اشار الباحث في الجيوبوليتيك وقضايا الأمن الدكتور محمد سيف الدين في حديث الى "النشرة" ردا على سؤال حول اسباب تأخر الرد الايراني على الضربة الاسرائيلية التي ادت الى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران في 31 تموز الماضي، الى اننا هنا نتحدث عن مواجهة محفوفة بالمخاطر، ليس على المستوى الإقليمي فحسب إنما مع تهديدات تطال الأمن الدولي من جهة، والاقتصاد العالمي من جهة ثانية. وهذا يفسّر تأني طهران وجبهة المقاومة بالرد، لأن الهدف الكبير بالنسبة إلى هذه الجبهة هو وقف حرب الإبادة على الفلسطينيين في قطاع غزة، ومنع توسّعها بما يضر بجميع الشعوب في المنطقة.

واعتبر سيف الدين بان المفاوضات هي معطى رئيس في هذا الصراع، وليس من الحكمة تجاهله في معرض التخطيط للرد، لذلك فإن دراسة هذا الرد واختيار ساحته وأسلوبه مسألة دقيقة جداً. كما أن إيران وجبهة المقاومة يعرفون تماماً عدم وجود مصلحة لواشنطن في حرب كبرى في المنطقة في هذا التوقيت ومع الاحتمالات الكامنة في مثل تلك الحرب، على الرغم من إدراكهم عدم حيادية الدور الأميركي ومساندته الكاملة لإسرائيل والرغبة بحمايتها، وتوفير انتصار لها إن أمكن.

واردف "الآن تبدو الصورة على الشكل الآتي وفق اتجاهين:

- الأول يشير إلى أن واشنطن وطهران والدول العربية الوسيطة وجزء مهم من الساسة الإسرائيليين يريدون منع الحرب من التوسع، في مقابل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي يراهن على دعم أكبر من الجمهوريين فيما لو وصل مرشحهم دونالد ترامب للرئاسة الأميركية.

- الثاني يشير إلى أن واشنطن والإسرائيليين يريدون تحقيق مصلحة إسرائيل، وطلب معظم التنازلات فقط من المحور الآخر".

ولفت الى ان هذا الواقع الذي يضع واشنطن في صلب الاتجاهين يجعل من موقفها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة حاسماً لجهة الصورة التي سوف تنتهي على أساسها الحرب. فإما تخرج من انحيازها التام إلى فرض الضغوط على الطرفين معاً، أو أن احتمالات توسع الحرب سوف تكبر بما لا يمكن معالجته لاحقاً، بحيث يؤدي إلى مواجهةٍ كبرى تغرق واشنطن في رمال المنطقة، وتعيقها عن مواجهة الصين وروسيا، وتودي بالاقتصاد العالمي في هاوية سحيقة لا يعرف أحد مآلاتها.