بعد أشهر على بدء تحركات أهالي الأسرى في اسرائيل، عثر الجيش الاسرائيلي على 6 جثث، يقول أن أصحابها تعرضوا للقتل قبل وقت قصير من اكتشافهم، الأمر الذي فجّر المجتمع الاسرائيلي وحرك الشارع من جديد، فعمّ إضراب عام تضامنا مع ذوي الأسرى في غزّة ورفضا لعرقلة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو إبرام صفقة، وهو ما يعتبره بعض الاعلام في اسرائيل إنجازاً جديداً لرئيس المكتب السياسي في حركة حماس يحيى السنوار.
كذلك من ضمن الأسرى الستة تواجد الأميركي هيرش غولدبرغ بولين، وهو الذي سبق للأميركيين أن حصلوا على فيديو من حماس يؤكّد وجوده على قيد الحياة، ولكن استمرار الحرب وعدم التوصّل الى صفقة تبادل أوصلا الى مقتله، وهو ما يؤذي بشكل كبير الإدارة الأميركية التي كانت تمنّي النفس بحصول صفقة تبادل تُعيد من خلالها الأميركيين الأسرى، وتقدمهم الى الجمهور الأميركي بصورة انتصار، ولكن غياب الضغط الأميركي الحقيقي على نتانياهو جعل الأسير يعود محمّلاً الى أميركا، وسيكون لهذه الصورة انعكاس سلبي كبير على الشعب الاميركي على أبواب انتخابات رئاسية حساسة.
بالمقابل، فور بدء الدعوات الى الإضراب في اسرائيل سرت معلومات عن وقوف الإدارة الأميركيّة خلفها، وأنها قد اتخذت قراراً بتضييق الخناق على نتانياهو، ولكن بحسب مصادر سياسية متابعة فإنه حتى الساعة لا يمكن الجزم بأن الولايات المتحدة تقف خلفها، بالرغم من مصلحة الإدارة المذكورة بالوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، خصوصاً أنها تعتبر من أبرز المتضررين من إستمرار الحرب، نظراً إلى أنها كانت تراهن على هذه الورقة لتحسين أوراق الحزب الديمقراطي الإنتخابيّة، في مواجهة المرشّح المنافس عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب.
ترى المصادر أنه "من العوامل السلبية المؤثرة هو أن من بين الأسرى القتلى، الذين تم الوصول إلى جثثهم، أميركي، الأمر الذي يضاعف من الإنتقادات التي توجّه إلى الرئيس الحالي جو بايدن، ونائبته المرشحة الرئاسية عن الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، بينما هو لم يكن يحتاج إلى أزمة إضافيّة في المرحلة الراهنة".
في مطلق الأحوال، من المؤكّد أن الإدارة الأميركية، بالرغم من تراجع تأثيرها على المستوى الدولي مع دخول الولايات المتحدة مرحلة الإنتخابات الرئاسيّة، لا تزال تملك العديد من أوراق الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في حال رغبت، لكن على ما يبدو من المستبعد أن تقدم على ذلك، نظراً إلى أنها لا تريد أن تغضب الجماعات الضاغطة التي تؤيد تل أبيب داخل أميركا.
بحسب المصادر فإنّ الأيام القليلة المقبلة كفيلة بإظهار حجم التحركات وتأثيرها داخل الكيان، ومدى علاقة الأميركيين بها، علماً أن نتانياهو كان سبق وأعلن أن البقاء في محور فيلادلفيا أهم بالنسبة له من استرجاع الأسرى، خصوصاً أن هناك تقارير استخباراتيّة تؤكد أن عدد الأحياء منهم انخفض الى ما دون الستين أسيراً.
ترى المصادر أن الاميركيين الذين كانوا حتى الامس القريب لا يمارسون ضغوطاً حقيقية على نتانياهو يتحدثون اليوم عن اقتراح معدّل سيقومون بتقديمه الى اسرائيل وحماس خلال الفترة المقبلة، إنما من غير الواضح ما إذا كانت الحركة سترضى بأقل مما تُعلن وهو خروج الجيش الاسرائيلي من كل غزّة ووقف الحرب بالكامل.
لا تقلّل المصادر من أهميّة التحرّكات في اسرائيل، لكنها تعتبر أنّ استمرارها بنفس الزخم هو الاهم، لأن ّنتانياهو لن يرضخ بسهولة أمام ما يحصل في الداخل.