على وقع بعض التّحرّكات الخجولة على صعيد الملف الرئاسي، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لصحيفة "الجمهورية"، أن "الرياض ستشهد يوم الخميس المقبل لقاء بين الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان والمستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء للشؤون الخارجية المكلف ملف لبنان نزار العلولا، في حضور السفير السعودي في بيروت وليد البخاري، الذي غادر السبت الى العاصمة السعودية؛ بعد مجموعة لقاءات سياسية ودبلوماسية عقدها في الآونة الاخيرة".

وأوضحت أن "لقاء الرياض المرتقب تقرر بمبادرة فرنسية، نقلها السفير الفرنسي في بيروت هيرفي ماغرو منتصف الأسبوع الماضي، متحدثا عن مجموعة من الأفكار الخاصة بالتحضيرات الجارية لعقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، والفصل في هذا الملف عما يجري في المنطقة؛ وليكون لبنان حاضرا بكل مؤسساته الدستورية متى حان البحث في كثير من المحطات السياسية المهمة".

وأشارت المصادر الى ان "لودريان يرغب في مناقشة هذه الافكار مع نظرائه المهتمين بالملف اللبناني، وتحديدا ممن يشكلون الخماسية العربية- الدولية من أجل لبنان، وكذلك يرغب بزيارة الدوحة بعد الرياض وربما زار القاهرة في وقت لاحق، وان انتهى الى الحد الادنى مما يريده سيزور بيروت".

بري يستبق حراك "الخماسية" باختبار "المعارضة"

على صعيد متّصل، ذكرت صحيفة "الأخبار"، أنّ "بخلاف الحراك الدبلوماسي المُستجدّ لسفراء "الخماسية"، في محاولةٍ لإنعاش الملف الرئاسي، لا مؤشرات جدّية توحي بأنّ الاستحقاق سيُغادر دائرة المراوحة، والأخذ والرّد المُعتاد عليهما بين الجهات المُتصارعة، ضمن إطار مواقفها المرسومة والمعلومة سلفاً".

ولفتت إلى أنّ "الأسبوع المُنصرم، أعادت "الخماسية" الملف الرئاسي إلى الواجهة، محركةً المشهد السياسي بسلسلةِ لقاءاتٍ تهدف وفق المعلومات إلى "إطلاق عجلة تشاورٍ جديدة لإقناع الأفرقاء بالذهاب إلى الحوار، وسط قناعة بأن لا خرق سيُسجّل إلا عبر الحوار المباشر، وبالاتفاق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري".

وركّزت الصّحيفة على أنّ "هذا الموقف سبق أن سمِعته قوى "المعارضة" من سفراء "الخماسية"، عندما عرضت "المعارضة" مبادرتها الرئاسية في تموز الفائت. وفيما لم يتّضح بعد ما هو الجديد الذي تستند إليه دول "الخماسية"، كان لافتاً أنّ السفراء لم يتحرّكوا كمجموعة، إنّما أعادوا الاتصالات بشكلٍ فردي مع عددٍ من المسؤولين اللبنانيين".

وكشفت أوساط "الأخبار" أنّه "تصدّر الحراك بعيداً عن الأضواء، سفيرا مصر وفرنسا علاء موسى وهيرفيه ماغرو"، مبيّنةً أنّ "بالتوازي، نقل زوار السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، أجواء حول تنسيق سعودي- فرنسي من إجل إحياء الملف الرئاسي، على أن يزور الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الرياض قريباً للقاء المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا، بحضور البخاري وماغرو".

وأفادت الصّحيفة بأنّ "في هذا السياق، أتت زيارة البخاري لعين التينة السبت، قبل مغادرته بيروت، ليضع رئيس مجلس النواب نبيه بري في صورة ما بلغه الحراك الدبلوماسي. وواكب بري حراك "الخماسية"، مفتتحاً المواقف العلنية في كلمته في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه".

وأكّدت مصادر عين التينة لـ"الأخبار"، أنّ "بري تقصّد تجديد الدعوة إلى الحوار، وهو يعلم أن المعارضة ستصوّب السهام مرة جديدة على الطرح، وبذلك يكون قد وجّه رسالة إلى سفراء الخماسية وعلى رأسهم البخاري، بأن الفريق الذي يرعاه هو من يعرقل التفاهم والحوار، وسيفشّل المحاولات الراهنة للخماسية، التي إن أرادت أن تنجح عليها الضغط على حلفائها الداخليين أولاً".

