أكد السيّد علي فضل الله، أن "الرد الذي قامت به المقاومة على العدوان الصهيوني الذي استهدف الضاحية الجنوبية، أشار إلى مدى اقتدارها وشجاعتها، وأظهر في الوقت نفسه الحكمة التي أدارت بها هذا الرد عندما نجحت في أن تصل إلى عمق كيانه وإلى موقع حساس عنده، برغم الاستنفار الذي كان عليه العدو والغارات العنيفة التي قام بها لمنع حصوله، وذلك من دون أن تسمح له أن يستغل ما جرى لتحقيق ما يصبو إليه من توسعة دائرة حربه مستفيداً بذلك من الأساطيل والبوارج الحربية التي تجوب المنطقة والتي جاءت لتسانده".

وفي خطبة الجمعة، لفت فضل الله الى انه "كان واضحاً أهمية هذا الرد، ليس بالبعد العسكري والأمني الذي حصل فقط، بل لكونه جاء ليؤكد لهذا العدو أنه انتهى الوقت الذي يرتكب فيه جرائمه أو أن يقوم باعتداءاته من دون أن يلقى رداً مناسباً أو أن يعاقب عليه، وإننا أمام ما جرى، نحيي المقاومة على إنجازها، والذي سيجعل العدو يفكر ملياً قبل أن يستبيح الضاحية أو أي منطقة لبنانية يتجاوز فيها قواعد الاشتباك الحاصل، ما يدعو اللبنانيين إلى أن يعتزوا بالقوة التي باتوا يمتلكونها والتي هي لحسابهم والتي جعلت منهم نداً لهذا العدو رغم كل القدرات التي يمتلكها والتغطية الدولية التي تحميه والإسناد العسكري الجاهز للدفاع عنه".

وأسف فضل الله، لأن " لا يزال هناك في هذا البلد من رسم صورة عن هذه المقاومة جعلته يراها في مواجهة طائفته أو مذهبه أو موقعه السياسي، أو أنها تعمل لحساب الآخرين وعلى حساب هذا الوطن، وبات يخشاها من دون أن يبذل هؤلاء جهداً لوعي صحيح لحقيقة منطلقاتها وأهدافها. ونحن نرى أنهم لو فعلوا ذلك لزالت كل هذه الهواجس والمخاوف التي رسموها حولها، ولرأوا فيما تملكه سنداً وقوة ومنعة لهذا البلد، وأصبح بالإمكان التوصل إلى صيغة تفاهم معها".

وتابع :"هذا بالطبع لن يحصل إلا بحوار موضوعي معها بعيد عن كل الخلفيات والأفكار المسبقة، والذي يأخذ في الاعتبار حفظ أمن هذا البلد وسيادته".

واضاف :"نعود إلى غزة، التي يواصل فيها العدو مجازره اليومية بحق أهاليها والتدمير الممنهج لبناها التحتية، ويتسبب بانتشار الأوبئة التي تحذر الأمم المتحدة منها، فيما المفاوضات لا تزال تواجه التعقيدات من قبل كيان العدو الذي لا يزال يرفع من شروطه التعجيزية، حيث رئيس وزرائه يصر على عدم الانسحاب من داخل القطاع، لا بل عمد إلى تعيين حاكم عسكري عليه، ما يشير إلى نيته في إبقائه تحت سيطرته الكاملة، وجعله تحت ظل كيانه والذي يستكمله اليوم في اجتياحه للضفة الغربية، ما يدعونا إلى أن نجدد دعوتنا للعالم العربي والإسلامي ولكل أحرار العالم إلى القيام بواجبهم في هذه المرحلة لنجدة هذا الشعب ومنع استفراده وإفشال مؤامرات العدو في السعي لاقتلاعه من أرضه".

ولفت الى انه "في هذا الوقت، شهدنا، وقد نشهد ذلك كل يوم، اقتحامات يقوم بها هذا الكيان للمسجد الأقصى، والذي وصل إلى حد مطالبة أحد وزراء العدو بأن يبنى كنيساً في باحاته، وما يشجع على ذلك هو القرار الصادر من الحكومة الصهيونية برصد ميزانية لتغطية نفقات هذه الاقتحامات"، معتبرا انه "من المؤسف أن يمر هذا الخبر مرور الكرام من دون أن تكون هناك ردود فعل لحجم هذا العدوان من العالم العربي والإسلامي، ما سيجعل هذا الكيان يستمر بجريمته والسعي لتحقيق أهدافه".

من جهة اخرى، دعا فضل الله إلى معالجة جادة للأزمات التي بات يكتوي منها الشعب اللبناني على الصعيد الحياتي والمعيشي، فيما تستمر أزمة أموال المودعين بدون أي حل، والتي يخشى من تداعيات استمرارها مما شهدنا بعض صوره بالأمس والذي جاء بعد يأس المودعين في الحصول على أموالهم، في وقت هم أحوج ما يكونون إليها.

واضاف :"من هنا، فإنّنا نجدد دعوتنا للقوى السياسية التي تتحمل مسؤوليتها تجاه الناس، إلى العمل الجاد لإخراجهم من معاناتهم، حتى يستطيع اللبنانيون تلبية أبسط حاجاتهم".