لفت مصدر مطلع لصحيفة "الأنباء" الكويتية، إلى أنّ "القوات الإسرائيلية عملت في الأيام الأخيرة، على تكثيف غاراتها المدمرة، من استهداف المسؤولين الميدانيين في "حزب الله"، إلى ما تقول انه قصف مخازن صواريخ أو مراكز حزبية، الأمر الذي قوبل بهجمات بالمسيرات الانقضاضية طالت بعضها مناطق سكنية، حيث أصابت مدنيين في مستوطنة كاتسيرين".

وأشار إلى أن "هذه الاستهدافات دفعت إسرائيل إلى رفع سقف تهديداتها، من الحديث عن ضرورة تغيير الوضع على الحدود مع لبنان، إلى حديث وزير الدفاع يوآف غالانت عن نقل ثقل الجيش من الجنوب إلى الشمال، وربما هي المرة العاشرة التي يتحدث فيها عن تحريك هذه القوات".

وأعرب المصدر عن اعتقاده بأن "التلويح الإسرائيلي والتهديد بتغيير قواعد الاشتباك، ربما يراد منهما تحسين شروط المفاوضات، ومحاولة الضغط للقبول بشروط الحكومة الإسرائيلية".

وفي سياق ارتفاع الكلام عن حرب محتملة موسعة، أكدت مصادر لجنة الطوارئ الوزارية لـ"الأنباء"، أن "الحكومة رئيسا وأعضاء على جهوزية تامة لأي عدوان إسرائيلي موسع على لبنان، بالتعاون والتكامل مع المنظمات الدولية والمحلية والجمعيات الأهلية العاملة في المجال الصحي والاجتماعي والمعيشي والإغاثي والتربوي، لإيواء النازحين وتقديم الخدمات للمواطنين، من خلال توزيع المهام على العاملين في الوزارات المعنية والمتطوعين لحسن استخدام الموارد البشرية بشكل مدروس ومنظم؛ لتأمين المقومات الضرورية".

وكشفت أن "جميع الأجهزة المعنية في الوزارات شكلت خلايا عمل وشبكة طوارئ، ووضعت خطة لتكون على أتم الاستعداد لتنفيذ المهام الموكلة إليها، وهي على استنفار دائم وتأهب لأي طارئ خشية عنصر المفاجأة من قبل العدو الإسرائيلي"، مشددةً على "أهمية التعاون والتضامن السياسي مع الحكومة، التي تعمل ليلا نهارا رغم القصف السياسي عليها، في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها لبنان من شغور رئاسي وعدوان إسرائيلي على سائر المناطق اللبنانية".

ودعت المصادر، القوى السياسية على تنوعها إلى "دعم الحكومة وتخفيف حملاتها السياسية عنها، بحيث ان الوطن لا يحتمل أي اهتزاز داخلي وخصومات بين أبناء الوطن الواحد. في حين ان العدو الإسرائيلي يطول كل شرائح المجتمع اللبناني بعدوانه على الجنوب ومدينة صيدا والبقاع وبعلبك الهرمل وحتى العاصمة بيروت".

وركّزت على أن "إمكانات الدولة محدودة وتتطلب مزيدا من المساعدات المالية والعينية لمواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل، خصوصا ان المواطن يعيش ظروفا سياسية واقتصادية ومعيشية وخدماتية دون المستوى، لاعتبارات خارجة عن إرادة الدولة التي تعاني شغورا رئاسيا وحكومة تصريف أعمال، ونقصا في عدد الموظفين من الفئة الأولى في المؤسسات الرسمية، ما يتسبب بإرباك مهام هذه المؤسسات والجنوح نحو الفوضى وانهيار مقومات الدولة، إذا لم يتم تدارك الأمر من الأفرقاء السياسيين الذين لم يحسموا قرارهم بعد بانتخاب رئيس للجمهورية؛ وهذا من الأولويات المطلقة".

كما اعتبرت أن "التجانس بين الوزراء في الحكومة أساسي، ولا يوجد أي خلاف بينهم في القضايا التي تتعلق بأمن واستقرار وسلامة الوطن والمواطن، وكيفية معالجة الشؤون المتعلقة بالحد الأدنى من الخدمات الأساسية العامة".

من جهة ثانية، ذكرت "الأنباء" أنّ "المخيمات الفلسطينية في لبنان تشهد منذ أعوام تحديات أمنية متصاعدة، الا ان التصعيد الأخير الذي طال مخيم عين الحلوة في صيدا باغتيال العميد خليل المقدح، يشكل نقطة تحول خطيرة في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، لأن استهداف المقدح، المعروف بدوره البارز في المقاومة الفلسطينية، لاسيما رفد الضفة الغربية بالسلاح والمال وربما المقاتلين، يحمل دلالات كبيرة تتجاوز حدود المخيم؛ لتطرح تساؤلات حول نوايا إسرائيل المستقبلية تجاه المخيمات الفلسطينية في لبنان".

