أشار رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى في كلمته بمناسبة الذكرى 46 لتغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه، إلى "أننا نحيي الذكرة هذا العام على هذا النحو نظراً للأوضاع الراهنة التي تطل على لبنان والمنطقة وتظلله مشهداً دموياً وإرهابياً غادراً بفعل الحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل منذ ما يقارب 11 شهراً متواصلاً ابتداء من غزة الى لبنان وسوريا واليمن والعراق وليس آخراً ما حصل في العاصمة الايرانية طهران".

ولفت إلى أنّه "إنطلاقا من هذا المشهد ومن على منبر الإمام الصدر والذي للحقيقة ومنذ لحظة جريمه إخفائه الغادرة لم أجده قوي الحضور، كما حضوره في هذه اللحظة المصيرية والدقيقة التي يمر بها وطننا وأمتنا وإنساننا ، حضوراً بطيفه وصوته وصرخته ورؤياه، وكأني به يحاول دون يأس وقبل فوات الاوان إستنهاض الأمة من سباتها علها تنقذ تاريخها وتصون حاضرها وتؤسس لصناعة مستقبلها".

وقال بري: "ليتهم أصغوا اليه حينما صرخ في برية العرب والعالم قائلاً: إن إنقاذ المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، والسعي لتحرير الإنسان فيها هو سعي لتحرير سمعة الله في الأرض، وإن تنازل المسيحي والمسلم عن القدس هو تنازل عن قيم المسيحية والإسلام. ليتهم يعودون اليه ولو لمرة ليكتشفوا ويتلمسوا خيط الحق المطلق ببياضه ، من الشر المطلق بسواده، والمتمثل بإسرائيل وعدوانيتها وخطرها. فمن نقاء ونورانية هذه القضية الإنسانية التي مثلها ولا زال يمثلها الإمام الصدر موقفاً وفكراً وسلوكاً ونهجاً سياسياً وجهادياً وثوابت وطنية".

وذكر "أننا نحيي الذكرى السنوية السادسة والأربعين لجريمة تغييب الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه على أيدي الطاغية المقبور معمر القذافي. محاولاً بإختصار التعبير قدر الإمكان تحديد موقف الحركة وكتلة التنمية تحرير".

وأشار بري إلى أنّ "البداية بإسم الإمام الصدر ومن على منبره نوجه التحية، للذين يحترفون بحق فن الإرتقاء والسمو والرفعة في زمن السقوط والإنحدار نحو السحيق من الأودية. عنيت بهم الشهداء كل الشهداء المقاومين والمدنيين، لا سيما الكوكبة المباركة من شهداء حركة أمل وكشافة الرسالة الإسلامية، الذين ما بدلوا تبديلاً دفاعاً عن لبنان وعن جنوبه وكرامة إنسانه، والتحية أيضاً موصولة لكل الشهداء، لذويهم لعظيم صبرهم وكبير عطائهم ولأهلنا الصامدين والنازحين من القرى الحدودية المتاخمة للحدود مع فلسطين المحتلة من الناقورة غرباً الى أعالي العرقوب شرقاً في شبعا وكفر شوبا وقرى قضاء حاصبيا وما بينهما اهلنا في القرى والمدن والحواضر في أقضية مرجعيون وصور والنبطية وبنت جبيل وجبل الريحان والبقاع وفي كل لبنان ألف تحية لثباتهم وصمودهم وعمق وأصالة إنتمائهم".

وأكّد أنّ "لا مساومة ولا مقايضة ولا تسوية إلا بعودة الإمام الصدر ورفيقيه وكشف كل ما يكتنف هذه الجريمة المتمادية منذ 46 عاما من غموض، فكلما طال أمدها تترسخ لدينا القناعة بأن من نفذها ومن يتواطأ اليوم بعدم التعاون في حلها إنما هو شريك في إرتكاب هذه الجريمة التي لم يستفد منها سوى من كان يرى بالإمام الصدر ومشروعه النهضوي والإنساني خطراً عليه وعلى مشاريعه التقسيمية والطائفية والعنصرية وفي مقدم هذه المشاريع المشروع الإسرائيلي الذي يتمظهر الآن بابشع وأقبح الصور في غزة والضفة ولبنان وللأسف كان لهذا المشروع ولا يزال أدوات تنطق بالشهادتين وتلهج بلغه الضاد".

