، بعدم تحبيذه التفاوض مع الوسيط الأميركي، وأن كل ما قيل يأتي في سياق الاستهلاك السياسي، ولن يكون له من مفاعيل سياسية ملموسة تلزمه بموقف من هذا القبيل"، مشدّدةً على أن "لدى الحزب، بتفويضه لبري، كل الثقة به، وإلا لما كان بادر منذ أن قرر مساندة "حماس"، إلى ترك الحرية له للتفاوض لعودة التهدئة إلى الجنوب انطلاقاً من وقف الحرب على القطاع".

وأضافت: "الحزب يتمهل في رده على إسرائيل، وهذا ما ينسحب أيضاً على إيران، التي أبلغت الوسطاء موافقتها على إعطاء فرصة لمحادثات الدوحة، شرط أن تحتفظ لنفسها، أسوة بالحزب، بحق الرد لاحقاً على إسرائيل لاغتيالها رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية".

ولفتت إلى أنّ "الوسيط الأميركي نصح بالاستعداد لمرحلة ما بعد وقف النار، من دون أن يتقدم بأفكار محددة بهذا الخصوص، سوى تأكيده أن هناك ضرورة لتطبيق القرار 1701 على مراحل، وهذا ما شدد عليه الجانب اللبناني بالتزامه به وضرورة تطبيقه بكل مندرجاته".

الدبلوماسية "شغّالة" في بيروت: لا تصعّدوا!

بدورها، ذكرت "الأخبار" أنّ "في موازاة الدبلوماسية "الشغّالة" في الدوحة للتفاوض على وقف إطلاق النار في غزة، شكّلت الجبهة اللبنانية محطة أساسية في مسار الوساطات العابرة للحدود، في محاولات حثيثة تستهدف إقناع المقاومة بعدم التصعيد، خشية أن تقود إسرائيل المنطقة في اتجاه صراع إقليمي شامل.

ووصفت مصادر مطّلعة على اللقاءات الّتي عقدها وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه ونظيره المصري بدر عبد العاطي، لـ"الأخبار"، زيارتيهما بأنهما "جولة واجب قامَ بها الجانبان، لحفظ دورهما في المشهدية، تحديداً باريس التي لا تريد ترك الساحة خالية أمام الأميركيين، وتصرّ على أن تكون شريكاً في أي اتفاق لوقف إطلاق النار. وما عدا ذلك، فإن سيجورنيه وعبد العاطي لم يحملا معهما أيّ طرح أو مبادرة أو فكرة ولا حتى معلومة تتعلق بالمفاوضات".

وفسّرت أنّ "على سبيل المثال، لم ينقل الوفد المصري أي إشارة سلبية أو إيجابية في ما يتعلق بمفاوضات العاصمة القطرية، وقد تقاطع كلامه مع كلام وزير الخارجية الفرنسي بالتشديد على أن "ما يحصل في المنطقة خطير، وأن الأمور قد تذهب في أي لحظة إلى الانفجار الكبير، وعلى لبنان أن يحاذر في إعطاء ورقة التصعيد العسكري الذي يرغب فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو".

وعلمت "الأخبار" أن "الموفد المصري لم يتواصل مع قيادة "حزب الله" في لبنان، كونه يعرف جواب الحزب الذي تتبلّغه كل الوفود الدبلوماسية هو نفسه منذ بداية الحرب، إضافة إلى أن الحزب أكّد أن الرد على اغتيال القائد العسكري فؤاد شكر آتٍ بمعزل عن أي مفاوضات".