هلاّ سمعنا صوت نشيد اوغاريت "ازرعوا في كبد الارض محبة"!
نعيش هذه الايام على وقع أخبار الموت والحروب والدمار، لا فرح عندنا ولا سلام ولا محبة لان فرح الحياة لا يكون الا بالسلام والمحبة وقبول الآخر. تحول مجتمعنا الى حالة جنائزيّة وكأننا في مقبرة أو جبّانة دائمة واتشحنا بالثياب السوداء من أعلى رأسنا الى اخمص قدمينا، وحجبنا جمال النور واللون عن نظرنا حتى أننا فقدنا حسن الجمال philocalia esthetica وحس الذوق والشعور برهافة الحياة ورقة وجمال مخلوقاتها، وعشنا كآبة وغربة الوجود كما يقول Soren kirkegaard اللاهوتي الدنماركي، او كما ينشد بودلير Beaudelaire في “Spleen” سبلين، أو كما يقول الفيلسفوف الالماني الكبير Hans goerg Gadamer فيلسوف علم الدلالة، أو hermeneutique كما يقول هذا الفيلسوف نكون "قد نضجنا للموت لحظة نكون قد ولدنا" وكان قبله الفيلسوف Hegel "إن للانسان رغبة للموت"
وآذاننا لا تسمع الا اخبار الموت والاستشهاد والدمار والحرب والوعيد والتهديد وارسال التعزيزات المرعبة والمخيفة، واعيننا لا ترى الى مشاهد التوابيت واشباح الاجسام المتحركة والمتّشحة بلون الظلام والعتمة، ولا نسمع الا حوربة أو تسييف الموت والهلاك والدمار والخراب، ونسينا أن الله قال ليكن نور فكان نور وحب وجمال وحياة وفرح وسلام ونمو وازدهار، وان المسيح قال اتيت لتكون لهم الحياة وتكون لهم أوفر، واضاف لا تخافوا ممّن يقتلون الجسد بل خافوا ممن يقتلون الروح وليس لهم سلطان أن يقتلوا الروح بعد أن يقتلوا الجسد. وصارت رسائلنا صواريخ وراجمات وقنابل وسيارات مفخّخة وطائرات تحمل الموت والفاجعة، ولم نعد نذكر لأنانيتنا ونرجيسيتنا أن هناك مكان على الارض لجميع البشر على اختلاف دياناتهم وتنوع معتقداتهم وسلم قيمهم وسلوكياتهم وانماط سلوكهم ولبسهم ومحرماتهم وممنوعاتهم أو تابوهاتleurs tabous ، ليمكنهم أن يعيشوا بسلام وفرح ومحبة وسعادة وبركة وخير ونعمة وامان.
في رسالة البابا فرنسيس "ليكن مسبّحا" يقول قداسة البابا ان الارض هي بيتنا المشتركة وهي البيت المشترك للبشرية جمعاء، وفي قلب هذا البيت يمكن للجميع ان يعيشوا بمحبة واحترام لبعضهم البعض، ومع الاخر المختلف والمتنوع والمتعدد بمحبة واحترام وسلام وفرح. هلا تساءلنا ماذا جنت البشرية من حروبها الا الخراب والموت والدمار؟ وماذا انتفعت من تقاتلها وتطاحنها الا الندم؟ ولم تقم معاهدات السلم والتفاهم والحوار والعيش بسكون وسلام من يوم قتل قايين اخاه هابيل والى يومنا هذا حيث يقتل الانسان اخاه الانسان! ماذا انتفعت البشرية وفي الأرض مساحة كافية ومساحات شاسعة وخيرات لا تحصى لجميع الشعوب لتعيش بسلام؟ والبحر فيه من الخيرات ما يشبع جميع الشعوب والجياع والفقراء، فمن يعطينا جوابا؟ انا اؤمن ان "الجواب هو وحده في شخص يسوع المسيح، وفي قوله: ان من قال انه يحب الله وهو يبغض اخاه الانسان فهو كاذب"، واضاف مار بولس في نشيده عن المحبة ان هذا الانسان "نحاس يطن أو صنجٌ يرن. يسوع ازال العداوت من بين البشر والفواصل مع المنبوذين والمبروصين، والحدود بين الاتنيات والعرقيات بين السامريين واليهود، ومعه لا نقدر أن نرد على السيف بالسيف، ولا على العنف بالعنف، بل بالمغفرة والمصالحة والمسامحة واللطف ونكران الذات وبذلها حتى الموت على الصليب، ولا ذنب له الا لانه شفى المرضى واطعم الجياع وبشّر بالمحبة. المسيح اعطانا جوابا لشفاء جميع بشريتنا المعطوبة والنازقة لكي نربح الحياة، والجواب هو المحبة، احبوا بعضكم بعضا كما انا احببتكم، نحن في المسيح جسم واحد، وكلنا أعضاء في جسد المسيح وهو يدعونا جميعا للخلاص، الخلاص لكل انسان وليس فقط للمسيحيين بل لجميع البشر لأنّ جميع البشر هم خلائق الله وجمعهم مدعوون للخلاص.