وأوضح مصدر أمني فلسطيني في بيروت لـ"الأنباء"، أنّ "اغتيال المقدح جاء في وقت حساس، إذ تعاني المنطقة من تصاعد في التوتر بين القوى الإقليمية والدولية، وفي خضم حرب ضروس تمتد من قطاع غزة إلى لبنان وصولا إلى ساحات بعيدة أخرى. هذا الاغتيال لم يكن مجرد حادثة أمنية، بل هو رسالة واضحة من إسرائيل بأنها لن تتردد في استهداف أي عنصر تعتبره تهديدا لأمنها القومي، حتى لو كان ذلك خارج حدود فلسطين المحتلة".

وشدّد على أنّ "في ذلك اسقاط لكل الخطوط الحمر، وهذه الرسالة تحمل في طياتها عدة أبعاد، أولها التأكيد على أن إسرائيل لا تعتبر المخيمات الفلسطينية في لبنان خارج نطاق عملياتها العسكرية. وثانيها، تصعيد الضغوط على القوى الفلسطينية في لبنان، لزعزعة استقرار المخيمات وزرع الفتنة بين مختلف الفصائل".

وأشار إلى "مخاطر توسيع بنك الأهداف الإسرائيلية لتشمل المخيمات الفلسطينية"، مؤكّدًا ان "ضم المخيمات الفلسطينية إلى بنك أهداف إسرائيل العسكرية، يمثل خطرا كبيرا ليس فقط على اللاجئين الفلسطينيين، بل على الاستقرار الأمني في لبنان ككل. فالمخيمات التي تعاني من أوضاع معيشية صعبة وتوترات داخلية بين الفصائل، قد تتحول إلى ساحة مواجهة مباشرة في حال استمرت إسرائيل في استهدافها. وهذا السيناريو سيزيد من تعقيد الوضع الأمني في لبنان، الذي يعاني أصلا من أزمات سياسية واقتصادية خانقة".

كما حذّر من ان "استهداف المخيمات الفلسطينية في لبنان لاسيما مخيم عين الحلوة الذي يعتبر عاصمة الشتات، قد يؤدي إلى كارثة إنسانية، حيث يقطن في هذه المخيمات آلاف المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال. وأي استهداف للمخيمات سيزيد من معاناة هؤلاء السكان، ويؤدي إلى نزوح جماعي يزيد من الضغط على المناطق اللبنانية المجاورة".

وركّز المصدر على انه "لا يمكن إغفال البعد الإقليمي والدولي لمثل هذا التطور العسكري، لأن استهداف إسرائيل للمخيمات الفلسطينية في لبنان قد يجر المنطقة إلى حرب شاملة، إذ لن تقف الفصائل الفلسطينية ومعها حزب الله مكتوفي الأيدي إزاء هذا التوسع الإسرائيلي. كما أن مثل هذه العمليات ستضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية وإنسانية، في اتخاذ القرار المناسب بردع إسرائيل قبل فوات الأوان".

وأضاف: "ان اغتيال العميد خليل المقدح هو مؤشر على مرحلة جديدة من التصعيد الإسرائيلي تجاه المخيمات الفلسطينية في لبنان. وإذا استمر هذا النهج، فإن المخاطر ستكون جسيمة على الأمن والاستقرار في لبنان، وعلى حياة آلاف المدنيين من فلسطينيين ولبنانيين وجنسيات أخرى يقطنون في المخيمات أو محيطها".

وأكّد أنّه "يجب على القوى اللبنانية والفلسطينية العمل معا لمواجهة هذه التحديات، وتفادي تحويل المخيمات إلى ساحة مواجهة عسكرية جديدة في المنطقة، من خلال خطة عملية ببُعدين: داخلي يستهدف حماية المخيمات عبر أعلى درجات التنسيق بين مؤسسات الدولة اللبنانية والجهات الفلسطينية، وتحديدا سفارة دولة فلسطين في لبنان. وخارجي عبر تفعيل الدبلوماسية الوقائية في عواصم القرار الرئيسية والدول الشقيقة والصديقة، لشرح مخاطر إقدام إسرائيل على استهداف المخيمات، بأبعادها الآنية الإنسانية، والطويلة الأمد المتصلة بتصفية القضية الفلسطينية".