في ظل التوترات المتصاعدة في المنطقة، جاءت كلمة الأمين العام لـ ««حزب الله» السيد حسن نصرالله، بعد تنفيذ «الحزب» ردا نوعيا على اغتيال قائده العسكري الأرفع فؤاد شكر، لتفتح فصلا جديدا في الصراع مع إسرائيل. هذا الخطاب كان مليئا بالرسائل الواضحة والحاسمة، سواء إلى إسرائيل أو إلى المجتمع الدولي، وأغلق بشكل نهائي ملف اغتيال شكر، مؤكدا أن المقاومة ليست مجرد رد فعل عابر، بل استراتيجية مستمرة لتحصين لبنان والمحور المقاوم. هذا ما أجمل به قيادي في محور الممانعة حديثه لـ «الأنباء» الكويتية حول مسار الأوضاع بعد «عملية الأربعين» انتقاما لاغتيال شكر، وما تلاها من رسائل في كلمة نصرالله.
وردا على سؤال حول إغلاق الحساب مع إسرائيل وإعادة الاعتبار إلى توازن الردع قال القيادي: «في إعلانه عن الرد على اغتيال شكر، أكد نصرالله أن حزب الله قد أغلق الحساب مع إسرائيل بشأن هذه القضية. وجاء الرد ليعيد الاعتبار إلى مفهوم توازن الردع. وهذا المبدأ شكل أساس التعامل بين الحزب وإسرائيل منذ تفاهم نيسان عام 1996. وهذا التفاهم الذي نص على تحييد المدنيين من الصراع لم يكن مجرد وثيقة تاريخية، بل هو مبدأ لا يزال يحكم سلوكيات حزب الله في مواجهة العدوان الإسرائيلي. والرد الأخير كان رسالة واضحة بأن الحزب لن يتسامح مع أي خرق إسرائيلي لهذا التفاهم، وأنه على استعداد دائم للرد بطريقة تؤكد استمرارية هذا التوازن».
وأضاف المصدر نفسه: «كلمة السيد نصرالله لم تكن مجرد رد على إسرائيل، بل كانت قراءة دقيقة للواقع الداخلي الإسرائيلي، كشف السيد نصرالله في سياقها عن حالة الإرباك التي يعيشها الكيان الإسرائيلي، خصوصا في ظل الخلافات العميقة بين حكومة بنيامين نتنياهو والمعارضة. هذه الخلافات التي تتجلى في العديد من القضايا الداخلية، استغلها حزب الله ليزيد من الضغط على الحكومة الإسرائيلية. فمن خلال التوقيت الدقيق للرد والمحتوى الاستراتيجي لكلمة السيد نصرالله، وضع الحزب الكرة في ملعب إسرائيل وحلفائها في الغرب، خصوصا الولايات المتحدة، ما جعلهم في موقف صعب يفرض عليهم إعادة تقييم سياساتهم في المنطقة».
وأوضح المصدر انه «من بين الرسائل الأكثر أهمية في خطاب السيد نصرالله، كانت تلك الموجهة إلى الغرب، إذ وضع نصرالله الكرة في ملعبه، محملا إياه مسؤولية استمرار الدعم اللامشروط لإسرائيل. وهذه الرسالة لم تكن مجرد تحذير، بل كانت دعوة صريحة إلى إعادة النظر في السياسات المتبعة تجاه الصراع في المنطقة، وفي الوقت نفسه، أكد نصرالله التزام حزب الله بمبدأ تحييد المدنيين المنصوص عليه في تفاهم نيسان 1996، مبرزا الفارق الكبير بين استهداف المقاومة لأهداف عسكرية ورد إسرائيل العشوائي الذي غالبا ما يستهدف المدنيين».
وأكد المصدر أن «نصرالله أوضح بما لا يدع مجالا للشك أن حزب الله وقوى المحور لا يسعون إلى حرب واسعة النطاق، ولكنهم في الوقت نفسه مستعدون لها إذا فرضت عليهم. هذا التوازن بين الرغبة في تجنب الحرب والجهوزية لها كان محوريا في الخطاب. ومن خلال هذه الرسالة، أرسل نصرالله إشارة قوية إلى المفاوضين في القاهرة، حثهم فيها على الإسراع في حسم النقاط العالقة وإنهاء الحرب على قطاع غزة مع إطلاق سراح الاسرى. وهذه الدعوة لم تكن مجرد رسالة تضامن مع الشعب الفلسطيني، بل كانت استراتيجيا تهدف إلى منع تفاقم الأمور وفتح المجال أمام حلول سياسية تجنب المنطقة ويلات حرب أوسع».
واعتبر المصدر ان «كلمة نصرالله جاءت في توقيت حساس لتعيد ترتيب الأوراق في المنطقة، وتؤكد أن حزب الله لا يزال لاعبا رئيسيا في معادلة الصراع، ويستطيع فرض معادلات جديدة وتحقيق توازن الردع. وفي الوقت الذي تستمر فيه الخلافات الداخلية في إسرائيل، ومع تصاعد الضغوط الدولية عليها، يبدو أن الكرة الآن في ملعب إسرائيل وحلفائها، وعليهم أن يتخذوا خطوات حاسمة إذا أرادوا تجنب تصعيد أكبر قد يكون مكلفا للجميع. ولا شك في ان رسالة نصرالله لم تكن فقط حول الرد العسكري، بل كانت إعلانا عن استراتيجية شاملة تؤكد أن المقاومة لاتزال في موقع القوة، وأن أي محاولة لتجاوز الخطوط الحمر ستواجه برد حاسم وموجع».