إلى ذلك، تطرّق بري إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث ذكر أنّ "الإبادة التي تشنها آلة القتل الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وأيضاً ما يحصل في الضفة الغربية ليس اقل خطورة مما يحصل في غزة يضاف اليهما الإستباحة للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف وكنيسة القيامة فضلاً عن محاولات المستويين السياسي والعسكري الإسرائيلي السعي الدؤوب لدحرجة كرة النار والدمار والقتل والإرهاب الى أبعد من الجغرافيا الفلسطينية في خطوة تدلل بما لا يقبل الشك بأن ما حصل ويحصل فوق التراب الفلسطيني وتحديداً فوق رمال غزة وفي مخيمات النزوح حيث لم يكن أولها مجزرة المعمدانية وليس آخرها مجزرة مسجد التابعين بحق المصلين في صلاة الفجر".

وأشار إلى "الجريمة السياسية التي ترتكبها حكومة اليمين المتطرف برئاسة (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتانياهو إغتيالاً لأي مسعى لوقف هذه الحرب التي لم تشهد البشرية مثيلاً لها في عصرنا الحديث ويخطئ الظن من إعتقد أو لا يزال يعتقد أنها كانت رداً على فعل فلسطيني مقاوم ومشروع لمجابهة الحصار والإحتلال".

وأوضح بري أنّ "ما يحصل في غزة وفي المنطقة وسط غياب عربي وتواطؤ أو عجز دولي إذا ما أحسنا الظن هو محاولة مكشوفه لفرض وقائع جديدة في جغرافيا الشرق الأوسط من بوابة غزة وفلسطين. وصدقوني إذا سقطت غزة كما يخطط لإسقاطها نتانياهو لا قدر الله، سيكون هذا السقوط سقوطاً مدوياً للأمة في أمنها القومي وفي ثقافتها وتاريخها ومستقبلها والأدهى سقوطاً لحدودها الجغرافية تمهيداً لتقسيم المنطقة وتجزئتها الى دويلات طائفية وعرقية متناحرة تكون فيها إسرائيل هي الكيان الاقوى".

وصرّح بأنّه "إزاء المخاطر الكبرى المتأتيه من إستمرار الحرب العدوانية على قطاع غزة. نؤكد من على منبر الإمام الصدر أن فلسطين في هذه اللحظات هي إمتحان يومي للضمير العالمي، وأن الوقوف مع الحق الفلسطيني المشروع في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وقبل أي شيء أخر، وقف المذبحة القائمه فوق رمال غزة وشوارعها التي تحولت الى قبور جماعية هو إمتحان للإنسانيه في إنسانيتها وامتحان للعرب في عروبتهم وامتحان للمسلمين في إسلامهم وللمسيحيين في مسيحيتهم. والنجاح في هذا الامتحان لا يمكن أن يتم الا بتصعيد المقاومة للمشروع الصهيوني العنصري بكل أشكال المقاومة المتاحة دبلوماسياً وجماهيرياً وثقافياً وبالسلاح مهما كان متواضعاً".

وأشار بري إلى أنّ "في العنوان المتصل بالحرب الإسرائيلية المفتوحة على لبنان لاسيما القرى الحدودية المتاخمة مع فلسطين المحتلة والتي حولتها آلة الحرب الإسرائيلية الى أرض محروقة مستخدمة الأسلحة المحرمة دولياً لا سيما القنابل الفسفورية والإنشطارية والإرتجاجية، وتدميراً ممنهجاً للمنازل والمرافق الحياتية وحرقاً للمساحات الزراعية والحرجية، فضلاً عن إستهداف سيارات الإسعاف وإستشهاد العشرات من المسعفين من كشافة الرسالة الإسلامية والهيئة الصحية، إضافة الى إستهداف الإعلاميين وتوسعة كرة النار والعدوان أكثر من مرة بإتجاه العمق اللبناني في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت وفي صيدا وصور والبقاعين الغربي والاوسط وبعلبك والهرمل وإستهداف المدنيين في النبطية وعيناثا وفي أكثر من بلدة على نحو يكشف النوايا الإسرائيلية المبيتة تجاه لبنان والتي تترافق مع تهديدات يتبارى على إطلاقها ورفع سقوفها قادة الكيان الإسرائيلي على مدار الساعة".

وأضاف بري: "يهمنا في حركة أمل التأكيد على أنّ إسرائيل شر مطلق والتعامل معها حرام ونقطة على السطر"، متابعًا "نؤكد التزامنا ببنود ومندرجات القرار الاممي رقم 1701 وتطبيقه حرفياً وللاشارة هنا ان كل الموفدين الدوليين والأمميين ومنذ اللحظات الأولى لصدور هذا القرار، يشهدون أن منطقة عمل قوات الطوارئ الدولية منذ عام 2006 وحتى السادس من تشرين الأول 2023 كانت المنطقة الأكثر إستقرارا في الشرق الاوسط .

