تحاول "اسرائيل" أن تُظهر راحتها في استهداف العمق اللبناني في البقاع، ساعة تشاء، وكيفما تشاء، لذلك رفعت من وتيرة قصف القرى البقاعية، بشكل شبه يوميّ، ربما لعلمها أن معادلة البقاع-الجولان، لا تزال قائمة بالنسبة لحزب الله، علماً أن اسرائيل لم تكتف بزيادة عدد الضربات، بل حجم النار أيضاً.
لأول مرّة في الاعلام الاسرائيلي يستعملون عبارة "ضربات استباقيّة" خلال الحديث عن قصف البقاع، وبالتالي يُريد الاسرائيلي القول أنه يمتلك بنك أهداف كبير للغاية، سيبدأ العمل عليه كي لا يبقى منتظراً رد حزب الله، علماً أن هذه المقاربة كانت قد برزت في تل أبيب بعد توعد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله بالرد، فالعدو من جهة يسعى لدفع الحزب لتنفيذ رده كي لا يبقى منتظراَ، أو ينجح بمنع الرد نهائياً من خلال إظهار قوة النار لديه.
حتى اللحظة، وبحسب مصادر مطلعة، لم ينجح الاسرائيلي بتحقيق أيّ هدف نوعي يتعلق بالأنفاق أو المخازن، حتى أن بعض الضربات أظهرت قصوراً استخبارياً اسرائيلياً كبيراً، أو على الأقل غياب القدرة على تحديث المعلومات الاستخباريّة المرصودة منذ سنوات، وهذا الأمر برز في استهداف الكفور مؤخراً، ولكن خطورة هذه الاستهدافات أنّها قد تؤدي الى ما هو أكبر، وهو فعلا ما بدأ يحصل من خلال ردّ الحزب، والرد على الرد.
الرسائل التصعيدية، في ظل إستمرار المفاوضات حتى ولو كانت الأجواء سلبيّة حتى الآن، قد تكون في إطار الضغوط المفروضة لتقديم تنازلات، وبالتالي الذهاب إلى إتفاق لوقف إطلاق النار، لكن لم يعد يُخفى الخوف من أن تؤدي الامور إلى المزيد من التعقيدات، في حال وقعت أخطاء غير محسوبة، خصوصاً أن جميع الجهات باتت تدرك خطر الذهاب إلى مواجهة شاملة، وعلى رأسها الجمهورية الاسلامية في إيران، حيث هناك رأي اساسي يقول أن الردّ الذي قد ينتج حرباً إقليمية هو ما يريده نتانياهو وما عمل لأجله طيلة المرحلة الماضية.
أما فيما يتعلق بلبنان، من الممكن الحديث عن مرحلة جديدة من المواجهات، بدأت مع بوادر فشل الوصول إلى إتفاق لوقف الحرب، وتُشير المصادر الى أن "ما حصل في الأيام الماضية قد يكون نموذجاً مصغراً عنها، دون معرفة المدى الذي من الممكن أن تصل إليه المواجهات"، خاصة بظل تواجد أسئلة أساسيّة لم يتمكن أحد من الإجابة عليها حتى الساعة، وهي "هل يضمن أحد ما قد يلجأ اليه نتانياهو لزيادة منسوب الاستفزاز بغية جرّ المنطقة الى الحرب، وهل يضمن حزب الله، الذي يؤكّد أنّ ردّه القاسي سيكون مدروساً بحيث لا يعطي نتانياهو ذريعة توسعة الحرب، وألا يكون رئيس حكومة العدو منتظراً لحصول الرد، بغض النظر عن شكله وقوته وهدفه، فيعلن الحرب بناء عليه؟ وهل هناك من يضمن حدود الأيام القتالية التي يتحدث عنها الجميع، وكيف يمكن أن تنتهي ومن سيتدخل لانهائها؟! وها هي المفاوضات في غزة تفشل لأشهر، علماً أنه بحسب المصادر هناك كلام جدي عن ابتعاد شبح الحرب الاقليمية الواسعة، واقتراب شبح المواجهة اللبنانية-الاسرائيلية الواسعة؟.
في الوقت الراهن، من المرجح أن يبقى التصعيد تحت سقف المواجهة الشاملة، لكن هذا لا يعني أن مخاطر الانزلاق لا تزال قائمة كما كانت، فالصحيح اليوم أن احتمالات التصعيد أصبحت أكبر، وما استعداد حزب الله لذلك من الناحية اللوجستية، خاصة تلك المتعلقة بالنزوح وتأمين النازحين سوى خير دليل على ذلك، علماً أنه بحسب بعض المصادر فإن سعي نتانياهو الى إيجاد صفقة لوقف إطلاق النار في لبنان بمعزل عن غزة، قد لا ينجح ما لم تقع معركة قوية وكبيرة، وبالتالي، تختم المصادر "القول الأصدق هو الذي لا يجزم بما سيحصل في الأيام المقبلة، فكل الاحتمالات مفتوحة، ولن يُكشف سرّ عندما نقول أن الحزب بدأ منذ فترة تغيير بعض الأفكار السابقة التي كانت متيقنة من صعوبة اندلاع مواجهات واسعة مع لبنان".