لن نتحدث اليوم بالسياسة، ولن نميّز بين لبناني من هذه الطائفة أو تلك، أو بين أبناء الجنوب وبيروت والبقاع والشمال مروراً بجبل لبنان.
لن نوجّه لأي فريق لبناني وتحديداً حزب الله تُهمة السعي وراء الحرب أو جرّ لبنان الى حرب يسعى العدو الإسرائيلي بيديه ورجليه وراء فتحها علّها تخرجه من المأزق الذي وقع فيه بعد السابع من تشرين الأول 2023.
نعم سنستعرض اليوم بواقعية تامة وبالأرقام كيف أن اللبنانيين الذين كانوا قادرين نوعاً ما على مواجهة عدوان تموز 2006 على لبنان، فقدوا اليوم هذه القدرة وستكون هناك مشكلة كبيرة لديهم إذا وقعت الحرب الكبرى لا سمح الله.
في العام 2006 كان المواطن اللبناني قادراً على سحب الأموال التي إدّخرها في المصارف ليوم الشدة وبالتالي كان بإمكانه تدبير أموره الأساسية ودفع بدل إيجار الشقة البديلة التي إستأجرها بعدما ترك منزله الواقع في منطقة مُعرّضة للقصف الإسرائيلي، أما اليوم فلم يعد هذا اللبناني قادراً على سحب أمواله التي أحتجزت في المصارف هذا من دون أن ننسى أن هذه الأموال فقدت قيمتها بفعل الإنهيار المالي.
في العام 2006 كان لراتب الموظف اللبناني، أكان يعمل في القطاع العام أو في الشركات الخاصة، قيمة تسمح له بالصمود وبشراء ما يحتاجه لعائلته التي تركت منزلها وتهجرت بفعل الحرب، أما اليوم فأصبح مدخول الموظف المدني والعسكري في القطاع العام يتراوح شهرياً بين الـ100 والـ300 دولار وإنهارت رواتب موظفي القطاع الخاص الى ما دون النصف عما كانت عليه قبل العام 2019، الأمر الذي جعل القدرة الشرائية لدى الأكثريّة الساحقة من المواطنين تتراجع كثيراً، هذا من دون أن ننسى إرتفاع الأسعار بسبب جائحة كورونا التي هزّت إقتصادات العالم، وبسبب ما نشهده من حروب في أوروبا والمنطقة رفعت كلفة الشحن والإستيراد.
في العام 2006، كان سعر صرف الدولار مقابل الليرة 1507 ليرات للدولار الواحد، بينما وصل هذا السعر اليوم بعد إنهيار العام 2019 الى 89500 ليرة هذا من دون أن ننسى أنه وصل في 20 آذار من العام 2023 الى 140000 ليرة للدولار الواحد.
وإذا سلمنا جدلاً أنّ حزب الله هو الذي سيتولّى إعادة إعمار البيوت والمنشآت السكنية التي تدمرت حتى اليوم في القرى الحدوديّة المواجهة للشمال الاسرائيلي، وتلك التي قد تُدمّر في الضاحية الجنوبية لا سمح الله إذا توسعت الحرب، فالأكيد الأكيد أنها ستكون من الأمور شبه المستحيلة إعادة إعمار اللبنانيين القاطنين في المناطق الأخرى منازلهم المدمّرة، ومن المؤكّد أكثر أن الدولة لن تكون قادرة على التعويض عليهم وإذا عوّضت فالمبالغ التي ستدفعها في حينها للفرد لن تسمح له بإزالة ركام منزله حتى.
لكل ما تقدم اللبنانيون غير قادرين على تحمّل تبعات الحرب إذا وقعت والأمل كل الأمل بتَجَنُبِّها كي لا يصبح الشعب اللبناني مُهجّرًا!.