وفي هذا الاطار نؤكد بأن الطرف الوحيد المطلوب إلزامه بهذا القرار هي إسرائيل التي سجلت رقماً قياسياً بإنتهاك كل القرارات الاممية ذات الصلة بالصراع العربي الاسرائيلي ومن بينها القرار 1701 الذي خرقته إسرائيل برا وبحراً وجواً بأكثر من 30 الف مرة".

وقال: "في ملف النازحين من أهلنا وما يرافق هذا الملف الانساني والوطني بإمتياز من تداعيات لا بد من توجيه الشكر والتقدير والإمتنان لكل لبناني أينما كان في الجبل الأشم ،في الشمال وجزين والبقاع والعاصمة الحبيبة بيروت، شكراً للذين شرعوا قلوبهم ومنازلهم لإستضافة إخوانهم الوافدين من الجنوب"، هذا وأشار إلى أنّ "الشكر الجزيل جداً جداً، أيضاً لبعض اللبنانيين الذين تمنعوا عن إستقبال نظراء لهم في الإنسانيه وفي المواطنية، شكراً لهم، و"شيمتنا الصدر" حيال هذا التصرف. شيمتنا، تعالياً وتجاوزاً للإساءات والتجريح، وتمسكاً أكثر من أي وقت مضى، بالوحدة الوطنيه التي هي أفضل وجوه الحرب مع أسرائيل وبالتعايش الاسلامي المسيحي كثروة لا يجوز التفريط بها".

ولفت بري إلى أنّ "في هذا الملف أيضاً ندعو الحكومة لا سيما الوزارات المختصة الى وجوب مغادرة مساحة الإستعراضات الإعلامية بإتجاه إعداد الخطط والبرامج الطارئة والحضور اليومي في مراكز الإيواء ، وتأمين أبسط المستلزمات التي تحفظ للنازحين كرامتهم وعيشهم الكريم، إن الذي يحصل في الجنوب أبداً ليس حوادث كما يحلو للبعض ويدعو هذا البعض أيضاً الحكومة الى التبرؤ مما يحصل، إن ما يتعرض له لبنان من بوابة الجنوب هو عدوان إسرائيلي مكتمل الأركان، وما يقوم به رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وفريقه الحكومي هو واجب الوجوب وبمنتهى الصراحة والوضوح ولبعض الواهمين والمراهنين على متغيرات يمكن ان تفرض نفسها تحت وطأة العدوان الإسرائيلي نقول لهؤلاء: إتقوا الله".

وفي الملف الرئاسي، أكّد بري بـ"إسم الثنائي الوطني حركة امل وحزب الله أن هذا الاستحقاق هو وإستحقاق دستوري داخلي لا علاقة له بالوقائع المتصلة بالعدوان الإسرائيلي سواء في غزة أو في الجنوب اللبناني، بل العكس كّنا أول من دعا في جلسة تجديد المطبخ التشريعي وأمام رؤساء اللجان إلى وجوب أن تبادر كافة الجهات السياسية والبرلمانية الى التقاط اللحظة الراهنة التي تمر بها المنطقة من أجل المسارعة الى إنجاز الإستحقاق الرئاسي بأقصى سرعة ممكنة تحت سقف الدستور وبالتشاور بين الجميع دون إملاء أو وضع فيتو على أحد".

وقال: "اليوم نعود ونؤكد على ما طرحناه في 31 آب من العام الماضي في مثل هذا اليوم ، هو لا زال دعوة مفتوحة للحوار أو التشاور ، لأيام معدودة يليها دورات متتالية بنصاب دستوري دون إفقاده من أي جانب كان. تعالوا غداً إلى التشاور تحت سقف البرلمان، وصولاً الى رئيس وطني جامع يستحقه لبنان واللبنانيون في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه".

وفي الختام، قال بري: "نجدد العهد والوعد، قولاً وعملاً، جهاداً وإستشهاداً، دفاعاً عن لبنان وعن جنوبه مهما غلت التضحيات، ومن أجل بقائه وطناً نهائياً لجميع أبنائه، وطنا يليق بأحلام الشهداء وتطلعات أبنائهم وآبائهم وكل اللبنانيين".