بعيداً عن السجالات التي رافقت عملية "يوم الأربعين"، التي نفذها "حزب الله" فجر الأحد رداً على إغتيال القيادي العسكري فيه فؤاد شكر، إلا أن الأهم يبقى، في المرحلة الراهنة، هو التداعيات التي تتركها، على مستوى المواجهات القائمة على الجبهة الجنوبية، حيث هناك العديد من النقاط التي تستحق التوقف عندها، لفهم حقيقة ما قد يحصل في المستقبل، في ظل المعطيات التي تؤكد أن من الصعب الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، مع ما يعنيه ذلك من إستمرار جبهة المساندة.

في هذا السياق، ترى مصادر متابعة، عبر "النشرة"، أن النقطة الأبرز قد تكون أن ليس هناك من توجه، سواء لدى "حزب الله" أو إسرائيل، بالذهاب إلى الحرب الشاملة، على الأقل حتى الآن، وهو ما أكدته دقة العمليّة التي نفذها الحزب، لناحية حصرها بأهداف عسكريّة أو لناحية الأسلحة المستخدمة فيها، بالإضافة إلى الرد عليها من قبل تل أبيب.

كما تشير المصادر نفسها، في الإطار نفسه، إلى المواقف التي صدرت عن الجانبين، حيث كانت التأكيدات الإسرائيلية، بعد العملية، بأن الأمر إنتهى عند هذا الحد، الأمر الذي وافق عليه "حزب الله"، من خلال الإشارة، على لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله، إلى أنه يمكن للبلد، بالمرحلة الحالية، أن يأخذ نفس ويرتاح.

في المقابل، تعتبر هذه المصادر أن النقطة الثانية، التي لا تقل أهمية عن الأولى، تكمن بالعودة إلى المواجهات اليومية، القائمة منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، على قاعدة أن الأسباب التي دفعت "حزب الله" إلى فتح الجبهة لا تزال قائمة، وهي لن تنتهي قبل الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، حيث المعركة الأساسية بين محور المقاومة وإسرائيل.

إنطلاقاً من ذلك، يمكن الجزم بأنّ العودة إلى قواعد الإشتباك الأصليّة لا تعني إنتهاء التوتر في الجنوب، نظراً إلى أن الأوضاع تبقى مفتوحة على كافة الإحتمالات، بإنتظار ما قد تحمله الأيام المقبلة من تطورات، لكن، حتى الآن، لم يصل الجانبان إلى المرحلة، التي يعتبران فيها أن لا خيار إلا الذهاب إلى الحرب الشاملة بينهما.

بالنسبة إلى المصادر المتابعة، مسار المواجهات على هذه الجبهة منذ إنطلاقتها، بعيداً عن التوتر الذي كانت قد فرضته عملية إغتيال شكر في الأسابيع الماضية، يشير إلى أنّه يندرج ضمن التصعيد المتوازن، الذي يبقى ضمن الحدود المقبولة من الجانبين، إلا إذا بادر أحدهما، في الغالب الجانب الإسرائيلي، إلى كسرها، ما يستدعي رداً من الجانب الآخر، من أجل فرض العودة عليها.

وترى المصادر نفسها أن هذا المسار سيبقى مسيطراً على المشهد العام، بإنتظار الوصول إلى إتفاق في غزة، على الأرجح، خصوصاً أن ظروف الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك غير متوفرة، فتل أبيب لا تملك القدرة على المبادرة دون دعم مباشر من الولايات المتحدة، التي لا تزال تفضل إستمرار الجهود الهادفة إلى تسوية، بينما "حزب الله"، بحسب السلوك المتبع، لا يريد ذلك، حيث يفضل أن تبقى الأمور على الجبهة ضمن حدود غرضها الأساسي، أي بوصفها جبهة مساندة لغزة.

في المحصّلة، تلفت هذه المصادر إلى أن قراءة الوضع على هذه الجبهة لا تزال، في الوقت الراهن، تنطلق من معادلتين: الأولى تلك التي كان قد أشار إليها السيد نصرالله، في خطابه الأول بعد عملية "طوفان الأقصى"، لناحية أنها معركة بالنقاط، أما الثانية فهي تلك التي كان قد تحدث عنها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أول من أمس، عبر تأكيده أن الحرب على "حزب الله" ستأتي في المستقبل البعيد وليس الآن.