"زلّة" جبور تفضح "سياديّة" معراب

في السّياق، اعتبرت "الأخبار" أنّه "لم يكُن ثمة ما يستوجِب الحديث عن الملف الرئاسي، لأن الجميع في لبنان والخارج، مقتنع بأنّ هذا "مش وقتو"، مهما علَت نغمة الإعراب عن الخشية والخيبة والتمنّيات. وبسبب هذا الاقتناع، انكفأت "اللجنة الخماسية" عن ممارسة "فولكلوراتها"، وذهب فريق لبناني، بعقلية التاجر، يُماطل لكسب الوقت ما أمكنه ذلك، ظناً بأن الحرب ستعزّز موقفه التفاوضي؛ حاسماً منذ الآن نتائجها لمصلحته".

وأشارت إلى أنّه "يتقدّم هذا الفريق حزب "القوات اللبنانية"، الذي يدّعي الحرص على موقع الجمهورية الأول، ويُطالب بفصل الملف عن الحرب في غزة، وعدم المراهنة على انتصارات تُصرف في الداخل. بينما، هو نفسه، وبشخص رئيسه، يُبدِع في مجالسه الخاصة بالرهانات على حرب إسرائيلية تُضعِف "حزب الله" وتأتي به "مخفوراً" إلى الطاولة، متخلّياً عن مرشحه للرئاسة. وهذه حقيقة لا يطمسها بيان رسمي يصدر من معراب، أو على لسان قائدها سمير جعجع، ولا تطاول نوابه و"نائباته" أو الناشطين المنظّمين على وسائل التواصل الاجتماعي".

وركّزت الصّحيفة على أنّ "ما يضمره هؤلاء، يتكفّل بفضحه دائماً مسؤول جهاز الإعلام في "القوات" شارل جبور. في واحدة من إطلالاته الأخيرة، أدلى جبور بدلوه عن حتمية سقوط "حزب الله" بعد "طوفان الأقصى،" مصرّاً على نسج سرديّات تظهر ما تأمله "القوات"، أكثر ممّا هي وقائع مثبتة، وعلى أوهام تحتلّ مخيّلة القواتيّين حول دورهم في قلب الطاولة وتغيير المعادلة الداخلية. غير أن انفعالاته قادته إلى أن يجنَح أكثر من ذلك، مطيحاً ليس فقط بالادعاءات التي تبني عليها "القوات" موقفها، بل أيضاً بـ"مصداقية" السعودية".

وفسّرت أنّ "لعلّ النقطة الوحيدة التي تستحق التوقف عندها في هذا السياق، قوله إن "القوات في حوار مفتوح مع السعودية"، وإن "المدخل لرئاسة الحكومة هو الرياض. ولا يُمكن الإتيان بأيّ رئيس من دون موافقتها، باعتبارها الممر الإلزامي للدخول إلى السرايا الحكومية".

وأضافت: "الأرجح أن جبور لم يقل ما قاله عن سابق تصور وتصميم، لأن ما كشفه له معنيان، الأول: أن "القوات" تكذب في شعار السيادة والموقف المستقل الذي تدّعي الدفاع عنه في وجه محور الممانعة "الخاضع للإرادة الإيرانية". فكلامه اعتراف واضح على لسان مسؤول قواتي بأن رئاسة الحكومة تقررها الرياض، وما تقرره السعودية تخضع له معراب "السيادية".

كما شرحت الصحيفة أنّ "المعنى الثاني لزلّة جبور، هو تكذيب السعودية، التي "حرصت" منذ بدء أزمة الشغور على "عدم التدخل" في الشأن اللبناني، وتحوّلت إلى منظّر شرس ضد الفساد والإتيان بشخصيات "مستقلة ونظيفة".

رهان على تحرك "الخماسية" لإخراج الاستحقاق من التأزم

على صعيد الملف الرئاسي أيضًا، لفتت صيحفة "الشرق الأوسط"، إلى أنّ "الرهان يتجدد على إمكانية إخراج الوضع السياسي من مرحلة تقطيع الوقت بانتخاب رئيس للجمهورية، بذريعة أن من يريد انتخابه لا يتحصن وراء التفاصيل، في إشارة إلى تبادل الشروط بين المعارضة ومحور الممانعة، ممثلاً برئيس المجلس النيابي نبيه بري، حول الإطار الدستوري لدعوة البرلمان إلى جلسة يراد منها إنقاذ الاستحقاق الرئاسي من التأزم الذي لا يزال يحاصره".

وأوضحت أنّ "هذا في حال أن الظروف الدولية والإقليمية الداعمة لإنجاز الانتخاب أصبحت ناضجة، بما يسمح لـ"اللجنة الخماسية" بمعاودة تحركها، كونها تشكل مجموعة دعم ومساندة للنواب، بتسهيل إنهاء الشغور الرئاسي الذي يدخل شهره الثالث والعشرين".

