في اطار حربها المفتوحة، للشهر العاشر، على الجنوب اللبناني، واستهدافها للحجر والبشر، طالت الاعتداءات الإسرائيلية جامع مركبا الاثري والمعماري، الذي يعود تاريخه إلى 100 سنة، ويؤمه المؤمنون للصلاة والتبرك وايفاء النذور. وذلك بعد استهدافها مقامات دينيّة إسلامية ومسيحية في المنطقة الحدوديّة، دون رادع أو وازع أو حتى ادانة من المجتمع الدولي، بالرغم من أنّ هذه المقامات يحفظها القانون الدولي.
في هذا السياق، تحدث رئيس بلدية مركبا غسان حمود، عبر "النشرة"، عن تاريخ مسجد البلدة، موضحاً أنه ذو طبيعة عمرانية تراثيّة، شُيّدَ من الصخر الطبيعي مع أعمدة وقناطر، تدل على الكفاءة الهندسيّة لمن خطط وصنع وبنى، لافتاً إلى أنه تمت توسعة السقوف فيه بعد تحرير الجنوب، في شهر أيار من العام 2000، والحقت به باحته الخارجيّة، التي أصيبت بأضرار جراء القصف الإسرائيلي.
ويوضح حمود أن المسجد له مئذنة وقبّة وهو وسط أماكن السكن، وليس هناك معلومات عند المعاصرين عمّن بناه، لكن قد يعود لزمن آل حرب، ما يربط بينه وبين آل علي الصغير من أمراء جبل عامل، ويلفت إلى أن منطقة المسجد ومحيطه مسكونة من أقوام غابرة، تعود على الأرجح لأمم وحضارات غير مسلمة، أي ما قبل الإسلام، وقطع الفخار القديم بعمر 1500 عام بناء للفحوصات الحديثة، ومحمد حرب من آل علي الصغير وله دور في بناء المعالم الدينيّة، في مطلع القرن 12 هجري، ودورهم في بليدا وليس في مركبا.
ويشدد حمود على أن من الطبيعي ترميم الأضرار التي لحقت بالجامع، نتيجة القصف الإسرائيلي، بالتعاون بين البلدية والعلماء والخيّرين من أبناء البلدة، الذين سيقومون بكل ما يلزم ليعود واحة دينية.
من جانبه، يندّد امام بلدة ارنون ومسؤول الرقابة والقضاء في قيادة "حركة أمل" في إقليم الجنوب الشيخ محمود قاطبي، المعني بالملف الديني للمقامات الجنوبية، في حديث لـ"النشرة"، باستهداف الجيش الإسرائيلي بمسيّرة مئذنة مسجد طلوسة، في اطار تدميره الممنهج للمقامات الدينية في المنطقة الجنوبيّة على الحدود، لافتاً إلى أنه سبق ذلك بأيام إستهداف جامع بلدة حولا الاثري والمعماري، والذي يعود تاريخه إلى قرابة 1400 سنة، بالإضافة إلى جامع مركبا وجامع الطيبة.
ويشير قاطبي إلى أن الجانب الإسرائيلي لم يكتفِ بتدمير المنازل والاقتصاد والسياحة والزراعة في المنطقة الجنوبية الحدودية، بل امتدت الته الحربية إلى التراث والتاريخ الجنوبي والمعالم الثقافية والمكتبات العاملية، التي تحوي الكتب القديمة والمخطوطات، من خلال الغارات على العديسة وميس الجبل والحوزة العلمية وحسينية الامام الرضا وحسينية أبا ذر الغفاري والجبانة فيها، بالإضافة إلى النادي الحسيني في حولا وجامع البلدة ودور العبادة والمقابر وجامع مركبا وجبانات بليدا، كما الحقت غاراته الجوية اضراراً بمقام النبي بن يامين الديني والتراثي والمعماري والتاريخي، والذي يعود لمئة سنة في بلدة محيبيب.
ويلفت إلى أن إسرائيل تهدف إلى محو الاثار والقضاء على التراث الجنوبي الإسلامي والمسيحي، بعد الحاقها الاضرار بكنيسة علما الشعب التراثيّة والدينية، وهي مزار وملتقى لأهالي البلدة والجوار، فضلاً عن أماكن عبادة في المنطقة ومكاتب ومخطوطات اثرية وثقافية وتراثية ودينية، ما يستدعي القيام بضغط عليها لابعاد الأماكن الدينية عن القصف والغارات، لأنّها للعبادة والصلاة والتبرك.