كل المؤشرات توحي بأن مختلف الجهات، باستثناء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، غير راغبة بالذهاب إلى خيار الحرب الشاملة على مستوى المنطقة، بالرغم من التوتر القائم منذ إقدام إسرائيل على إغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة "حماس" إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران، والقيادي العسكري في "حزب الله" فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية، الأمر الذي كان قد أعاد تحريك مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى بين تل أبيب و"حماس".

هذا الواقع، تأكد من خلال إفساح المجال أمام جهود إنجاح هذه المفاوضات، سواء في نسختها الأولى في العاصمة القطريّة الدوحة، أو في نسختها الثانية المنتظرة، في العاصمة المصرية القاهرة، نظراً إلى أنّ الجميع بات مقتنعاً بأن الخيار الآخر ربما يكون الذهاب إلى مواجهة على مستوى المنطقة، لكن على الرغم من ذلك لا يبدو أن الولايات المتحدة، أي الفريق الذي يلعب الدور الرئيسي في المفاوضات، قادر، على الأقل حتى الآن، في فرض الذهاب إلى الإتفاق.

في هذا السياق، تشير مصادر معنية، عبر "النشرة"، إلى أن واشنطن سعت، في الأيام الماضية، للضغط على "حماس"، من خلال تبني التعديلات التي يريدها رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأمر الذي رفضته الحركة بعد ساعات من إنتهاء إجتماع الدوحة، لكن الوسطاء، خصوصاً الجانب الأميركي، أصروا على الإستمرار في بث الأجواء الإيجابية، وهو ما فُسر في إطار السعي للتخفيف من حدة التوتر القائمة، إلى جانب محاولة رمي المسؤولية على "حماس"، في حال لم تنجح المفاوضات.

بالنسبة إلى هذه المصادر، المشكلة تبقى في موقف نتانياهو، وهو ما تؤكده المواقف المعارضة له في الداخل الإسرائيلي، حيث لا يزال مصراً على رفض الذهاب إلى مفاوضات جدية، من خلال طرح شروط يعلم مسبقاً أنها لن تكون مقبولة من الجانب الآخر، في حين أن الإدارة الأميركية لا تبادر إلى فرض الضغوط اللازمة عليه، لا سيما في ظلّ التنافس القائم بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بسبب الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.

ما تقدم، يدفع إلى طرح الكثير من الأسئلة حول السيناريوهات المحتملة، في حال فشلت مفاوضات القاهرة أيضاً في الوصول إلى إتفاق، خصوصاً أن مختلف الجبهات كانت قد شهدت، في الأيام الماضية، تصعيداً إضافياً على مستوى العمليات العسكرية.

في هذا الإطار، تستبعد المصادر المتابعة أن يصار إلى إعلان فشل المفاوضات بشكل رسمي، في ظلّ الحديث المستمر عن أنها قد تكون الفرصة الأخيرة، حيث ترجح، في حال كانت الأجواء سلبية، أن يصار إلى تمديد إضافي، يترافق وبث أجواء إيجابية جديدة، مع الإشارة إلى أن الأمور لا تزال تحتاج المزيد من البحث، خصوصاً أن الإعلان عن فشلها سيعيد المنطقة إلى أجواء التوتر السابقة، المرتبطة بردّ كل من إيران و"حزب الله" على إغتيال هنية وشكر.

من وجهة نظر هذه المصادر، هذا السيناريو، أي التمديد المستمر للمفاوضات، قد يكون هو المنطلق لتفادي التصعيد الكبير، لكنها تلفت إلى أن الولايات المتحدة قد لا تنجح في الإستمرار به، نظراً إلى أنّ الفريق الآخر قد لا يقبل الدخول في دوامة طويلة من الإنتظار، في حين تستمر الحرب في غزّة بالوتيرة نفسها، وبالتالي قد يبادر إلى تنفيذ الردود المنتظرة بغض النظر عن مسار المفاوضات، ما يتطلب منها العودة إلى الضغط على نتانياهو، في حال كانت راغبة جدياً بالوصول إلى إتفاق.

في المحصّلة، ترى المصادر نفسها أن التصعيد، الذي كان قد برز في الأيام الماضية، إلى جانب إرتفاع وتيرة التهديدات، يرتبطان إلى حد بعيد بالضغوط المتعلقة بالمفاوضات، لكنها تطرح علامات الإستفهام حول ما إذا كان الوصول إلى إتفاق سيتطلب ما هو أكبر من ذلك، الأمر الذي قد يكون منطلقه الردود المنتظرة، أو تصعيد في مستوى العمليات اليومية، نظراً إلى أنه بات من المستبعد بقاء الأمور على ما هي عليه، وتضيف: "المرجح أن التوازنات الحالية لا تسمح بالوصول إلى إتفاق، وبالتالي قد يكون المطلوب تطور أكبر".