وذكرت الصّحيفة أنّ "الرهان يصطدم مجدداً بتمسك بري بمبادرته التي أطلقها بمناسبة ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا، وجاءت مطابقة لتلك التي أطلقها السنة الماضية في مثل هذه المناسبة، وبإصرار المعارضة على مبادرتها لانتخاب الرئيس تحت سقف الدستور، مستبقة بذلك الموقف الذي أعلنه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، بمناسبة ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية؛ لئلا يقال إنه هو من يتحكم بقرارها ويديرها لحساباته الخاصة".

وركّزت مصادر نيابية لـ"الشرق الأوسط"، على أنّ "بري ليس في وارد التخلي عن مبادرته تحت الضغط الذي تمارسه المعارضة، وهو يراهن على دور اللجنة "الخماسية"، التي تتشكل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، لإقناعها بتليين موقف المعارضة؛ بما يسمح بإعادة فتح أبواب البرلمان لانتخاب رئيس للجمهورية".

وأكّدت أن "أجواء التفاؤل التي يشيعها السفير المصري علاء موسى، بتوجّه "الخماسية" على مستوى السفراء، لمعاودة نشاطها بعد انقطاع مديد، تأتي في إطار حث النواب على التحرك للخروج من المراوحة لانتخاب الرئيس، وتقول إن لا موعد محدداً لاستئناف تحركهم؛ كونه يتوقف على مشاورات يجرونها مع مسؤولين في دولهم عن الملف اللبناني".

وشدّدت المصادر على أن "لقاء بري بالسفير السعودي وليد البخاري يأتي في باب التشاور، لإخراج انتخاب الرئيس من المراوحة"، مشيرةً إلى أنّ "اللقاء جاء بالتزامن مع انتقال البخاري إلى الرياض، للتشاور مع المسؤولين السعوديين، في ضوء وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى العاصمة السعودية، في سياق تكليفه بالإشراف على تطوير مشروع العلا الإنمائي والسياحي".

من جهتها، أفادت مصادر محسوبة على النواب الوسطيين لـ"الشرق الأوسط"، بأن "دعوة بري للتشاور تحظى بتأييد أكثرية ثلثي أعضاء النواب، لكن هذا لا يعني من وجهة نظره أن الطريق سالك للتشاور، وهو من تمنّى على عدد من سفراء "الخماسية"، لدى سؤالهم إياه ما العمل لتسريع انتخاب الرئيس، التواصل مع المعارضة، وتحديداً جعجع، سعياً لتليين موقفه؛ وهذا ما كان تبلغه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من القيادات التي تواصل معها طلباً لخفض منسوب التوتر في جنوب لبنان".

حركة دبلوماسية

من جهة ثانية وفي الوقت الذي انتهى فيه لبنان من ملف التمديد لقوات "اليونيفيل" لسنة كاملة، لفتت مصادر دبلوماسية لصحيفة "الجمهورية"، إلى أن "التحضيرات بدأت لمواكبة عدد من الملفات الأساسية، ولا سيما منها تلك التي يمكن ان تفضي الى تهدئة الوضع في جنوب لبنان سعيا الى تنفيذ القرار 1701، بعدما تعهد بها جميع القادة اللبنانيين، في وقت كل ما يجري على ارض الجنوب خارج مقتضياته وما قال به من إجراءات ما زال قائما. كما بالنسبة الى التحضير لمرحلة ما بعد هذه الحرب".

وبيّنت ان "وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب باشر التحضير لمحطتين مهمتين هذا الشهر، وابرزها الاجتماع المقرر عقده في مقر الامانة العامة للجامعة العربية في القاهرة على مستوى وزراء الخارجية العرب، المخصص في جانب منه للبحث في مصير اللجان الوزارية التي شكلت منذ أشهر عدة، وابرزها اللجنة الخماسية الخاصة بترتيب العلاقات مع الدولة السورية، بعد عودتها الى "الحضن العربي" في قمة الرياض العام قبل الماضي، والتي تعهدت بإجراء الاتصالات اللازمة من اجل اعادة النازحين السوريين، ومساعدة الدولة السورية على انهاء اعمال تهريب المخدرات التي خصصت لها مليارات عدة من الدولارات لمحاصرة الإتجار بها باتجاه دول الخليج العربي؛ ولم تتوقف بعد".

وكشفت المصادر عن "بدء التحضير لمشاركة لبنان في أعمال الجمعية العمومية لالامم المتحدة في دورتها السنوية، في النصف الثاني من ايلول الحالي، والتي من المقرر ان يراس فيها بوحبيب الوفد الرسمي اليها، وهو سيلقي كلمة لبنان على منبرها هذا العام".