فتح حديث السفير المصري في بيروت علاء موسى، بعد زيارته مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الباب أمام عودة التكهنات الرئاسيّة إلى الواجهة، خصوصاً مع إشارته إلى أن المفترة المقبلة ستشهد إعادة الزخم إلى هذا الملف، بالرغم من غياب المؤشرات الجدية على هذا التوجه، بسبب الظروف المحيطة بكل الملفات العالقة على مستوى المنطقة.

ما تقدم، لا ينبغي أن يفصل عن قرار مجلس الأمن تمديد ولاية قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب "اليونيفيل"، في إطار قراءة المشهد العام، نظراً إلى أن هذا القرار مثّل، من حيث المبدأ، لا سيما لناحية المشاورات التي سبقته، توجهاً لدى الجهات الفاعلة للحفاظ على الستاتيكو الحالي في جبهة جنوب لبنان، بانتظار ما ستحمله الفترة المقبلة معها من تطورات مؤثرة.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية معنية، عبر "النشرة"، إلى أنّ حديث السفير المصري لا ينفصل أيضاً عن مواقف بعض الأفرقاء اللبنانيين، الذين يعتبرون أن الوقت حان لإنجاز الإستحقاق الرئاسي، لكنها توضح أنّ كل ذلك يأتي من باب التمنيات لا المعطيات الجدّية، خصوصاً أنّ غالبية الجهات المؤثرة، سواء كانت الداخلية أو الخارجية، منشغلة بملفات أكثر أهمية، أبرزها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما يمكن أن يتركه من تداعيات على مستوى الإستقرار في المنطقة برمتها.

إنطلاقاً من ذلك، تسأل هذه المصادر عما يمكن أن تقدمه اللجنة الخماسية، في الوقت الحاضر، من جهود، أكثر مما أقدمت عليه في المرحلة الماضية، لتؤكد أنها من الناحية العملية، في ظل المعادلات الراهنة، غير قادرة على إحداث أي خرق يمكن التعويل عليه، وتلفت إلى أنّ ما أدلى به موسى من مواقف كان متوقعاً، نظراً إلى أنه من غير الممكن أن يبادر إلى اطلاق مواقف أخرى، كمثل الحديث عن أنّ الجهود فشلت أو أن المحاولات متوقّفة، وبالتالي مواقفه تندرج في إطار العموميات لا أكثر، لا سيما أنّ بعض السفراء كانوا خارج لبنان، ما يعني أنّ الخطوة الأولى ستكون إجتماعهم، بين بعضهم البعض، لمعرفة ما لدى كل منهم من معطيات.

بالإضافة إلى قرار التمديد لـ"اليونيفيل"، هناك معطيات أخرى لا تقل أهمية ينبغي التوقف عندها، منها أن التهديد الإسرائيلي المتعلّق بالأوضاع جنوباً لم ينتهِ، لا بل ان المسؤولين الإسرائيليين يتحدثون عن الحاجة إلى التركيز على هذه الجبهة، بالإضافة إلى إرتفاع وتيرة التوترات الداخليّة المتعلّقة بالموقف من سلاح "حزب الله"، والتي من المرجح أن تزداد في المستقبل.

في هذا المجال، تلفت مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أنه في ظل التوجه نحو الحفاظ على الستاتيكو الحالي، بعد تجاوز قطوع رد "حزب الله" على إغتيال القيادي العسكري في الحزب فؤاد شكر، لا يمكن من الناحية المنطقية التفكير بإنجاز الإستحقاق الرئاسي، قبل وضوح الصورة التي ستكون عليها المنطقة عند إنتهاء العدوان الإسرائيلي، لا سيّما أن هذا الأمر كان متعذراً قبل السابع من تشرين الأول الماضي، وتضيف: "الحرب فرضت نفسها على مواقف معظم الأفرقاء، بشكل ساهم في تعقيد المشهد أكثر".

وتوضح هذه المصادر أنّ الحزب كان يعتبر، قبل الحرب، أن من حقه الحصول على ضمانات متعلقة بشخص الرئيس المقبل، ولذلك بادر إلى تبنّي ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، الأمر الذي تأكدت الحاجة إليه أكثر بعدها من وجهة نظره، بينما بالنسبة إلى الأفرقاء الآخرين هذا التطور أكد رؤيتهم، في ما يتعلق بالحاجة إلى رئيس يعمل على معالجة ملف سلاح "حزب الله"، خصوصاً أنه بادر إلى فتح الجبهة تحت عنوان مساندة غزّة، في حين كان من الممكن تفادي هذا الأمر، مع العلم أن دائرة المعارضين توسعت لتشمل قوى وشخصيات كانت متحالفة معه.

في المحصّلة، تشدد المصادر نفسها على أنّ هذا الواقع يدفع للتأكيد بأن حسم الإستحقاق الرئاسي، لا يمكن أن يكون قبل وضوح الصورة التي ستكون قائمة بعد إنتهاء الحرب، على الأقل في الشق المتعلق بالجبهة الجنوبية، على إعتبار أنّه قبل ذلك سيبقى كل فريق متمسك بوجهة نظره، ولن يبادر إلى تقديم أي تنازل من الممكن أن يساعد في الحل، لأنه سيكون بمثابة مغامرة غير محسوبة النتائج.