منذ منتصف الأسبوع الماضي، عاد الحديث عن الإستحقاق الرئاسي بقوة، إنطلاقاً من المواقف التي كان قد أدلى بها السفير المصري علاء موسى، بالنسبة إلى إعادة الزخم إلى عمل اللجنة الخماسية، التي تضم إلى جانب القاهرة، الرياض والدوحة وباريس وواشنطن، بالرغم من غياب المؤشرات الجدية حول إمكانية إحداث أيّ خرق يمكن التعويل عليه في هذا المجال.

وفي حين كانت تطرح علامات الإستفهام حول ما يمكن أن تقدّمه اللجنة الخماسيّة في هذا الوقت، في ظل الأوضاع الملتهبة على مستوى المنطقة، إنطلاقاً من العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة وجنوب لبنان، تبين سريعاً أن الجانب الفرنسي هو أبرز الساعين إلى إحداث خرق ما، بالرغم من أن التجارب الماضية أثبتت أن باريس غير قادرة على ذلك، طالما لم تحظَ بالغطاء اللازم من قبل القوى الإقليمية والدولية الفاعلة.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى اللقاء المنتظر بين المستشار الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، في الرياض هذا الأسبوع، والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، حيث تلفت إلى أن هذا اللقاء، الذي من المرجح أن يستتبع بجولة يقوم بها لودريان على بعض العواصم الأخرى، سيكون نقطة الإنطلاق لعودة الحديث عن حراك اللجنة الخماسية.

بالنسبة إلى هذه المصادر، هذا الحراك، من المستبعد أن يصل إلى أي نتيجة تذكر، في حال لم يترافق بتطور كبير على مستوى العدوان على غزة، يقود إلى وقفه بالدرجة الأولى، قبل البحث في إمكانية الوصول إلى إتفاق شامل حول المرحلة المقبلة، نظراً إلى أن باقي أعضاء الخماسية لديهم إهتمامات مختلفة، وما يعنيهم بالنسبة إلى الساحة اللبنانيّة هو منع خروج الأمور عن السيطرة جنوباً.

وتوضح المصادر نفسها أنّ الإدارة الأميركيّة الحاليّة، التي دخلت مرحلة ايلاء الأهميّة أكثر للإستحقاق الإنتخابي في الولايات المتحدة، تركز على ملف غزّة، على إعتبار أنه الورقة التي من الممكن أن تعزز فرص المرشّحة الديمقراطية كامالا هاريس، وهو ما ينطبق أيضاً على الجانب القطري الذي يلعب دوراً أساسياً في المفاوضات القائمة، بينما السعوديّة لا تبدو متحمّسة، في ظلّ المعطيات الحالية، إلى رعاية تسوية في لبنان بشكل مباشر، أما القاهرة فهي، بالإضافة إلى باريس، لا تملك القدرة على فرض تسوية.

إنطلاقاً من هذه المعطيات، من الضروري البحث عن الوقائع على المستوى الداخلي، التي كانت قد برزت في الأيام الماضية، لفهم حقيقة المشهد الرئاسي بشكل كامل.

في هذا المجال، تلفت مصادر نيابيّة، عبر "النشرة"، إلى أنّ الأمور لا تزال على حالها، حيث هناك قوى الثامن من آذار، التي تتمسك بترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، دون إظهار أي رغبة في تقديم تنازلات، بينما في المقلب الآخر هناك بعض قوى المعارضة التي ترفض هذا الترشيح بشكل مطلق، وتُصر أيضاً على رفض أيّ حوار طالما أن هذا الترشيح لم يُسحب، في حين هناك أفرقاء آخرين لديهم مواقف مختلفة، منها عدم معارضة الحوار، لا بل التشجيع عليه بمن حضر، مع التأكيد على رفض ترشيح فرنجية، أو عدم الممانعة في إنتخابه إذا كان ذلك من ضمن تسوية شاملة.

بالنسبة إلى هذه المصادر، المشهد المحلّي يعكس، بشكل أو بآخر، الخلافات القائمة على المستوى الخارجي، لكن الجانب الفرنسي، على ما يبدو، يراهن على إنتاج تسوية رئاسية، إنطلاقاً من معادلة فصل هذا الملف عن التطورات العسكرية في المنطقة، لكنها تشدد على أنّ هذا الأمر، من الناحية العملية، غير ممكن، بسبب الرهانات القائمة على تغيّرات، من الممكن أن تقود إليها تلك التطورات، بالإضافة إلى معادلة أن هذا الملف سيكون من ضمن سلّة تشمل ملفات أخرى.

في المحصلة، توضح المصادر أنّ الخلاف حول الانتخابات الرئاسية في لبنان متعدد الأوجه، يبدأ من الشخص الذي من المفترض أن ينتخب، ولا تنتهي عند المشروع الذي يحمله، بل تشمل أيضاً المهمات التي سيعمل عليها، كعلاقات لبنان الخارجية لا سيما مع الدول العربية وسلاح "حزب الله" والأوضاع المالية والإقتصادية، وتضيف ان "أيّ تسوية لا يمكن أن تتجاهل كل هذه الملفات، ليتم الإتفاق على إسم الرئيس فقط، ولذلك لن يكون من السهل الوصول إلى إتفاق، خصوصاً أن فرضيّة الإنتخاب من دون تسوية غير واردة على الإطلاق".